يصنع واقع قطاع التشغيل جدلا واسعا في الرأي العام المحلي لولاية أدرار، بسبب عدم وضوح الرؤية بين مؤسسات التشغيل وجمعيات البطالين من جهة، وأجهزة دعم التشغيل من ناحية أخرى، إذ بات يعرف الملف غموضا بسبب سوء التسيير، وضعف التنسيق وغياب إستراتيجية واعدة. تشهد المنطقة زحفا كبيرا للشركات البترولية، وتدشين مجمّعات بترولية ضخمة، مثل واد الزين، وبارودة، وشمال رقان، في انتظار انتهاء الأشغال من المجمع الرابع بتينركوك، وتفتح كلها نحو 6 آلاف منصب عمل على الأقل حسب ما صرح به المسؤولون، إلا أن ذلك لم يخفف من نسبة البطالة في المنطقة، بسبب تجاهل القوانين التي تعطي الأولوية في التوظيف لأبناء المنطقة، ما يجعل الاحتجاجات قائمة. وفي الغالب لا يتم وضع حدّ لهذا التلاعب بملف الشغل في الولاية، وإنهاء الصراع والجدل، بسنّ قوانين صارمة ورادعة لجميع الأطراف، سواء لتجاوزات الشركات أو وكالات التشغيل، بدل ترك الملف ورقة في يد أصحاب المصالح، يحركونها متى شاؤوا، لزعزعة استقرار الوطن. ومن هذا المنطلق جاء الملتقى الوطني المنظم من طرف جمعيات أدرار، ليسلط الضوء على هذا القطاع الحساس والهام، وبحضور جميع الفاعلين في قطاع الشغل بالولاية، من مديرين وأعوان ورؤساء مصالح، إضافة إلى خبراء من داخل الولاية وخارجها، من أجل تشخيص الواقع، وشرح المسائل القانونية وتوضيحها، والخروج بتوصيات تستجيب لمتطلبات سوق الشغل بالولاية وتدفعه للأحسن. وتمحورت جل المداخلات، التي عالجها الملتقى الأساس القانوني لتشغيل الشباب في الجزائر، تحدث فيه المتدخلون عن أهم القوانين الجديدة للوظيفة العمومية، وكذا قوانين برامج تشغيل الشباب، ودور المؤسسات والهيئات الداعمة لتشغيل الباب في الجزائر، وأهم الحوافز والضمانات القانونية لترقية تشغيل الشباب، مع عرض لبعض التجارب الحديثة لبعض الدول في مجال تشغيل الشباب. ورفع المشاركون في فعاليات الملتقى توصيات هامة إلى السلطات المركزية تتمثل في ضرورة السعي لترقية قوانين الشغل، بما يتماشى وسوق العمل، والقضاء على العمالة غير الرسمية، مع توسيع دور المشتلات المؤسسات ليشمل شتى المجالات والقطاعات لكي تغطي جميع أنشطة المقاولات وتعزيز العلاقة بين المشتلات والجامعات، ومراكز الأبحاث والأقطاب الصناعية. فضلا عن تكييف مخرجات التعليم والتكوين مع متطلبات العمل، مع إضفاء الديمومة قدر الإمكان على جميع صيغ وأنماط التشغيل المنصوص عليها في القوانين، والنظم المعمول بها، بالاستفادة من تجارب الدول في مجال الشغل. وفي هذا الصدد يجب استحداث مادة العمل في المنهاج الدراسي، لإبراز قيمة العمل في حياة الفرد والمجتمع، وخصوصا في مرحلة التعليم المتوسط، مع ضرورة تعميم تدريس مقياس المقاولاتية على جميع التخصصات في الجامعة، وإعادة هيكلة النظام التعليمي التكويني بالشكل الذي يستجيب لمطالب سوق الشغل مع العمل، على أن يرتقي الملتقى إلى مؤتمر دولي قصد الاستفادة من الخبرات الدولية والجامعات ومراكز الأبحاث والأقطاب الصناعية.