"قل لي أين تقيم أقول لك من تكون"... هذا الشعار قد ينطبق تماما على حال الأحزاب السياسية بغرب البلاد وهي تختار مواقعها سواء عن قصد أو بدونه لتكون واجهاتها عند المواطنين المزمع استمالة أصواتهم يوم الامتحان الأكبر، وفي هذا السياق يرى كثيرون أن اختيار التشكيلات الباحثة عن حصتها تحت قبة البرلمان مازال اعتباطيا لا يحترم المقاييس.. فلا يهم مقهى أو دكان أو حتى محل فاست فود.. المهم هو مكان يليق بتعليق الصور ورفع الشعارات، والأهم إطلاق العنان لمكبر الصوت من أجل ترديد الأناشيد الوطنية إذا كان الحزب هو الأفلان والأرندي، أو دينية إذا كان الحزب إسلاميا أو تحت غطاء إسلامي. ولكن معظم الأحزاب اختارت أن تكون مداوماتها الانتخابية على حسب إمكانياتها المادية ونفوذها السياسي في الولاية. فأحزاب التحالف الرئاسي اختارت أن تكون في وسط المدن وعبر مقرات مريحة مثل الفيلات والمساكن الراقية سواء تلك التابعة للأشخاص أو للحزب، في حين اختارت الأحزاب المصنفة "مجهرية" مقرات صغيرة وفي أمكنة تبدو منعزلة عن الضجيج السياسي، ففي وهران مثلا يوجد مقر الأفلان الذي شهد أكبر الحروب الطاحنة وتصفية حسابات بين الإخوة الأعداء في نهج الأمير عبد القادر بمحاذاة عدة مراكز مثل فندق تيمقاد، وأمام محلات ديسكو مغرب الفنية التي ارتبطت بالراي، وغير بعيد يوجد مقر حزب عهد 54 الباحث عن سرقة أصوات من الوعاء الانتخابي للأفلان، كما أن حزب الجبهة الوطنية المعترض على تصرفات الإدارة ووالي وهران بالتحديد، فقد اختار رئيسه أن يحول مقهى شعبي يملكه إلى مداومة. أما في بلعباس، فقد اختار الحزب العتيد مكانين، الأول هو المحافظة الموجودة في شارع محمد الخامس الذي يعتبر الشريان النابض للمدينة، ويقابله مقهى وقاعة حفلات رجل الأعمال بغداد بن عيسى الذي كان رئيسا لفريق اتحاد بلعباس وعرف المكان حربا طاحنة بين الطرفين خلال السنوات الأخيرة، أما المكان الثاني فهو مقر المداومة التي فتحها النائب البرلماني محمد لبيض الباحث عن تمديد عهدته من خلال تصدر القائمة، وقد كان مقره الواقع فوق بعض المطاعم ومقهى شعبي المامونية حصنا للجناح التصحيحي خلال فترة الأزمة الداخلية، ولم تنقطع عنه الأناشيد الوطنية والحزبية منذ مدة رغم ما تثيره من إزعاج للمارة، خصوصا لأولئك الوافدين على المركز الثقافي بن غازي الشيخ. أما حمس والإصلاح فمقراتهما في بلعباس فقيرة وآيلة للانهيار تماما مثل الانهيار السياسي الذي سقطت فيه هذه الأحزاب محليا.. ولا تختلف أمكنة الأحزاب في بقية الولايات عن قاعدة "على قدر فراشك السياسي مدد رجليك"، ففي تلمسان اختارت معظم الأحزاب مقرات رمزية تحيل إلى الموروث الحضاري لعاصمة الزيانيين، كالأفلان الذي يجاور المسجد الكبير عند مدخل المدينة، وحمس التي اختارت أن تكون بمحاذاة مدرسة ابن خلدون ودار الحديث رغم نفي مسؤولي هذه الأخيرة أي صلة لهم بالمشروع السياسي لحركة أبوجرة سلطاني، فيما اختار الأرندي أن يستميل أنصار فريق وداد تلمسان من خلال مجاورته لمقره. وقد كان ملفتا جدا ما قامت به قائمة "المستقبل" الحرة التي اختارت أن يكون مقرها في حي "بودغن" الذي غزته عصابات الإجرام.. أما في ولاية الشلف فلا تبدو الأحزاب السياسية مرتاحة جدا، بل اختارت أن تكون مقراتها عبارة عن محلات سابقة ومكتبات، وذات الأمر بالنسبة لولاية بشار، مع التركيز على التواجد في وسط المدينة بحثا عن مركز استقطاب شعبي، حتى وإن كان معظم المواطنين يتساءلون عن "هذه المقرات التي تبعث فيها الحياة في المناسبات ولا تدب فيها الروح في بقية الأيام الأخرى.. قادة بن عمار