انتهت الزيارة التي قادت ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى الجزائر، لكن من دون تحقيق ما كان مأمولا من الطرف الجزائري، ومقابل ذلك حققت السعودية مكاسب دبلوماسية وسياسية، فاقت ما حققته في كل الزيارات التي سبقت قدومه إلى الجزائر. وبينما لا تزال المكاسب السياسية للجزائر غير واضحة من جراء هذه الزيارة، شكلت النتائج الاقتصادية لهذه الزيارة نكسة للمتابعين وللحكومة أيضا، بالنظر إلى الآمال التي كانت معقودة عليها، حيث لم تتجاوز 100 مليون دولار في صورة استثمارات في بعض القطاعات غير الاستراتيجية. أهم ما طبع هذه الزيارة كان إلغاء استقبال الرئيس بوتفليقة لولي العهد السعودي، وفق ما كان مبرمجا، وقد أُرجع السبب إلى الظروف الصحية للرئيس بوتفليقة، جراء تعرضه لنزلة برد حادة، كما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية. وقد توجت هذه الزيارة بالاتفاق على إنشاء مجلس أعلى للتنسيق الجزائري- السعودي لتعزيز التعاون في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية، يرأسه عن الجانب الجزائري، أحمد أويحيى وعن الجانب السعودي ولي العهد محمد بن سلمان. ولم يشر البيان الختامي لهذه الزيارة إلى مخرجات المباحثات الثنائية، حول ما يمكن أن تقدمه المملكة السعودية على صعيد مساعي إنقاذ أسعار النفط من التدهور، على اعتبار أن الرياض هي المتسبب الرئيسي في انهيار الأسعار في الأسابيع الأخيرة من مشارف التسعين دولارا للبرميل إلى ستين دولارا فقط، بعد ضخها ملايين البراميل من النفط خارج ما تم الاتفاق عليه في الاجتماعات الأخيرة لمنظمة الدول المصدرة للنفط أوبك. ومن هذا المنطلق، يمكن القول إن الجزائر لم تجن من زيارة بن سلمان غير انتقاد المنظمات الحقوقية وبعض المثقفين والناشطين الموقعين على عريضة تنتقد هذه الزيارة بسبب جريمة اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي. وإن كانت مخرجات الزيارة من الناحية الاقتصادية شكلت خيبة كبيرة للطرف الجزائري، إلا أن البعد السياسي قد لا يكون كذلك، لأن ما يجري خلف الأبواب المغلقة لا يصرح به عادة. وفي هذا الصدد، لا يستبعد أن تكون الجزائر قد حصلت على تطمينات بشأن تغيير موقف المملكة من بعض القضايا التي تهم الجزائر وعلى رأسها القضية الصحراوية. ومعلوم أن هذه القضية (الصحراوية) ستشهد اليوم محطة حاسمة بمدينة جنيف السويسرية، التي تشهد مفاوضات بين المغرب وجبهة البوليزاريو بحضور كل من الجزائر وموريتانيا، ويعتقد أن موقف العربية السعودية بخصوص هذه القضية ينطوي على أهمية كبرى، لأن الرياض قادرة على استمالة ممالك وإمارات الخليج عندما تقرر بلورة موقف بشأن قضية ما. وعليه يمكن القول إن الجزائر نتظر من المملكة العربية السعودية موقفا داعما لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، في الوقت الراهن، لأن عامل الزمن له وزنه في مثل هذه المسائل.