في الوقت الذي يواجه فيه سهرة اليوم ليفاربول نادي أسي ميلانو في مباراة مليئة بالمتفجرات ضمن رابطة أبطال أوروبا تمر عشرون سنة على نهائي ذات المسابقة ما بين بيارن ميونيخ الألماني وأف سي بورتو البرتغالي الذي جرت وقائعه بعاصمة النمسا فيينا مدينة السنفونيات، وكان رابح ماجر حينها في سنه ال 29 "مواليد 1958" وشارك مرتين في المونديال "إسبانيا 82 والمكسيك 86.." وكان أيضا بيارن ميونيخ أحسن فريق في أوروبا بالحارس البلجيكي العملاق "بفاف". الذي قال عنه مارادونا في نصف نهائي مونديال 1986 عقب لقاء بلجكيا بالأرجنتين "إنه أحسن في تاريخ كرة القدم" لأجل ذلك لم يكن من حظ أمام نادي بورتبو الذي اشتكى في النهائي من إصابة ثلاثة من أحسن نجومه وأهمهم على الإطلاق الهداف الأسطورة غوميز الذي كان صاحب الحذاء الذهبي لأحسن هداف أوروبي لثلاثة مواسم كاملة.. وكان ماجر قد عانى طوال الموسم من تهميشه من طرف المدرب الشهير "أرتير جورج" الذي يمتلك جذورا يهودية، كما أن بزوغ نجم الكرة البرتغالية "فوتر" قلل من حظوظ رابح ماجر في المشاركة في النهائي، ولكن القدر بكثرة الإصابات جعلت المدرب أتير جورج يقحم ماجر كأساسي في سهرة فيينا التي تابعها الملايين من الجزائريين والملايير في كل المعمورة. وقد جاء الشوط الأول باهتا، خاصة أن أرتير جورج طالب من ماجر عدم التقدم والمغامرة فسيطر الألمان بالطول وبالعرض على مجريات المقابلة وسجلوا هدفا وكان من المفروض أن يقتلوا المباراة ولم يلمس ماجر طوال الشوط الأول أكثر من خمس كرات مع أداء باهت جعل المدرب يفكر في تعويضه بأي لاعب كان حتى وإن كان مدافعا.. وفي الشوط الثاني أدرك ماجر أنه لا يمتلك سوى المغامرة التي اشتهر بها وأدرك أن تعويضه سيعني نهايته أوروبيا لأن فريقه سينهزم وسيخرج هو من الباب الضيق، فبدأ في التقدم إلى الهجوم وخلق الفرص بطريقته الخاصة إلى أن حانت أهم لحظة في حياة ماجر، وفي زمن حساس من الشوط الثاني حيث جاءته كرة على الجهة اليمنى من البرازيلي "جواري" اصطدمت في الدفاع وبقيت الكرة على بعد 10 أمتار من الحارس الأسطورة بفاف وماجر مستدير بظهره نحو المرمى وبلقطة ساحرة ونادرة قام بالتسجيل بالعقب معدلا النتيجة في نهائي أغلى كأس في أوروبا وأمام أحسن حارس في العالم وضد أحسن فريق في أوروبا... وجرى ماجر نحو الجهة اليسرى من الملعب وارتمى لاعبو بورتو فوقه حتى أغمي عليه، فتم إخراجه لإسعافه من طرف طبيب بورتو، ولم تمر سوى دقيقتين عن الهدف حتى دخل ماجر مرة ثانية بعد إسعافه إلى الملعب، ومن أول كرة انطلق كالسهم على الجهة اليسرى وعبث بمدافعين خاصة المدافع الأخير حيث "كنس" به أرضية الملعب وقدم كرة مقشرة للبرازيلي جواري الذي ابتلع الهدف الثاني وتم تتويج بورتو بلقب كأس أندية أوروبا "2 - 1" من صناعة خالصة لرابح ماجر الذي تهاطلت عليه العروض، وكان أهمها من أنتير ميلانو. وفي العام الموالي فاز بورتو أيضا بكأس ما بين القارات في مبارات جرت في أرضية مليئة بالثلج في طوكيو وكان ماجر أيضا هو مسجل الهدف عن بعد 45 مترا وحاز على سيارة "تويوتا" آخر طراز في تلك المباراة وعندما دافع ماجر وبورتو عن اللقب الأوروبي فاز بورتو في مقابلة تصفوية على بطل الدانمارك في كبونهاغن "7 - 2" سجل منها ماجر 5 أهداف ثم تقابل بورتو ضد ريال مدريد المرعب بنجومه سانشيز وبوتراغوينيو وميشال، فسجل ماجر الهدف الأول في مدريد أمام 100 ألف متفرج، ولكن المدرب فضل إراحته، وبينما كان ماجر يأخذ حمامه الخفيف في غرف تغيير الملابس انقلبت النتيجة إلى "2 - 1" لصالح ريال مدريد وانسحب بورتو من المنافسة. ماجر هو ظاهرة كروية لا يمكن أن تتكرر، لأنه اللاعب الجزائري الوحيد الذي جاءته العروض من القارات الخمس بما في ذلك البرازيل والأرجنتين.. وأصبح الهدف الفاتن الذي سجله في مرى بفاف يسمى باسمه في كل العالم "على طريقة ماجر..." تمر الآن عشرون سنة منذ أن تم عزف أحلى سنفونية في سماء فيينا ومازالت الجزائر تبحث عن ساحر كرة جديد مثل الأسطورة ماجر الذي سنتذكره مرة أخرى في أطوار مباراة بيارن ميونيخ وأسي ميلانو. ناصر