كلّ الأحزاب والمترشحين، ينشدون أغاني التغيير، لكن لا أحد منهم أخبر الجزائريين، عن المقصود بالتغيير، تغيير من وماذا وكيف ولماذا؟، وإذا تم تحليل الواقع السياسي في البلاد، فإن هذه التشكيلات، ومنها أحزاب التحالف الرئاسي تشارك قلبا وقالبا في الحكومة وتسيير البرلمان والمجالس المحلية المنتخبة، وعدد من الهيئات الوطنية. الدعوة إلى التغيير، تستوجب التأكيد بأن هذا التغيير في حال حصوله، فإن أحزاب من عيار الأفلان والأرندي وحمس والإصلاح والعمال والأفنا، إلى جانب عدد من الأحزاب المجهرية، ستجد نفسها في سلة المهملات، على إعتبار أنها "متورطة" في تسيير وإدارة المؤسسات التي تطالب بإحداث التغيير داخلها، علما أن هذه التشكيلات لا تعرف تقليد الإستقالة والإنسحاب بشرف، عندما يتعلق الأمر بسوء التسيير وتسيير السوء والعجز والإفلاس وإنكشاف الفضائح المتصلة بالنهب والإختلاس. لا يمكن لدعاة التغيير، من الأفلان والأرندي وحمس وغيرها، أن تخفي أو تنكر عدد وزرائها المتواجدين ضمن الطاقم الحكومي، ممن تبوؤا عدة حقائب وزارية وخلال عدة سنوات، ولا يمكن لهؤلاء، أن يتبرؤوا من نوابهم الذين رفعوا أيديهم وقضوا "سنوات العسل" بمبنى البرلمان، ولا أحد من أولائك، بقدرته أن ينفي تواجد العشرات من منتخبيه بالمجالس المحلية، البلدية منها والولائية، فأيّ تغيير إذن يقصدونه؟. التغيير، حسب ما قد يفهمه بعض الناخبين، هو رحيل ممثلي كل الأحزاب التي جرّبت حظها داخل الحكومات المتعاقبة والمجالس الشعبية الوطنية والمجالس المحلية المنتخبة، غير أن الوقائع الميدانية، وإحصائيات وزارة الداخلية، واللوحات الإشهارية وكذا الحملة الإنتخابية، كشفت وأثبتت بأن نسبة مهمة أو أغلبية مطلقة، من المترشحين لعضوية البرلمان الجديد، هم من العناصر التي سيّرت في وقت سابق وزارة أو جلست على مقعد برلماني أو شاركت في تركيبات المجالس المحلية !. وإذا كان دعاة التغيير، يقصدون تغيير البرامج وليس الرجال، فإن الملاحظ من البرامج التي عرضتها أغلب الأحزاب والمترشحين، أنها برامج تختلف في الشكل وتلتقي في المضمون، لأنها بالمختصر المفيد، هي برنامج رئيس الجمهورية !، فهل يمكن لهؤلاء أن يطالبون بالتغيير، وهم في الواقع السياسي أثبتوا إفلاسهم وعجزهم عن صياغة برامج إنتخابية تنافسية، قادرة على إغراء وإستدراج الناخبين؟، الأكيد أن تطفل تلك الأحزاب على برامج غيرها، واللّجوء أحيانا إلى "السّرقة" من برنامج الرئيس، بهدف التمييع ومخادعة الناخبين، يستوجب إحداث تغيير داخل تلك الأحزاب التي تنادي بالتغيير !. وبالعودة إلى تركيبة البرلمانات والحكومات "التعدّدية" السابقة، ومنها حكومات الإئتلاف والتحالف الرئاسي، فإن التغيير يصبح مجرّد أغنية تصمّ الأذان، فلا الأفلان ولا الأرندي عندما سيطرا على الأغلبية البرلمانية، وترأسا الجهاز التنفيذي، تحدثا عن التغيير ونجحا في إحداثه مثلما يغنيان خلال الحملات الإنتخابية، ولا حمس التي تدعّي أنها تشارك في الحكومة وليس الحكم، أحدثت التغيير الذي تنادي به الآن، رغم أنها شاركت في الحكومات المتعاقبة ودخلت البرلمان والمجالس المحلية من أبوابها الواسعة. كذلك، العديد من الأحزاب الأخرى والأحرار، تواجدوا لعدة سنوات بالبرلمان والمجالس المحلية، وفشلوا بدورهم في التغيير الذي يدعون إليه حاليا، فهل الأمر مرتبط فقط بالخطابات الموجهة للإستهلاك الإعلامي والإنتخابي؟..يعتقد مراقبون، بأن التغيير لن يحصل بالكلام وإنما بالأفعال، وهو قبل ذلك، ليس قوة سحرية تقول للشيئ كن فيكون، فماذا غيّر دعاة التغيير بمشاركتهم في برلماني 1997 و2002 وحكومات أويحيى وحمداني وبن بيتور وبن فليس وبلخادم؟. الحسابات السياسية والإنتخابية، ولعبة التوازنات داخل الحكومة والبرلمان، ظلت دائما حجرة في حذاء الأحزاب التي أصبحت توفد وزرائها ونوابها إلى مبنى زيغوت يوسف وقصر الدكتور سعدان وكذا إلى "مغارات" المجالس المحلية، من أجل النوم والكسب والكذب والنهب وجمع الغنائم والريوع، ولذلك تنفجر القنابل وتندلع الحروب عند كل تغيير أو تعديل حكومي وقبيل كل موعد إنتخابي، بين الراغبين في الإستوزار والترشح(..)، ليبقى التغيير متعلقا فقط بتغيير المناصب والمكاسب وتغيير الأدوار والمواقع والزمر الإنتخابية المتهارشة على تغيير الواجهة ! جمال لعلامي:[email protected]