لا يتعدى حق المواطن الجزائري في الاستفادة من مبلغ تحويل العملة الصعبة 15 ألف دينار سنويا وهو الذي لا يكفي حتى لشراء علبة دواء بالخارج أو لقضاء عطلة، أو اقتناء تذكرة سفر وهو ما يجعل الفرد يتوجه إلى السوق الموازي لاقتناء العملة الصعبة التي تعرف ارتفاعا جنونيا، حيث وصل سعر صرف الأورو بساحة بور سعيد بالعاصمة 150 دج. كشف الأستاذ مراد دهيري مختص في الاقتصاد ل ''الشعب'' عن زيادة دائرة السوق الموازي للعملة الصعبة في ظل الطلب المتزايد، حيث ارتفاع وتيرة الاستيراد وكثرة التنقلات للخارج للعلاج والعمرة والحج والسياحة، وهذه الوضعية زاد من عدد الناشطين في هذه السوق التي تدور فيها مبالغ تفوق مليار أورو. وقال المتحدث أنّ ترسيم هذه السوق يبقى الحل الأفضل من خلال جلب هؤلاء الناشطين وإقناعهم بفتح مكاتب صيرفة على غرار ما يحدث بالأردن وتونس ودول أخرى نجحت في جلب المتعاملين وحصنت نفسها دخول عملات مزورة أو خارج دائرة القانون. وأضاف دهيري في تصريحات ل ''الشعب'' أنّ الإجراءات الجديدة التي اتخذتها السلطات لتحسين الأداء البنكي مطالبة برفع قيمة صرف العملات الصعبة حتى يتمكن المواطن من تلبية انشغالاته. وحذّر بالمقابل من ارتفاع وتيرة تهريب العملة الصعبة نحو تركيا وبعض دول الشرق الأوسط، حيث تعكس العلميات الأخيرة لمصالح الأمن على مستوى المطارات وجود شبكات مختصة في تهريب العملة التي تدر على أصحابها أموالا طائلة. ودعا الأستاذ بالمقابل إلى الإكثار من عمليات التحسيس على مستوى الجالية للإقبال على البنوك لتصريف العملة وتفادي الذهاب للسوق الموازي ولو بتخصيص نسب صرف مشجعة، لأنّ تحويل العملة الصعبة من الخارج إلى الجزائر بالمقارنة مع تونس والمغرب يبقى بعيدا كل البعد عن مستوى التطلعات. ويبقى الاستيراد الأخطبوط الأكبر وراء استنزاف العملة الصعبة، حيث يعمل الكثير من المستوردين من خلال كثرة سفرياتهم إلى تحويل أكبر قدر ممكن من العملة، كما أنّ الكثير من الفاتورات تتعرض للتضخيم، مثلما حدّثنا عنه ''م ح'' مصرح جمركي، حيث يجلب المستوردون فاتورات كبيرة ويقومون بدفعها في البنوك لتحويل قيمة الأشياء المستوردة بالأورو بطريقة يصعب ضبطها. وبعد ساحة بور سعيد بالعاصمة برز سوق ''كلوزال'' و''بازار الربيع'' ببرج الكيفان كأماكن معروفة لتبديل العملة الصعبة، والتي تلقى تجاوبا كبيرا من المواطن الذي تزداد حاجياته كل يوم. ويعتبر موسم العمرة من المواسم التي تعرف اقتناء مبالغ ضخمة من العملة الصعبة، وهو ما يبرّر ارتفاع الأسعار هذه الأيام .