تعيش تينركوك بوابة ولاية أدرار من الجهة الشمالية أوضاعا كارثية، وظروفا معيشية صعبة، بفعل انعدام برامج التنمية القطاعية لهذه المنطقة، رغم الخزان الهام من الموارد الطبيعية التي تنام عليها. تعتبر تينركوك أكبر منطقة ثورية بولاية أدرار حيث شهدت على مستوى العرق الغربي الكبير أكثر من ثماني معارك، منها معركة حاسي غنبوا، التي لقنت أكبر قوة عسكرية في العالم آنذاك درسا في الكفاح، التي شهدت سقوط ثلاث مروحيات للجيش الفرنسي، وأفرزت مقتل 142 جندي فرنسي واستشهاد 42 مجاهدا. هذه المنطقة التاريخية تنتظر حقها في التنمية، والتفاتة حقيقية من طرف مسؤولي الولاية، من أجل تحقيق نهضة صناعية، ومشاريع خدماتية لرفع الغبن عن المواطن، مثلها مثل باقي مناطق الوطن. كما عبروا عن استيائهم من الحصص السكنية القليلة التي تم تخصيصها مؤخرا للمنطقة، فكيف يعقل لبلدية تينركوك بها ما يقارب أكثر من 20 ألف نسمة وتتحصل على 73 فقط، مقابل بعض البلديات التي عدد سكانها قليل بحصة سكنية معتبرة، متسائلين: على أي معيار يتم الاعتماد في تقسيم الحصص على البلديات؟ كما يشهد الطريق الرئيسي الذي يشق وسطها باتجاه البيض اهتراء كبيرا، ووضعية كارثية، تشوه صورة الولاية، الذي يعرف حركية كبيرة، باعتباره منفذ الولاية إلى مختلف الجهات، والأقرب إلى غرب الوطن، ويعرف مرور شاحنات الوزن الثقيل، ما ينجر عنه انبعاث الغبار وتأثيره على المحاصيل الزراعية لسكان المنطقة، مع العلم أنه لم يتمكن الفلاحون من بيع التمور هذا الموسم، بفعل ترسبات الغبار والأتربة عليها، التي أصبحت غير صالحة للتسويق، وكانت تينركوك مضرب المثل في بيع أجود أنواع التمور. يضاف إليها معاناة شبه يومية في تدني الخدمات الصحية، وانعدام التغطية الكاملة لمواطني المنطقة، والهياكل الصحية الموجودة تفتقر إلى الأجهزة الهامة، بالإضافة إلى النقص الفادح للأطباء الاخصائيين وخاصة لذوي الأمراض المزمنة. كما أن الطريق الذي يربطها بولاية البيض صعب الاستعمال، ويعرف حوادث شبه يومية، لأنه يشق رمال العرق الغربي الكبير على مسافة 80 كلم، ويشهد منعرجات خطيرة، وكثيرا ما يكون إجلاء ضحايا الحوادث إلى مستشفى تيميمون على مسافة 70 كلم، لتلقي الإسعافات الأولية، رغم الطلب الملح لفعاليات المجتمع المدني التنركوكي، بإنشاء مستشفى 60 سريرا إلا أن الطلب ما زال يراوح مكانه. كما تشتهر تينركوك بالإنتاج الوفير لمختلف الخضر والفواكه والتمور، التي سجلت نجاحا باهرا، في منتج الدلاع والبطيخ، الذي عرف تسويقا خارج الولاية لجودته، يضاف إليها المناخ الملائم والعوامل الطبيعية التي تتوفر عليها المنطقة من جودة الأتربة، ووفرة المياه العذبة، لكن معاناة فلاحي المنطقة مع التيار الكهربائي لا تزال قائمة، بسبب ضعف التيار، إذ يلجأ الكثير منهم إلى سقي منتجاته في الفترة الليلية، حينما يكون الضغط منخفضا، والكثير منهم يستعمل مضخات الوقود بسبب تجميد التوسعة الكهربائية للمستثمرات الفلاحية، فضلا عن كون استعمال المكيفات الهوائية في فصل الصيف يبقى مستحيلا، بل هي مجرد ديكورات في سكنات المواطنين، بسبب عدم توفر الطاقة الكهربائية الكافية للاستعمال. فإنجاز محطة توليد الكهرباء أصبح ضروريا ومطلبا ملحا، خاصة مع التوسع العمراني الذي تعرفه المنطقة، واستراتجية جلب الاستثمار، وتشييد المصانع، ما يتطلب توفر هذه المادة الحيوية. نسبة البطالة بالمنطقة تعتبر الأعلى في ولاية أدرار، وتقدر ب 95 بالمائة، بفعل فوضى التسيير بالوكالة المحلية للتشغيل، وسياسة المحاباة والمعرفة في التوظيف، من طرف الشركات العاملة في المنطقة، التي تسعى إلى جلب العمال من خارج المنطقة، الأمر الذي ولد احتقانا لدى الشباب، وعبروا عنه في حركات احتجاجية بغلق مقر الدائرة من طرف الشباب البطال، وقطع الطريق، لعلها تجد آذانا مصغية من طرف القائمين على التشغيل في المنطقة، وإنقاذ الشباب من شبح البطالة. كما تبقى ضرورة فتح تخصصات تقنية تتماشى وسوق الشغل في دورة فيفري بمركز التكوين المهني للدائرة، حتى يتم تكوين يد عاملة مؤهلة من شباب المنطقة، يتم توظيفهم في الشركات البترولية، خاصة أنها في الآونة الأخيرة أصبحت ورشة مفتوحة لمختلف الشركات الوطنية، ويقول الخبراء إن حظها الطاقوي يبشر بمستقبل مشرق، بفضل الاكتشافات الجديدة لشركات التنقيب. ويعلق مواطنو المنطقة على منتخبي بلدية تينركوك آمالا كبيرة، ويعول عليهم في تحقيق طفرة صناعية، ونهضة تنموية تعكس مكانة المنطقة التاريخية، وزخمها الطاقوي، وموردها الاقتصادي، خاصة أنها استفادت في الآونة الأخيرة من غلاف مالي معتبر، مقدر بأكثر من 42 مليارا، لتحريك عجلة المخططات التنموية، والتأكيد على الضروريات التي تهم المواطن، منها إنجاز شبكات الصرف الصحي، والمشاريع ذات الأهمية كغاز المدينة والمياه الصالحة للشرب، وشق طرقات فلاحية لفك العزلة عن المواطن البسيط. وأن يعاد لمدينة تينركوك بريقها الجذاب، الذي افتقدته طوال السنين الماضية.