هاجم عبد الفتاح مورو، الشخصية الإسلامية التونسية البارزة، ما أسماه بالتدخل القطري السعودي في تونس، وتأثيراته السلبية على استقرار البلاد، وفي تطور مهم ويعتبر الأول من نوعه، أشرك مورو قطر في هجماته الأخيرة على السلفيين، مما يثير أسئلة مهمة حول بزوغ تيار قوي داخل النهضة يعارض سياسات قطر في تونس. وقال مورو، الذي يشتهر في تونس بآرائه المعتدلة، في تصريحات للبي بي سي، إن قطر والسعودية تدعمان مجموعات سلفية متشددة مذهبيا، ما يهدد استمرار المذهب المالكي المتسم بالاعتدال والوسطية، والذي يتبناه غالبية الشعب التونسي، وحذّر مورو، في تصريحات لإذاعة محلية منذ أيام قليلة، من "فتنة" بسبب قيام دعاة سعوديين بتنظيم دورات لنشر الفكر الوهابي المتشدد في تونس، وقال مورو إن هؤلاء "الدعاة" يأخذون شبابا ليس لديهم معرفة دينية سابقة، وحديثي العهد بالصلاة، ويعلمونهم قواعد الفكر الحنبلي، ويهيؤونهم لأن يصبحوا طابورا في تونس يدعو إلى استبعاد المذهب المالكي والفقه المالكي وإحلال المذهب الحنبلي مكانه. وأوضح أن الدعاة السعوديين ينظمون في تونس "دورات تكوينية مغلقة" تستمر ثلاثة أشهر، ويدفعون مقابلا ماديا للشبان الذين يتابعونها، مضيفا "هذا أمر خطير لا نرضاه، سيدخل علينا ارتباكا في وطننا، نحن لا مشكلة لدينا مع المذهب الحنبلي، لكن نحن في تونس لدينا وحدة المذهب المالكي، والإمام مالك أسبق "زمنيا" من الإمام بن حنبل، هذا باب فتنة، إياكم يا توانسة منه". وجاءت تحذيرات مرور بعد الهجمات التي شهدتها تونس خلال الأشهر الأخيرة، والتي قادتها مجموعات سلفية على تظاهرات ثقافية وفكرية وفنية بدعوى أنها تتنافى مع الدين، وتسود الشارع التونسي حالة من القلق والخوف من تكرار هذه الهجمات وتدخل تلك المجموعات لفرض طريقة عيش تتنافى مع طريق التونسيين، خاصة في ظل غياب أي رادع قانوني وأمني، وفي ظل سكوت النهضة على العنف السلفي، ما اعتبره هؤلاء ضوءا أخضر لممارسة المزيد من العنف. يذكر أن مورو الذي عاد إلى صفوف النهضة في مؤتمرها الأخير، يخوض معركة ضد التشدد والسلفية منذ سقوط نظام بن علي، وتعرض نتيجة ذلك إلى اعتداء بالعنف بمدينة القيروان في ندوة رمضانية حول التسامح في الإسلام، وفي آخر الأحداث ضد مورو هشم شاب سلفي كأسا على جبينه، بعد أن حاول الدفاع عن المفكر التونسي يوسف الصديق الذي يتهمه السلفيون بالكفر والزندقة. واستغرب مراقبون إقدام الرجل الثاني في حركة النهضة والمكلف بالعلاقات العامة فيها، بانتقاد قطر التي تقف بقوة وراء النهضة وتساند حكومتها سياسيا وماليا، ويشيرون إلى أن حرب مورو على التطرف الوافد حرب منطقية، لكونه تَبنى خلال انتمائه للنهضة خطاب الاعتدال والتسامح، ووقف بشجاعة ضد خيار العنف الذي تبنته الحركة مطلع التسعينات، وخاصة في حادثة باب سويقة التي أعلن بعدها انشقاقه من النهضة.