تتزامن زيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى الجزائر مع انخفاض في أسعار النفط إلى أقل من ستين دولارا للبرميل، وهي فرصة للطرف الجزائري كي يعود إلى دوره التقليدي في البحث عن توافق بين فرقاء منتجي النفط، أملا في دفع أسعار النفط نحو التعافي. ولم يصدر أي تأكيد أو نفي من قبل الطرفين الجزائري والسعودي، بشأن زيارة بن سلمان إلى الجزائر، كما أن الديوان الملكي السعودي تحدث عن جولة يقوم بها ولي العهد إلى عدد من الدول العربية قبل مشاركته في قمة العشرين بالأرجنتين، لكنه لم يشر صراحة إلى الجزائر. ومع ذلك تبقى كل المؤشرات تقود إلى التسليم بأن هذه الزيارة باتت مسألة وقت. وفي تطور مخيف بالنسبة لحكومات الدول التي يقوم اقتصادها على الريع النفطي، نزلت الأسعار إلى 59 دولارا لبرميل نفط خام برانت (النفط الجزائري)، أما الاتهامات بالتسبّب في هذا الوضع، فهي موجهة إلى الرياض باعتبارها أكبر منتج ومصدر للذهب الأسود. وتستند هذه الخلاصة إلى تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لم يتوقف عن شكر المملكة العربية السعودية على دورها في خفض أسعار النفط. وكانت الأسعار قد شارفت على عتبة التسعين دولارا مطلع الشهر الجاري، مدفوعة بتداعيات العقوبات الأمريكية على إيران، وتعقيدات جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشجقي بقنصلية بلاده في اسطنبول التركية، لكنها عادت إلى الانهيار، حيث فقدت أكثر من عشرين دولارا في ظرف أسبوعين فقط. وكان وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، قد وعد بتعويض نفط إيران في الأسواق العالمية بمعية الإمارات العربية المتحدة، بعد دخول العقوبات الأمريكية على إيران حيز التنفيذ، وهو المعطى الذي أثر بشكل كبير على توجهات أسعار الذهب الأسود. والمخيف في الأمر، هو أن الرئيس الأمريكي لا يزال يصر على خفض الأسعار رغم نزولها من عتبة الستين دولارا، وذلك عبر الضغط على المملكة العربية السعودية من أجل ضخ المزيد من شحنات النفط لتعويم الأسواق العالمية. ومن هذا المنطلق، تبدو زيارة ولي العهد السعودي فرصة للطرف الجزائري كي يفعّل جهوده لإنقاذ أسعار النفط من الاستمرار في الانهيار، لا سيما أن الأمر يتعلق بدولة محورية في منظمة الدول المصدرة للنفط، بطاقة إنتاج قد تصل إلى 12 مليون برميل من النفط يوميا، وفق التزام وزير النفط السعودي خالد الفالح سابقا. وكانت قمة الجزائر للدول الأعضاء في منظمة الأوبك في 2016 قد قادت هذه المنظمة إلى تخفيض معروضها من النفط، ما أدى إلى تعافي الأسعار بعد ذلك، غير أن المسألة هذه المرة تبدو أصعب من ذي قبل، لأن تعاطي الرياض بخصوص أسعار النفط لم يعد بيدها، جراء توظيف الرئيس الأمريكي ثقل جريمة اغتيال خاشقجي، في الضغط على السعودية من أجل الانصياع لنزوات جشعه الذي يأبى التوقف، مقابل تخفيف الضغط الدولي عليها.