في الوقت الذي عوّدت بعض الأعمال التلفزيونية الجزائرية الرمضانية الجمهور الجزائري تقديم مضمونها وقصصها في بروج عاجية وفيلات فخمة بقلب العاصمة لا تمت بصلة لواقع المجتمع الجزائري الذي يعيش أغلبه في الأحياء الشعبية، اختار الممثل عبد القادر جريو البطل الرئيسي في العمل أحياء وهران العتيقة وأزقتها القديمة لتجسيد قصص “أولاد الحلال” الذي تعرضه “قناة الشروق” ويخرجه نصر الدين السهيلي، وهي الصورة الأقرب لمجتمعنا بكل الإيجابيات والسلبيات التي يحملها. عكس بعض الأعمال الدرامية والكوميدية التي يتابعها المشاهد الجزائري خلال رمضان الجاري مثل “الجريح” و”ورد أسود”، إذ يجري تصويرها في فيلات وفنادق فخمة لا علاقة لها بالواقع ولا بالمجتمع، إلاّ ببعض الفئات كالأثرياء وطبقات “الهاي كلاس” كما تسمى، يستمتع الجزائريون بما تجسده قصص درامية تعكس ذاتهم في “أولاد الحلال” والتي تجري في دروب وهران العتيقة، دروب تعج بحركة المارة والباعة، تعج بالشباب البطال، والباحث عن العمل، تعج بالمطاعم الشعبية، محلات وطاولات بيع”الكاركنتيكا” التقليدية، وبالمقاهي الشعبية حيث يلتقي البسطاء على قهوة أو شاي، يتبادلون أطراف الحديث حول هموم الحياة ومشقاتها وسط طقوس الحب التي تجمع بعضهم رغم الصباحات والمساءات المثقلة بالهموم. يصور المخرج نصر الدين السهيلي عن سيناريو رفيقة بوجدي طقوس وتقاليد الأحياء الشعبية، وحياة البسطاء، حيث لا دخل مادي ثابت، يستأنسون به، يصارعون من أجل البقاء على كافة الأصعدة، ينقل صورا حقيقية من الواقع من دون مساحيق تجميل، ينقل جمال هذا الواقع الذي يصنعه بفخر آلاف المواطنين الغلابى بكل محاسنهم ومساوئهم. العمل بطولة الثنائي عبد القادر جريو ويوسف سحيري أو الأخوان “مرزاق “و”زينو”، شابان صائعان، لكن يعيشان بكرامة وفي قلبهما إنسانية كبيرة، يحبان الجميع ويدافعان عن الجيران ونساء “الحومة”، وإضافة إلى هذا الثنائي نجد ممثلين تقمّصوا أدوارا مختلفة لم يظهروا بها سابقا منهم مليكة بلباي التي جسدت شخصية المرأة المكافحة والمربية، أو سهيلة معلم (ليلى) الفتاة العاشقة والمكافحة لكسب قوت العيش، رفقة أختها وغيرهم من الممثلين سواء محمد خساني، أحمد مداح، عزيز بوكروني، مصطفى عريبي وغيرهم والذين أدوا أدوارا مهمة في هذا العمل الذي قدم الدراما الجزائرية في قالب جديد واقعي وصادق بعيدا عن صالونات وكافتيريات فنادق الخمس نجوم.