لم يخف المدرب الجزائري نور الدين ولد علي ارتياحه بعد مساهمته في تأهل المنتخب الفلسطيني إلى نهائيات أمم آسيا المبرمجة شهر مارس المقبل، مشيدا بجميع الأطراف التي وضعت فيه الثقة، وفي مقدمة ذلك رئيس الاتحاد الفلسطيني الرجوب، وقال نور الدين ولد علي ل"الشروق" بأن الهدف المسطر مرتكزا على أداء مشوار مشرف، والمراهنة على انطلاقة موفقة للذهاب بعيدا في هذه المنافسة، في المقابل نوه التقني الجزائري ولد علي بالبصمة التي أضفاها لحد الآن جمال بلماضي مع "الخضر"، مؤكدا بأن تحليه بالشجاعة في تسيير المجموعة قد تخدم المنتخب الوطني في التحديات المقبلة، مؤكدا بأن زملاء براهيمي من اللازم عليهم إحداث انتفاضة في "كان "2019"، وفي الوقت الذي اعتبر نور الدين ولد علي بان مغادرة رابح ماجر للعارضة الفنية كانت بمثابة تحصيل حاصل، إلا أنه تأسف لطريقة خروج رابح سعدان من الباب الضيق بسبب ما اصطلح عليه بقضية التأشيرة التي عجلت بمغادرته للمديرية الفنية. كيف تقيم فترة إشرافك على المنتخب الفلسطيني، خاصة وأن 6 أشهر كللت بالتأهل إلى نهائيات كأس أمم آسيا؟ توليت زمام تدريب المنتخب الفلسطيني في ظروف استثنائية، ووفق برنامج استثنائي سطرته منذ شهر أفريل بنية مواكبة التحديات، وفي مقدمة ذلك التحضير لتصفيات كأس آسيا، وقد وقفت على مردود اللاعبين خلال المباريات الودية المبرمجة، والحمد لله أننا لعبنا 12 مباراة إلى غاية شهر نوفمبر، وحققنا الهدف المسطر، والمتمثل في كسب تأشيرة التأهل إلى نهائيات كأس أمم آسيا المبرمجة شهر مارس المقبل. هل اعتمدت على المحليين أم لعبت ورقة المحترفين؟ أيام "الفيفا" سمحت لنا بجلب المحترفين، لكن اعتمدت في أغلب المباريات على مجموعة محلية، ولما تم جلب المحترفين اخترنا الأسماء المناسبة لسد بعض النقائص المسجلة، حيث أن آخر مباراتين اعتمدنا على بعض الأسماء المحترفة، مثل التي لعبناها في رام الله ضد باكستان وفوزنا فيها بهدفين مقابل هدف واحد، والمباراة الثانية لعبناها في الصين، وتعادلنا أمام المنتخب الصيني بهدف لمثله. منتخب الصين يشرف عليه المدرب الإيطالي مارسيلو ليبي، فكيف كان لقاؤك به؟ مارسيلو ليبي جاءني إلى الفندق وسلم علي، قال لي أنت جزائري، إذن أنت مثل زين الدين زيدان، ثم قال لي مازحا: أنت صغير لتدريب منتخب متمنيا لي التوفيق والنجاح، أما فوق الميدان فقد شكلنا له متاعب كبيرة من الناحية التكتيكية ما جعلنا نفتك تعادلا أمام المنتخب الصيني، وهي النتيجة التي خلفت موجة من الغضب وسط محيط المنتخب الصيني، حتى أن لاعبي المنتخب الصيني وفي الحقيقة لم تكن مباراة الصين هدفا في حد ذاتها، بل أردنا ان تكون مباراة نموذجية لبناء فريق مستقبلي قادر على مواصلة التحدي. ما هو البرنامج المسطر تحسبا للتحديات المقبلة؟ سنخوض تربصا مغلقا في قطر من 7 ديسمبر إلى 2 جانفي المقبل، كما سنبرمج عدة مباريات ودية أمام اليمن وإيران والعراق وطاجكستان ونادي من الدوري القطري، وهذا في إطار التحضير بجدية لنهائيات كأس أمم آسيا. هذا ثاني تأهل لمنتخب فلسطين إلى نهائيات أمم آسيا، فما هو الهدف المسطر؟ نطمح إلى الفوز في المباراة الأولى حتى نندمج في المنافسة، ونعمل على الذهاب بعيدا، بغية تشريف ألوان فلسطين، وقد تعلمنا من مشوارنا في تصفيات كأس العالم، حين ضيعنا فرصة المرور إلى الدور الثاني في آخر لحظة، ما جعلنا نولي اهتمام بتصفيات كأس آسيا التي كسبنا تأشيرتها، في مجموعة ضمت عمان والبوتات والمالديف. كيف تنظر إلى المجموعة التي تنتظركم في نهائيات كأس أمم آسيا؟ المجموعة صعبة وفي نفس الوقت تتوافق مع طموحاتنا وتحدياتنا ضد منتخبات سوريا واستراليا والأردن في داربي أخوي ومحلي. كيف ينظر إليك الشارع الفلسطيني وأنت تساهم في تأهل المنتخب الفلسطيني إلى نهائيات كأس آسيا لثاني مرة في تاريخه؟ الفلسطينيون يكنون محبة كبيرة للجزائر والجزائريين، حتى أنني حين أمشي أو أتوجه إلى المحلات لا أقول لهم إنني جزائري، لأنهم لو يعلمون بذلك فلن أدفع فلسا واحدا، ويدعونني إلى وجبات الغداء والعشاء، لذلك احرص على تفادي إحراجهم، أما في الشق الكروي والفني فإنني مثل مدربي العالم قد أتعرض لانتقادات وهذا أمر طبيعي، لأن الجماهير الفلسطينية تريد أن ينجح منتخبها ويصل إلى أعلى مستوى وهذا الذي نطمح إلى تجسيده. قضية اللاعبين المحليين والمحترفين كثيرا ما تطرح في جميع المنتخبات، فكيف تعاملت مع هذه المسألة؟ قلت لجميع اللاعبين وخاصة المحليين، كل من لهم دم وهوية فلسطيني فله الحق في حمل ألوان المنتخب الفلسطيني، وفي المدة الأخيرة وجهت الدعوة ل 28 لاعبا لتنظيم معسكر تحضيري، وذلك بالتساوي تقريبا بين المحليين والمحترفين، في انتظار ضبط قائمة 23 التي سيتم الحسم فيها نهاية هذا الشهر. من هي الأسماء التي ستكون في الموعد، خاصة التي وقف عليها الجمهور الجزائري؟ 80 بالمئة من اللاعبين الذين واجهوا الجزائر وديا سيكونون بنسبة كبيرة، وفي مقدمة ذلك المخضرم عبد اللطيف البهدري (34 سنة) وهو قائد المنتخب وصخرة الدفاع، كما أن هناك لاعبين موهوبين لا داعي لذر الأسماء في هذا الوقت. معدل عمر المنتخب الفلسطيني بين 26 و 28 سنة، وهناك تفاوت في عدد المباريات، فهناك من لعب 60 مباراة وهناك 15 أو 20 مباراة، عموما مستوى المشاركة يشكل محفزا مهما للتحضير بجدية لكأس أمم آسيا. كيف وجدت المنتخب الفلسطيني بعدما قمت بخلافة الطاقم البوليفي؟ لا أحب الحديث عن المدربين، لأن لكل مدرب شخصيته وبصمته، لما توليت المهمة ركزت على الجانب النفسي، وهذا بغية تجاوز فترة عدم استقرار المدربين، بدليل حدوث تغيير في ديسمبر 2017 وأفريل 2018، وحاولت من خلال ذلك إعادة الثقة لربح روح المجموعة، والحمد لله قدمنا وجها مشرفا في دور بنغلاديش، وحفزت اللاعبين من أجل التتويج بهذه الدورة، وأبان اللاعبون عن رد فعل ايجابي، ما سهل لنا المهمة للتفاوض بشكل جيد مع تصفيات أمم آسيا. عموما هناك ايجابيات تستحق التثمين وهناك نقائص سنعمل على تصحيحها تحسبا للمحطات المقبلة. عملت ضمن الطاقم الفني الفلسطيني في عدة مناسبات، فهل ترى بأن ذلك سهل لك المهمة؟ أول تجربة لي مع المنتخب الفلسطيني كانت عامي 2010 و2011، ثم عدت مجددا عام 2015، وحاليا أخوض تجربة أخرى منذ أفريل المنصرم، بصراحة تعلمت كثيرا من الكرة الآسيوية ومتطلباتها، وهو الأمر الذي مكنني من تسخير هذه الخبرة في مصلحة المنتخب الفلسطيني. كما ان التجارب المهنية التي خضتها في الجزائر كانت مفيدة لي. ما هي أبرز التجارب التي لا تزال تحتفظ بها خلال عملك في الجزائر؟ حيث عملت مع الفرنسي براتشي وساهمنا في صعود شباب قسنطينة عام 2004، وهي تجربة أفادتني كثيرا، مثلما تعلمت من تجربتي مع مولودية الجزائر عام 2006، بدليل فوزنا بكأس الجزائر وكأس السوبر، وبالمناسبة أشكر كثيرا المدرب الفرنسي براتشي الذي ساعدني كثيرا في مشواري، والكلام ينطبق على تجربتي مع إتحاد الجزائر، ودلك بمعية كوربيس وفيلود، ما ح لنا بإحراز 4 ألقاب وذلك عامي 2013 و2014، وهي كأس الجزائر والكأس الممتازة وكاس العرب والبطولة الوطنية، ولا زلت أتعلم وأستفيد من الإطارات الجزائرية والأجنبية، حيث أنني في المرحلة الأخيرة للحصول على ديبوم من الاتحاد البلجيكي تحت إشراف الجزائي عادل عمروش، وهو آخر دبلوم محترف في التدريب، وقد تعلمت كثيرا من المؤطر عادل عمروش الذي يحق لنا ان نفتخر به في هذا المستوى العالي، مثلما احيي مواطني رشيد بلحوت الذي يشارك معي هو الآخر للحصول على ذات الدبلوم. في رأيك ما هي عوامل البروز اللافت للمنتخب الفلسطيني؟ هناك شخص له دور فعال في ذلك، وأقصد رئيس الاتحاد الفلسطيني الرجوب، لما تعمل مع الرجوب تتمنى ان تبقى معه، فقد أعطى دفعا كبيرا للكرة الفلسطينية، شخصيا لا أتحدث كثيرا عن المسيرين ورؤساء النوادي وغيرهم، لكن الرجوب يستحق الإشادة، لأنه لعب دورا كبيرا في تطوير الكرة والرياضة الفلسطينية، وهذا العامل سهل لي لأداء مهامي بشكل مريح، وهنا أشيد بالثقة التي أحظى بها من جميع الفلسطينيين. وأسعى دائما إلى العمل من اجل صنع الفرحة، وأفرح كثيرا حين يفرح الفلسطينيون، خاصة في ظل الوضع الذي يعيشونه تحت نير الاحتلال، ونحن الجزائريون نعرف كثيرا معنى الاستدمار والمعاناة التي يخلفها على الشعب والبلد. حين تتذكر المباراة التي جرت شهر فيفري 2016 بملعب 5 جويلية بين الجزائروفلسطين، ما هي الجوانب التي تخطر ببالك؟ هو إحساس خاص، فأنا جزائري وفي نفس الوقت مدرب للمنتخب الفلسطيني، كما أن المباراة جرت غير بعيد عن مسكني الكائن في حي شوفالي، ويبقى الشيء الملفت للانتباه هو الروح الرياضية التي سادتها، والاحتفال الكبير للجماهير الجزائرية بالهدف الذي سجله المنتخب الفلسطيني، فالروح الرياضية التي سادت تلك المباراة مستحيل أن نرى مثيلها في العالم، فالجميع خرج فرحا، والجميع اشترك في استقبال المنتخب الفلسطيني في أرض الجزائر. نعود إلى المنتخب الوطني، كيف تنظر إلى فلسفة بلماضي مع "الخضر"؟ بلماضي مر بعدة مراحل مع المنتخب الوطني، وهي مرحلة الملاحظة ومرحلة جس النبض ومرحلة اتخاذ القرارات اللازمة، وقد لمسنا هذه المرحلة في الأسابيع الأخيرة، من خلال بعض خياراته الفنية، بصراحة ليس سهلا الإشراف على منتخب في مرحلة تبدو حساسة ومشكل من محليين ومحترفين، ما يفرض الكثير من التحديات لإحداث التوازن اللازم في المجموعة. ماذا تقصد بالضبط؟ أكيد أن هناك إشكالية كثيرا ما تسجل حضورها وهو مشكل التكتلات، وأقصد هنا انعكاساتها السلبية، لكن أعتقد أن بلماضي كان شجاعا في اتخاذ القرارات اللازمة لحد الآن، ما يعكس الخبرة التي اكتسبها من خلال مشواره المهني في قطر، بعد إشرافه على عدوة اندية ومنتخبات قطرية. وعليه فإن مفتاح النجاح يتطلب حسن تسير المجموعة والتوازن بين المحليين والمحترفين، إضافة إلى الحنكة في تسيير غرفة الملابس، مع العمل وفق منطق المجموعة وليس وفق منطق النجوم. ما تعليقك على مشوار رابح ماجر الذي لم يعمر طويلا؟ بخصوص ماجر لم أعرف الظروف التي سادت مجيئه، ومن كان وراء جلبه، لأن أغلب الظروف كانت ضده، ما جعل جمهورنا لا يرحم ماجر، وعليه أرى أن ماجر جاء في ظروف استثنائية وذهب في ظروف استثنائية أيضا. وكيف تعلق على طريقة انسحاب رابح سعدان من المديرية الفنية للمنتخبات الوطنية التي ربطها البعض بقضية التأشيرة؟ أعتقد أن وضعية رابح ماجر شبيهة بحالة المدير الفنية للمنتخبات الفلسطينية عبد الناصر بركات الذي تعذر عليه حضور الملتقى الفني الدولي بلندن بسبب عدم الحصول على التأشيرة، لم أفهم طبيعة المشكل الذي تسبب في تأخر الفيزا، في الوقت الذي كنت حاضرا كمدرب للمنتخب الفلسطيني، وفي كل الأحوال سيبقى رابح سعدان كبيرا في قلوبنا، فهو مدرسة وقدم الكثير للكرة الجزائرية وكان مصدر أفراح المنتخب الوطني، وعلينا نحن كمدربين وإطارات احترام رابح سعدان، بصراحة حرام أن يخرج من الباب الضيق. كما أدعو السلطات إلى الاهتمام بجميع الإطارات التي قدمت الكثير للكرة الجزائرية حتى يتسنى لنا الاستفادة منها، مثل سعدان وخالف محي الدين وزوبا ومخلوفي والقائمة طويلة، لم لا يتم استغلال خبرتهم كمستشارين في خدمة المدربين الشبان والكرة الجزائرية بشكل عام. كيف تنظر إلى التحديات التي تنتظر المنتخب الوطني في "كان 2019″؟ كل شيء متوقف على مستوى التحضيرات وكيفية تحفيز المجموعة، فالتعداد الحالي وصل مرحلة النضج والعطاء، بدليل أن معدل عمره في حدود 28 سنة، فلاعبون مثل براهيمي وفغولي ومحرز وسليماني عليهم أن يعملوا على كسب كأس إفريقيا حتى يصنعوا الحدث، لأن مونديال 2014 أصبحت من الماضي. وكيف ترى واقع الكرة الجزائرية بشكل عام؟ بصراحة هي أسيرة غياب الاستقرار وافتقادنا لمنظومة كروية متكاملة، صحيح أن هناك فريق تجتهد مثل وفاق سطيف واتحاد الجزائر وغيرهما، لكن هذا غير كاف، من اللازم محاربة العنف والحرص على تطوير الجانب الفني والتسييري للأندية حتى تساهم في تطوير الكرة الجزائرية بشكل عام. هل أنت مستعد لخوض تجربة مهنية جدية في الجزائر؟ حاليا أنا مرتاح مع المنتخب الفلسطيني، وتفكيري منصب على نهائيات أمم آسيا، وفي النهاية كل شيء بالمكتوب، فقد اعمل مستقبلا من جديد في الجزائر خاصة إذا كان هناك مشروع كروي طموح، لأن هذا الذي يهمني بالدرجة الأولى.