ازدحمت الشاشات العربية بمجموعة من المسلسلات السورية التي تبشر بموسم “تنافسي” يعيد التألق لهذه الصناعة التي عانت ظروفًا صعبة قبل سنوات، فاللافت تقدم بعض المخرجين السوريين في رسم صورة أكثر حرفية لجهة الأعمال المعروفة بالدراما المُشتركة. يصح القول إن “تبرير” جنسية الممثلين وكيفية اجتماعهم في قصة متسلسلة، أصبح أكثر إقناعًا قياسًا بالسنوات السابقة. هذا ما ظهر واضحًا في مسلسل “خمسة ونص”، من إخراج فيليب أسمر وبطولة قصي خولي ونادين نسيب نجيم. يحكي الفيلم قصة غانم الغانم (رفيق علي أحمد) سياسي لبناني وصاحب نفوذ، تزوج من امرأة سورية، توفيت، بعدما أنجب منها غامر (قصي خولي). صراع بين الأب وابنه، بعد وفاة ابنه الثاني في حادث سير، وما يترتب على ذلك من مأساة، تهدد استقرار العائلة والزوجة الثانية سوزان الغانم (رولا حمادة). في “دقيقة صمت”، جدل حول محاكمة مواطن لبناني (فادي أبي سمرا) في السجون السورية والحكم عليه بالإعدام لتهمة ظلت مجهولة في الحلقة الأولى، لكنه لم يخف عمل المتهم؛ خبير في تفجير الصخور، وكيف يلتقي بسجين آخر متّهم بجريمة قتل (عابد فهد) ويفلتان من سجون الجيش السوري، لتبدأ قصة تعتمد على التشويق من السجن وإسقاط على يوميات حقيقية يعيشها المواطن السوري المعتقل، وتخاذل رئيس السجن والمسؤولين في ما بينهم. البعد التشويقي في الحلقات الأولى للمسلسلات الدرامية هذه السنة، يكتمل في “مسافة أمان” من إخراج الليث حجو. رغم بعض المقاطع التي ظهرت مستنسخة عن بعض الأفلام العالمية في “مسافة أمان”، يخرج الليث حجو بنوع من التشويق الجديد للمطاردات؛ طبيبة يُخطف زوجها في محاولة ابتزاز مدروسة من قبل بعض النافذين الذين يرفضون أي محاولة لاستدراجهم بالمال من قبل الطبيبة. يسجل المخرج السوري سامر البرقاوي تقدمًا واضحًا في “الهيبة: الحصاد”، مشاهد كثيرة، عُرضت بداية الجزء الثالث أظهرت حرفية عالية، أمام تبرير مشهدي وسيناريو مقنع للانقلاب الذي حصل في قرية “الهيبة”، وتصارع النفوذ بين أبناء العائلة الواحدة؛ ما يؤدي إلى إصابة ابن عم البطل شاهين (عبدو شاهين)، لكن التركيز على التشويق من الحلقة الأولى كان لصالح المسلسل وجمهوره الذي منحه ثقة عالية ونجاحًا وصل إلى حدود التأثر بالبطل “جبل” (تيم حسن) وتقليده. وحول مسلسل “هوا أصفر” (إنتاج 2018)، فيبدو أن الممثلة سلاف فواخرجي انقلبت في اختيارها للأدوار، وفضلت هذه المرة دورًا محوريًا حول زوجة رجل يملك ناديًا للقمار، وتحاول بعد تعرّض زوجها لوعكة صحية أن تبقي على نفوذها، لكن الرياح تعاكسها، ويقوى الصراع المالي والديون. اكتشاف جديد للممثل اللبناني يوسف الخال أمام قصة يبدو أنها تعتمد على عنصر التشويق الواضح، وتداخل المصالح المالية والشخصية في نص وإخراج يستحقان المتابعة. “الشروق” تعيد الأعمال “السورية – الجزائرية” إلى الواجهة! كما استطاع “ورد أسود” أن يجمع نجوم الدراما السورية والجزائرية في عمل واحد في قصة محبكة وهو ثالث عمل مشترك بين البلدين بعد مسلسل “عذراء الجبل”، ومسلسل "ذاكرة الجسد"، من إنتاج شركة “ويلكوم” الجزائرية، ويشارك فيه فنانون جزائريون معروفون على غرار خالد بن عيسى ومنال غربي وزكريا بن محمد وأميرة شرابي وزهرة حركات، أما من الجانب السوري فيحضر كل من سلوم حداد وديمة قندلفت وصباح الجزائري وفادي صبيح ووائل شرف وجابر جوخدار ولبنى بدور وميري كوجك وترف التقي من إخراج سمير حسين. “سلاسل دهب” يتفوق على “باب الحارة 10”! البيئة الشامية تبدو أكثر تماسكًا في مسلسل “سلاسل دهب” عن مسلسل “باب الحارة 10”. تخلع كاريس بشار ثوبها في الدراما العصرية، وتلجأ لدور المرأة اللعوب التي عليها مواجهة الحياة بعد طلاقها من زوجها، بأسلحة المرأة التي تبقيها محور المسلسل المتماسك لجهة إتقان الأدوار وسياق الأحداث التي تجسّد واقعا بسيطا لا يخلو بعض الأحيان من المواقف والعادات الأقرب إلى التخلف التي كانت سائدة تلك الفترة الزمنية. قد تخسر شركة “قبنض” السورية منافستها في أحداث مسلسل “باب الحارة”. وجوه تدخل المرة الأولى إلى مكان التصوير في محاولة كان بإمكانها أن تقدم بصورة أفضل، لكن التنافر الحاصل حول مالكي هذا المشروع قلل من أهميته بعد أجزاء عُرفت بالضعف في السنوات السابقة.