عثرت مصالح الدرك الوطني لتيميمون صبيحة أمس على 10 مزارع للقنب الهندي والعفيون تقدر مساحتها الإجمالية ب15 هكتارا بقصر أجدير ببلدية شاروين، وألقت القبض خلال هذه العملية على 6 أشخاص كانوا يشتغلون بهذه المزارع، التي يتم حاليا التحقيق بشأنها والتي تعد ثالث اكتشاف من نوعه بولاية أدرار، ما يؤكد الاعتقاد بأن عصابات التهريب تسعى إلى تحويل زراعة المخدرات إلى الجنوب الجزائري لتخطي الطوق الأمني المشدد وتجنب صعوبة تهريب هذه السموم عبر الحدود·
وتبين الحصيلة الضخمة لمصالح الدرك الوطني حول عمليات اكتشاف المزارع ونبتات المخدرات في سنة 2007 أن الظاهرة أخذت شكلا أخطر مما كانت عليه حيث لم تعد الجزائر تمثل بلدا لعبور هذه السموم فحسب، وإنما يراد جعلها أرضا خصبة لزراعتها والترويج لها، وبالتالي تحويلها من بلد مستهلك إلى بلد منتج لمختلف أنواع المخدرات· وقد تطورت الأمور خلال السنوات الأخيرة بشكل يجعل هذه الظاهرة خطرا حقيقيا بالنظر إلى مجموعة من المعطيات، من بينها الأرقام المعبرة عن الكميات التي حجزتها من قبل مصالح الأمن المختلفة، والتي بلغت في ظرف أسبوع واحد فقط بداية الشهر الجاري أزيد من 2،5 طن من الكيف المعالج، فيما أصبحت عمليات الحجز تشمل أيضا عدد مزارع القنب الهندي ونبتات العفيون والخشحاش التي يتم العثور عليها يوميا· وفي هذا الإطار نفذت مصالح الدرك الوطني في إطار تحرياتها ونشاطها الخاص بمكافحة المخدرات على 13 عملية تخص حجز واكتشاف كميات من المخدرات في شكلها الأولي، أي في شكل نبتات مجموعة في أكياس أو مغروسة في مزارع تم العثور عليها في الجنوب الجزائري وفي ولاية بجاية· ففي بشار حجزت المصالح المذكورة في مارس 2007، قرابة 1620 نبتة من القنب الهندي و136 نبتة من الخشحاش، فيما حجزت في شهر جوان من نفس السنة 3،9 كلغ من مادة الخشحاش· في حين نفذت المصالح المذكورة بولاية أدرار أربع عمليات كبيرة لحجز المخدرات، تم خلالها ولأول مرة اكتشاف مزارع لإنتاج هذه السموم، وتمت أول عملية في 7 أفريل 2007 حيث عثرت فرقة الدرك المتخصصة ببلدية أوقروت على مزرعة بها أكثر من 2060 نبتة من القنب الهندي، وبعد ذلك بأقل من أسبوعين عثر الدرك الوطني بقصر الكاتيس ببلدية تنركوك على مزرعة أخرى، تم بها حجز 4068 نبتة من القنب الهندي، 15 كيسا معبأة بكميات أخرى من نفس المادة و190 نبتة من القنب المجفف· وإذا كانت هذه الاكتشافات تؤكد الطرح القائل بأن مافيا المخدرات تسعى من خلال تحويل مناطق الجنوب الغربي للجزائر إلى أراض خصبة لإنتاج شتى أنواع المخدرات وذلك لتجاوز الطوق الأمني المشدد المفروض عليها من قبل مصالح الأمن المختلفة، وبذلك تحول نشاطها من التهريب عبر الحدود إلى الإنتاج داخل الأراضي الجزائرية، فإن عدد العمليات التي نفذتها مصالح الشرطة والدرك الوطني بولاية بجاية تؤكد من جهتها بان الأمر لا يقتصر فقط على إيجاد بديل لحركات التهريب عبر الحدود مع المغرب وإنما يتعلق بنشاط