أحوال بعض المدن والمداشر لا يمكن وصفها سوى "بالكرنفال في دشرة" وجولة قصيرة إلى ولاية خنشلة مثلا تجعلنا نجزم أن الحملة فعلا ضد التحضر، وللأسف تشارك الأحزاب الكبرى في الكثير من التجاوزات، خاصة باستعمالها لمكبرات الصوت المزعجة لعامة الناس، فمداولة الأفلان في قلب خنشلة توجد بمحاذاة مسجد الأمير عبد القادر وتقدم على الدوام شريطا غنائيا للشابة يمينة "ابنة عين امليلة" والتي تطالب فيه المواطنين بالانتخاب، ومنذ اطلالة بلخادم على خنشلة تغيرت الأمور وأصبحت مكبرات الصوت تقدم الكلمة الموجزة التي قالها الأمين العام لجبهة التحرير الوطني وتكررها إلى درجة أن بعض السكان المجاورين للمداومة حفظوا الكلمة عن ظهر قلب.. ولكن لا نضمن التصويت للحزب.. الميزة الوحيدة أن مكبرات الصوت يوقف بثها للغناء والخطاب كلما ارتفع صوت الآذان إحتراما للنداء الخالد، ومع ذلك فإن شرفات مسجد الأمير عبد القادر تم استعمالها في تعليق لافتات وحتى صور المترشحين الأفلانيين بخنشلة، أما تنقلات الأحزاب إلى دوائر ومداشر الولاية فهي كرنفالات حقيقية تشارك فيها كل الأحزاب بدون استثناء، حيث تتنقل عبر موكب يضم ما بين 15 إلى 25 سيارة وسط الهتافات وأبواق السيارات وتعود بذات الطريقة وكلها تتحدث عن انتصارات ساحقة مسبقة. ولا يكاد يختلف الوضع في ولاية تبسة المجاورة لخنشلة، حيث يقوم الحزب العتيد باستعمال مكبرات الصوت لنقل أناشيد وطنية وخطب بلخادم، إضافة إلى استعماله لسيارة يشيد فيها بمترشحي الحزب في الولاية الحدودية والسيارة المستعملة ضخمة من نوع "ميتسيبيتشي" تطالب المواطنين بالإلتحاق بالمداومة، وللأسف فإن مكبرات الصوت تتواصل في إشهارها ودعايتها أحيانا إلى غاية العاشرة مساء، وتعيش أحياء الزاوية ولاكومين وحي المطار والطريق الاستراتيجي ووسط المدينة، هذه الأجواء إضافة إلى بلديات أخرى تنام وتصحو على المكبرات الداعية للإنتخاب مثل بوخضرة ومرسط والكويف، بينما تختفي نهائيا هذه الأجوء في الونزة والشريعة وبئر العاتر والعقلة لأسباب ربما عروشية بحتة، وتتواجد مداومة الأفلان في تبسة في سينما المغرب ومكبرات الصوت موجودة داخل المقر ويمكن سماعها خارج المقر ببضعة أمتار.. وجنوب تبسة فإن وادي سوف تظهر لزائرها وكأنها في حالة عرس من دون انقطاع بالرغم من أن عدد العرسان الذين سيزفون إلى العروس البرلمانية هو ستة ولكن "المندبة" كبيرة هذه الأيام.. بل وضخمة جدا ونرجو أن يكوت الميت.. هذه الأجواء تكاد تختفي في المدن الكبرى، اللهم مع اقتراب نهاية الحملة الانتخابية، إلا أن جدران المدن برغم التحذيرات والمنع طالتها الملصقات التي شوهتها وألحقتها ببقية المداشر. كل المداومات بدون استثناء تضع حاليا الرتوشات الأخيرة لتقديم عرسانها ولكل طريقته في التقديم ما بين صامت يبحث من أين تؤكل الكتف وصارخ يريد التهام الأسماع قبل الأصوات، وفي كل الحالات كل الطرق تؤدي إلى البرلمان سواء بصوت ينافس الآذان أو أبواق تزعج المتمدرسين أو مداومات قرب العيادات الطبية. ب. عيسى