بعد أن جمدت تطبيق الضريبة على الوقود التي كانت وراء التحركات في الشارع، واصلت الحكومة الفرنسية التراجع، الأربعاء، واعدة بمراجعة الإصلاحات الخلافية حول الضريبة على الثروة، على أمل منع تكرار ما حصل، السبت الماضي، من أعمال عنف خلال تظاهرات السترات الصفراء. ويبدو أن إعلان رئيس الحكومة إدوارد فيليب عن سلسلة من التنازلات بشأن أسعار الوقود والضريبة على الكربون، لم يقنع غالبية المتظاهرين بالخروج من الشارع. وقام المتظاهرون بفك الطرقات حول مخزنين للوقود، الأربعاء، في حين أن غالبية السترات الصفراء يرفضون "الإجراءات المتواضعة" للحكومة، ويتوعدون بمواصلة تحركهم في الشارع. وقال بنجامين شوكي الذي يعتبر أحد وجوه التحرك: "الفرنسيون لا يريدون الفتات يريدون تحقيق كل مطالبهم". في حين اعتبر خبير العلاقات الاجتماعية ريمون سوبي، أن الخطوات التي قامت بها الحكومة "أتت متأخرة". وتواصلت في كل أنحاء فرنسا الدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي للتحرك مجدداً، السبت المقبل. ودعا إريك دروويه، أحد أبرز وجوه حركة الاحتجاج، "إلى العودة إلى باريس"، السبت، "قرب مراكز السلطة مثل الشانزليزيه وقوس النصر والكونكورد". وهذا هو أكثر ما تخشاه السلطات الفرنسية التي لا تزال تحت تأثير الصدمة بعد مظاهر العنف التي شهدتها هذه المناطق السبت الماضي، وتراوحت بين رفع سواتر وحرق سيارات ونهب محلات والاشتباك مع عناصر الأمن. وقد تم التداول بهذه الصور في كافة أنحاء العالم، ما أدى إلى تراجع الحركة السياحية في باريس خاصة. ومنذ انطلاق هذه التحركات في السابع عشر من نوفمبر الماضي قتل أربعة اشخاص وأصيب المئات، فيما تخشى الحكومة توسع الغضب الى قطاعات أخرى. فالتوتر يسود الثانويات، كما أن المزارعين ينوون هم أيضاً النزول في تظاهرات. "Gilets jaunes": toujours des blocages mercredi, les stations peu à peu réapprovisionnées https://t.co/QZ23XrBU6c #AFP pic.twitter.com/HjpxwpAODD — Agence France-Presse (@afpfr) December 5, 2018 نقاش في البرلمان ودعا وزير الداخلية كريستوف كاستانر، مساء الثلاثاء، "السترات الصفراء العقلانيين" إلى التخلي عن الدعوة إلى تجمع جديد في باريس السبت المقبل، مؤكداً عزمه على تعزيز قوات الشرطة في حال أصروا على ذلك. من جهة المعارضة دعا رئيس حزب "الجمهوريون" اليميني لوران فوكييه، الأربعاء، إلى فرض حالة الطوارىء مؤقتاً لتجنب "سبت أسود" جديد. وسيجري نقاش في الجمعية الوطنية، الأربعاء، بعد كلمة يلقيها رئيس الحكومة أمام النواب دفاعاً عن خطة الحكومة للخروج من هذه الأزمة. وقبل أن يلقي إدوارد فيليب كلمته، نشط العديد من الوزراء في وسائل الإعلام. وكرر المتحدث باسم الحكومة بنجامين غريفو، الأربعاء، القول أنه في حال "لم تجد" السلطة التنفيذية حلاً في ختام حملة تشاور واسعة حتى الأول من مارس "فستتخلى" نهائياً عن رفع الضرائب. كما فتح غريفو الباب أمام احتمال إعادة الضريبة على الثروة، الأمر الذي يطالب به الكثير من المتظاهرين، ولكن بعد قيام البرلمان بإجراء تقييم للوضع ابتداء من "خريف العام 2019". وتابع غريفو "هذا الموضوع ليس على الطاولة" حالياً، "لكن في حال تعرقل أمر ما، فنحن لسنا أغبياء وسنغيره". "If something isn't working, we're not dumb, we'll change it" – French government says it will consider bringing back a tax on high earners which President Macron abolished early in his presidency, a key demand of "yellow vest" protesters https://t.co/IJrW5bKJq6 — AFP news agency (@AFP) December 5, 2018 التراجع الأول ويعتبر المحللون، أن هذه القرارات تسجل أول تراجع لإيمانويل ماكرون الذي يتفاخر بأنه منذ وصوله الى قصر الإليزيه في ماي 2017 لم يتراجع أبداً أمام الشارع. لكن الرئيس بات اليوم ضعيفاً بعد أن ازدادت الانتقادات العنيفة لسياسته الاقتصادية التي يعتبرها الكثيرون مناسبة للأثرياء. وأفاد آخر استطلاع للرأي أن شعبيته تراجعت ست نقاط لتصل إلى 23 في المائة، وهي أدنى نسبة تسجل له. وكدليل على التوتر السائد في البلاد، سمع ماكرون هتافات استهجان وشتائم وجهت له خلال زيارته المفاجئة، مساء الثلاثاء، لمقر الشرطة في بوي اون فالي في وسط فرنسا الذي كان متظاهرون أحرقوه السبت الماضي. ومن واشنطن لم يفوت الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الفرصة للاستهزاء بالتنازلات التي يقدمها نظيره الفرنسي بشأن الضريبة على الوقود، معتبراً أنها تؤكد فشل اتفاق باريس حول المناخ.