قبل أيام، حدثني أحد المقربين من دائرة القرار في الاتحاد الجزائري لكرة القدم، بأن المدير الفني الوطني رابح سعدان، والمدير الفني للمنتخبات الوطنية بوعلام شارف، ومدربي المنتخبات الوطنية للفئات الشبانية، قد حُرموا من تناول وجبة غداء في المركز الوطني للمنتخبات الوطنية بسيدي موسى، بقرار “فوقي”، لا أحد إلى يومنا يعرف مصدره، وهو ما أحدث حالة استنفار قصوى لدى التقنيين الجزائريين الذين أحسوا بإهانة كبيرة دفعت سعدان إلى تقديم استقالته المكتوبة من منصبه، في انتظار استقالات أخرى قد تفرح بعض المقربين من الاتحادية الذين يريدون إبعاد التقني الجزائري من الإشراف على الفئات الشبانية لمختلف المنتخبات الوطنية، وتعويضهم بإطارات أجنبية لشيء في نفس يعقوب. هذا مثال صغير عما يحدث يوميا من تجاوزات خطيرة في كرة القدم الجزائرية، لم يستطع رئيس الاتحاد الجزائري إيقاف المهازل التي سئمنا سماعها، منذ قضية عضو المكتب الفدرالي ولد زميرلي، إلى قضية عدم مشاركة رابح سعدان في مؤتمر “الفيفا” الذي عُقد بلندن بسبب عجز الاتحادية من استخراج تأشيرة لعميد المدربين الجزائريين، وقضايا أخرى قد تهز الكرة الجزائرية في الأيام القادمة، خاصة في ما يخص تسيير الرابطات، والتعفن السائد في سلك التحكيم، والعنف الذي بدأ الأسبوع الماضي بأحد ملاعب العاصمة، وأمور أخرى لم تتمكن الاتحادية من السيطرة عليها، وقد تعصف بكرتنا بخطى ثابتة إلى الوراء بعدما كنا ولسنوات نحتل المراتب الأولى إفريقيا، وننافس حتى أشهر المنتخبات العالمية. عندما يقول رابح سعدان شيخ المدربين الجزائريين إن استقالته مردها إلى عدم تمكنه من العمل في الظروف الحالية التي تسير فيها الكرة الجزائرية، وأنه تعرض إلى مؤامرة حيكت ضده، كي لا يشارك في مؤتمر لندن، وتعويضه في خطة مدبرة وبتواطؤ من الذين يحسون بأني أضايقهم في أداء “مهامهم النبيلة”، وأنه أحس بأن لغة الخطاب لدى الاتحاد الجزائري قد تغيرت، وتغيرت معها الكثير من الأمور، ولا يمكنني أبدا أن أشتغل وسط هذه الظروف، واستقالتي نهائية ولا رجعة فيها. علينا أن نطرح مئات الأسئلة عن الذي يحدث في الكرة الجزائرية، فعندما ينتفض الشيخ سعدان ويفجر قنبلة استقالته أياما قبل لقاء البنين، علينا اليوم أن ندق ناقوس الخطر، ونؤكد أن الكرة الجزائرية ليست على ما يرام، فبدل الاستفادة من التجربة الكبيرة لسعدان نخرجه من الباب الضيق، ونترك الكرة الجزائرية ومستقبلها في أيدي من يتلاعبون بها. ألم يسأل الوزير نفسه، لماذا استقال سعدان، وهو المتعارف عليه بالحكمة والوقار، وماذا تنتظر الدولة لفتح ملف كرة القدم وطريقة تسييرها قبل فوات الأوان. أنا متأكد لو تفتح في الحين ملفات الكرة الجزائرية، والطمع والجشع الذي يملأ عيون بعض مسيريها، وكيفية التلاعب بقوانينها حسب أهواء البعض وقوة البعض الآخر، لأصبحنا مضحكة على الأقل عند جيراننا الذين في وقت من الأوقات أخذوا التجربة الجزائرية كمنهج لهم أوصلهم إلى نهائيات كأس العالم ومشاركة تونس والمغرب ومصر خير دليل على ذلك. ندائي إلى المسؤولين في هرم السلطة، وخاصة المسؤول الأول عن القطاع أن يستدعي سعدان إلى مكتبه، ويسمع منه ما يحدث في الكرة الجزائرية، يومها أنا متأكد من أن الأقنعة ستسقط، فالكرة الجزائرية أصبحت في خطر والتدخل لإنقاذها مهمة الجميع والوزير حطاب عليه التدخل في أقرب وقت ممكن، قبل أن يقع الفأس على الرأس، حينها لا ينفع الندم.