أوسع، تسعى منه شبكات المخدرات إلى تعميم إنتاج المخدرات وفرض استفحال إنتاجها على مستوى مختلف ولايات الوطن· وقد نفذت مصالح الدرك الوطني العام الماضي 7 عمليات بولاية بجاية، أسفرت الأولى، عن حجز 500 نبتة من القنب الهندي ببلدية توجة منها في 30 جويلية 2007، ما دفع بالمصالح الأمنية إلى تكثيف تحرياتها التي توجت في اليوم الموالي بحجز كمية أخرى مقدرة ب538 نبتة من نفس المادة وبنفس البلدية، هذه الأخيرة التي اتضح فيما بعد بأنها تحولت إلى جنة للمخدرات، تم بها في 7 أوت من نفس السنة حجز 100 نبتة أخرى من القنب الهندي، لتصل تحقيقات الدرك الوطني إلى اكتشاف مصدر تلك الكميات من السموم التي كان احد المزارعين، يقوم بانتاجها في حقل زراعي ببلدية "فناية إلماتن" حيث تم العثور على 510 نبتات من القنب الهندي و9,7 كلغ من الكيف المعالج علاوة على 290 غرام من بذور القنب الهندي· كما تم في نهاية شهر أوت وبداية شهر سبتمبر العثور على مزرعة أخرى لإنتاج القنب الهندي بتوجة، حيث تم حجز 650 نبتة، و1034 نبتة أخرى تم اكتشافها مخبأة في 5 مناطق مختلفة بغابة تين الزيت بنفس البلدية· على صعيد آخر سجلت المصالح المتخصصة خلال العام الماضي ارتفاع الكميات المحجوزة من المخدرات، وخاصة منها القنب الهندي، حيث تم خلال الثلاثي الأول من سنة 2007 حجز ما مقداره 8،5 طن من هذه المادة، إضافة إلى كميات معتبرة من الأقراص المهلوسة، والأخطر في كل هذا أن العديد من المختصين يعتبرون بأن هذه الكميات المحجوزة لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من الكميات التي تهرب عبر الجزائر إلى بلدان أخرى وتلك التي توجه إلى الاستهلاك من خلال شبكات الترويج المحلية· كما أن العمليات المنفذة بنجاح من قبل مصالح الامن المختصة في مكافحة المخدرات تبين بأن الأمر تعدى الأمر الأنواع التقليدية من المخدرات إلى ما يعرف بالمخدرات "الصلبة" حيث تم في جويلية 2006، حجز 6 كلغ من الكوكايين في ولاية الطارف، بينما أثارت مصادر إعلامية في الأسابيع الأخيرة قضية الحاوية المعبأة بالكوكايين التي تم العثور عليها بميناء الجزائر· وبالموازاة مع الارتفاع الكبير للكميات المحجوزة ومع سعي شبكات تهريب المخدرات إلى تحويل نشاطها من الاستيراد إلى الزراعة المحلية لهذه السموم، فإن الآثار الخطيرة لترويج المخدرات في المجتمع الجزائري أخذت أبعاد أخرى، مع ارتباط هذا النشاط المحظور بنشاطات أكثر خطورة وعلى رأسها ظاهرة الإرهاب التي أكدت كل الدراسات التي أجراها الخبراء الدوليون أنها تتغذى من نشاط المتاجرة بالمخدرات· كما كشفت التحريات الأمنية حول العمليات الإرهابية المقترفة في الجزائر الصلة الوطيدة بين منفذي العمليات وتعاطي المخدرات، في حين تتعمم الآثار الخطيرة لهذه الآفة على عدة فئات من المجتمع وبالخصوص الشباب منهم، حيث قدرت المصالح الطبية المختصة عدد المدمنين الذين تم التعامل معهم خلال العشر سنوات الأخيرة ب 20 ألف مدمن·