عبد القادر بن صالح “امتثل” للنصف الثاني من المادة 102 من الدستور، ولم يمتثل للإرادة الشعبية المعبّر عنها في الحراك المليوني، وأصبح “بقوة الدستور” رئيسا للدولة خارج “رغبة الشعب”، وقد اجتمع البرلمان بغرفتيه، وباسم الدستور “نصّب” رئيس مجلس الأمّة خليفة مؤقتا لرئيس الجمهورية المستقيل، ولمدّة 90 يوما، أي إلى غاية تنظيم انتخابات رئاسية! بين “دستور القوّة” و”قوّة الشعب”، وبين “الشرعية الدستورية” و”الشرعية الشعبية”، هوّة شاسعة، عبّرت عنها مليونيات الجمعة السابعة، وقد تعاود الكرّة بالإصرار على مطلب الرحيل في جمعة ثامنة، وبين المبررات الدستورية، والإرادة الشعبية، يحلّل المحللون، ويناقش السياسيون والخبراء، مخارج النجدة، لأزمة جديدة أحدثها آليا وتلقائيا استخلاف بوتفليقة ببن صالح! الكثير من السياسيين والخبراء الدستوريين، كانوا ينتظرون أو يرجّحون لجوء بن صالح إلى الاستقالة القبلية، أي قبل اجتماع البرلمان لتثبيت شغور منصب رئيس الجمهورية، لكن رئيس مجلس الأمّة، لم يستقل ولا هم يحزنون، وترأس الجلسة، وأصبح “آليا” حسب الدستور، رئيسا للدولة، ب”موافقة” نواب أحزاب الموالاة، وفي ظلّ مقاطعة نواب أحزاب من المعارضة! الآن، وقد تم ظاهريا، وإلى أن يثبت العكس، “تجاوز” الحراك الذي رفع في الجمعة الأخيرة مطلب “رحيل الباءات”، سينطلق المختصون والمفسّرون، في تحليلات جديدة وسيناريوهات متجدّدة، بشأن “الحلول والبدائل” لتوليّ أو تولية بن صالح رئيسا للدولة، بعد ما ثبّتت الهيئة التشريعية “المغضوب عليها”، ورسّمت دستوريا استقالة بوتفليقة بصفة نهائية! هل يُمكن الآن الرجوع إلى المادتين 7 و8 من الدستور بعد ما تمّ تطبيق المادة 102 جملة وتفصيلا، وشكلا ومضمونا؟ وهل سيتمّ احترام الإرادة الشعبية ب”أثر رجعي”، بعد ما تمّ التسويق للالتزام الحرفي بنصوص الدستور؟ وهل سيتمّ اللجوء إلى “الحلّ السياسي” بعد الاستعانة بالحلّ الدستوري، إلى غاية اجتماع البرلمان أمس الثلاثاء بنادي الصنوبر؟ بالمختصر المفيد، و”الحاصول”، على حدّ التعبير الشعبي، الأزمة مستمرّة، طالما أن الحراك ضدّ هذا المخرج وهذه التخريجة، وطالما أن الكثير من الأحزاب قاطعت “التنصيب”، وطالما أيضا أن نوابا من الموالاة نفسها، صرخوا داخل قاعة الاجتماعات مطالبين بن صالح بالاستقالة استجابة لإرادة الشعب، فأيّ تطوّرات وسيناريوهات تنتظر البلاد والعباد؟ لا يوجد أيّ عاقل يدعو إلى قبر الدستور وقوانين الجمهورية “العادلة”، لكن لا يوجد بالمقابل أيّ نزيه أو حكيم بإمكانه أن يتجرّأ ويطالب بتحدّي الشعب والوقوف ضدّ إرادته أو عرقلة خياره وقراره، ولذلك، فإن العقل يُخاطب هؤلاء وأولئك للعودة إلى الشعب وسماع صوته بعيدا عن التحريف والتزييف، حتى تتجاوز الجزائر هذا المنعرج والمأزق!