توالى سقوط رموز الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة الواحد تلو الآخر وأحيل بعضهم على سجن الحراش والآخر على المحكمة العسكرية بالبليدة، لكن الأمين العام للمركزية النقابية عبد المجيد سيدي السعيد ظل في مكانه رغم مطالب رحيله والاحتجاجات العارمة ضده، بالرغم من انه كان أحد أبرز وجوه نظام بوتفليقة ومن السباقين للدعوة للعهدة الرابعة والخامسة. كان رجل الأعمال علي حداد من بين الأوائل من وجوه نظام بوتفليقة الذين سقطوا نهاية مارس وحتى قبل استقالة الرئيس السابق، بعد أن تم توقيفه وهو بصدد مغادرة البلاد نحو تونس، وأحيل لاحقا على سجن الحراش على ذمة التحقيق. ونظرا للعلاقة الحميمية وغير العادية بين حداد، زعيم أرباب العمل، وسيدي السعيد النقابي زعيم العمال، توقع الكثيرون سقوط سيدي السعيد بعد أن أودع حليفه في الباترونا السجن، لكن لا شيء من ذلك حدث. وطال “الحساب” أحمد أويحيى احد أبرز وجوه نظام بوتفليقة على الإطلاق، إضافة لوزير المالية محافظ بنك الجزائر محمد لوكال، اللذين استدعيا من طرف محكمة سيدي امحمد على خلفية تهم فساد وتبديد المال العام وامتيازات غير مشروعة. وتوالى سقوط وجوه نظام بوتفليقة، من خلال استدعاء الإخوة كونيناف للتحقيق، من طرف محكمة سيدي امحمد التي أمرت بإيداعهم سجن الحراش. ثم طالت التحقيقات الجنرال المتقاعد عبد الغني هامل المدير الأسبق للأمن الوطني، الذي استدعي للتحقيق في محكمة تيبازة على خلفية تهم فساد وسوء استغلال الوظيفة، ثم بمحكمة سيدي أمحمد فيما عرف بقضية البوشي (701 كيلو غرام من الكوكايين). وانتقلت موجة السقوط لتطال 3 شخصيات هي من أبرز وجوه نظام بوتفليقة، وهم شقيقه السعيد، والمدير الأسبق للمخابرات الجنرال محمد مدين (توفيق)، واللواء بشير طرطاق مدير المخابرات السابق، الذين أحيلوا على المحكمة العسكرية بالبليدة وتم إيداعهم السجن. وتم إيداع الثلاثاء حميد ملزي، مدير إقامة الدولة الحبس المؤقت، بعد أسابيع من إقالته من مهامه كمدير للإقامة، وهو أيضا يعتبر من الوجوه التي برزت في عهد بوتفليقة وصارت شخصية نافذة، لكن الملاحظ أنه بالرغم من السقوط المتوالي لأبرز وجوه نظام بوتفليقة، إلا أن الأمين العام للمركزية النقابية عبد المجيد سيدي السعيد صمد في مكانه رغم اتساع رقعة الرافضين له والمطالبين برحيله من على رأس أكبر تنظيم نقابي في البلاد. وفي خضم مقاومة سيدي السعيد لمناوئيه رغم سقوط عديد رفاقه من وجوه نظام الرئيس السابق، برزت تساؤلات في الأوساط النقابية ولدى الرأي العام الوطني، عن موعد سقوط سيدي السعيد؟ خصوصا وأنه أسر لمقربيه قبل تنحي بوتفليقة، بأن شقيق الرئيس السعيد، طلب منه المقاومة إلى آخر رمق. ورغم الاحتجاجات غير المسبوقة التي شهدها مقر المركزية النقابية بدار الشعب بالعاصمة التي ضمت إحداها نحو 10 آلاف عامل ونقابي، وتمرد اتحادات ولائية ومناطق صناعية وأعضاء اللجنة التنفيذية لولايات الوسط، ومقاطعة جل أعضاء هذه اللجنة لاجتماع وهران في 11 أفريل الماضي، إلا أن سيدي السعيد بقي في منصبه ويرفض التنحي، بل وجند مرتين بلطجية دخلوا في مناوشات مع خصومه، إحداها بدار الشعب والثانية قبل أيام بمقر الاتحاد الولائي بتلسمان تسبب في سقوط جرحى. وخلال كل احتجاج للنقابيين بما في ذلك الذي نظم في الفاتح ماي المصادف للعيد العالمي للعمال، وجد النقابيون المحتجون أبواب دار الشعب مغلقة في وجوههم بمركبات للشرطة والعشرات من عناصرها، وسط تساؤلات عن سرّ “مقاومة” سيدي السعيد. كما كان سيدي السعيد عنوانا لهتافات الملايين من المتظاهرين كل جمعة الذين طالبوا برحيله كونه جزءا من العصابة، ورفعت صوره جنبا إلى جنب مع بقية الوجوه التي سقطت على غرار أويحيي وحداد وكونيناف والسعيد بوتفليقة وغيرهم. وعكس التوقعات استدعى سيدي السعيد صبيحة أمس الأربعاء اجتماعا للجنة الانضباط للاتحاد العام للعمال الجزائريين اليوم بدار الشعب، للشروع في تفعيل إقصاء النقابيين الذين انخرطوا في الحراك المناهض للقيادة الحالية للتنظيم. وحسب ما تسرب ل”الشروق” فإن سيدي السعيد كلف بفصل العضوية النقابية لكل النقابيين الذين انخرطوا في الاحتجاجات ضد القيادة الحالية، مشيرة إلى أن الفصل سيشمل بصفة خاصة أعضاء اللجنة التنفيذية الوطنية الذين رفضوا حضور الاجتماعات التي دعا لها سيدي السعيد. ووفق ما تردد في أوساط النقابيين فإن هذه الخطوة، أي فصل أعضاء اللجنة التنفيذية الوطنية، هدفها هو الحصول على النصاب القانوني، من خلال تعليق عضوية أكثر من نصف أعضائها والقول بأن البقية يدعمون سيدي السعيد ويشكلون النصاب القانوني.