مازالت العملة الوطنية تشهد تراجعا قياسيا أمام باقي العملات الأجنبية، خاصة منها اليورو، الذي بلغ أقصى مستوياته هذه الأيام، حيث وصل سعر الصرف في السوق الموازية مبلغ 210 د.ج لليورو، على عكس السنوات الماضية، التي كانت تشهد استقرارا في سعر الصرف، مع اقتراب حلول شهر رمضان المعظّم. وبحسب بعض تجار العملة، فإن سعر صرف اليورو الذي قفز منذ أشهر قليلة إلى أعلى مستوى، بسبب الظروف الاقتصادية التي شهدتها الجزائر، وكذا لجوء الحكومة إلى التمويل غير التقليدي من خلال طبع الأوراق النقدية بالدينار الجزائري، وتوالي العديد من المناسبات التي تستدعي السفر إلى الخارج، كرحلات العمرة إلى البقاع المقدسّة، ورحلات العلاج إلى بعض الدول الأخرى على غرار تونس، تركيا وحتى الصين، ما رفع من حدّة الطلب على العملة الصعبة في أسواق الصرف، وساهم في ارتفاع سعرها، حتى بلغ أرقاما قياسية، فضلا عن الإقبال المتزايد على العملة الصعبة من طرف بعض العصابات التي عملت على تهريب مبالغ ضخمة عبر الحدود البرية مع تونس، أو حتى عبر المطارات، ما أحدث شبه ندرة في الأوراق النقدية التي أخذت منحى تصاعديا دون تراجع أمام الدينار الجزائري الذي تهاوت قيمته منذ مدّة. كما أن غياب مكاتب صرف معتمدة في الجزائر، وتقلص منحة السفر السنوية في الوكالات البنكية التي لم تعد تتجاوز مبلغ 110 يورو، أثّر بشكل مباشر على تراجع قيمة الدينار الجزائري، التي أضحت ضعيفة جدا مقارنة بباقي العملات الأجنبية. وعلى الرغم من الاحتياطات والإجراءات الأمنية المتخذة على مستوى الموانئ والمطارات ومراكز العبور البرية، لوقف عمليات استنزاف العملة لصعبة ونقلها إلى خارج الحدود بطرق غير قانونية، من طرف بعض العصابات المختصّة في تبييض الأموال وتهريبها نحو الخارج، إلاّ أن ذلك لم يجد نفعا، على الرغم من عمليات الحجز التي تقوم بها مصالح الجمارك وشرطة الحدود باستمرار، التي ضبطت مبالغ ضخمة بالعملة الصعبة بحوزة مسافرين، كانوا بصدد تهريبها نحو الخارج، أغلبهم كانوا متوجهين نحو تونس أو تركيا، بل أكثر من ذلك، فإن بعض المتابعين، ذكروا أنه على السلطات التحرك لوقف استنزاف العملة الأجنبية التي تحوزها بعض البارونات، قبل تهريبها نحو الخارج، وأضافوا أنه وعلى الرغم من توجه آلاف الجزائريين إلى البقاع المقدسة لأداء مناسك العمرة، خلال شهر رمضان المعظّم، المتبوع بالعطلة الصيفية التي ترحل فيها العائلات باتجاه فنادق تونس خصوصا أو تركيا أو غيرها من البلدان الأجنبية، إلاّ أن ذلك لن يلهب سعر اليورو إذا ما نجحت السلطات، في استرجاع الأموال المنهوبة، التي يتم تحويلها إلى العملة الصعبة تمهيدا لتهريبها عن طريق بعض الشبكات المختصة في هذا المجال. وعلى صعيد آخر فقد كشف الحراك الشعبي الذي تشهد الجزائر منذ تاريخ 22 فيفري الماضي، عن وجود مبالغ مالية ضخمة تم الاستيلاء عليها بطرق غير مشروعة من طرف بعض المسؤولين السابقين الذين كانوا ينشطون في شكل عصابات منظمة، تعمل على تدمير الاقتصاد الوطني، من خلال سنّ ترسانة من القوانين لحمايتها، واعتمادها للتمويل غير التقليدي وطبع النقود رغم تحذيرات الخبراء والمختصين في الشأن الاقتصادي. إلاّ أن أيام الحراك الشعبي وما رافقها من إجراءات قضائية، بينّت تورط العديد من السياسيين في نهب المال العام، وتحويله إلى عملة صعبة وتهريبه نحو الخارج، ما ساهم في تراجع قيمة الدينار الجزائري، الذي كان تأثيره جليا على مختلف السلع المعروضة في الأسواق التي عرفت بدورها التهابا في أسعارها، بالموازاة مع تراجع القدرة الشرائية للمواطنين.