تواصل حراك طلبة الجامعات، الثلاثاء، بخروجهم إلى الشارع في المسيرة ال12، مؤكدين بقاءهم مجندين لمواصلة النضال لغاية تغيير النظام ورحيل رئيس الدولة المؤقت، عبد القادر بن صالح، وحكومة الوزير الأول نور الدين بدوي، مع تأكيد رفضهم إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة يوم الرابع من جويلية المقبل. في حدود الساعة العاشرة والنصف، بدأ توافد مئات الطلبة أمام مقر الجامعة المركزية وساحة أودان بالجزائر العاصمة، ضاربين موعدا مع مسيراتهم الثالثة عشرة، منذ انطلاق الحراك الشعبي في 22 فيفري، والثانية منذ بداية شهر رمضان ضد رموز كل النظام دون استثناء مطالبين بإبعادهم جميعا، مع إحداث التغيير المنشود. وعرفت مسيرة الطلبة باعتبارهم شريان الانتفاضة الشعبية، أو الثورة البيضاء كما سماها البعض، أمس، حصارا كبيرا فرضته عليهم قوات الشرطة ووحدات مكافحة الشغب، حيث تم منع الطلبة من الوصول لساحة البريد المركزي، الذي عرف تعزيزات أمنية كثيفة باعتباره “موطن الحراك”، كما أطلق عليه، ما أجبر مئات الطلبة، على السير تجاه حديقة الطلبة صوفيا وشارعي إصلاح حسين وتندوف، تحت هتافات “خلو الطالب يبان.. حلوا البيبان”، وكذا “سلمية سلمية.. مسيرة طلابية”، ليغيروا نقطة التلاقي هذه المرة من مدرجات البريد المركزي، إلى محيط مقر المجلس الشعبي الوطني، حيث نظموا وقفة بعدما وصلوا إليه، مرددين شعارات: “كليتو لبلاد يا السراقين”، و”الحرية للجزائر” و”بن صالح ديقاج”. كما رفع الجامعيون العديد من اللافتات الرافضة للبطء الذي أضحى يميز التعامل مع الظرف السياسي الراهن في البلد بالتزامن مع إصرارهم على ضرورة رحيل بقايا نظام بوتفليقة في القريب العاجل عن المشهد السياسي، وعبروا عن رفضهم لبقاء رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، وبدوي مع حكومته، كما أبانوا رفضهم إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة وهو ما لخصه شعار: “لا للانتخابات يا حكم العصابات”. وبصوت واحد ردد الطلبة بالشارع المحاذي للجامعة المركزية شعارات: “مراناش حابسين كل ثلاثاء خارجين”، و”الطالب يريد شخصية توافقية لقيادة المرحلة الانتقالية”، كما رفع المتظاهرون يافطات متعددة تتقاطع في خوفهم على مستقبل الحراك الشعبي منها “نريدها جزائر عادلة، آمنة، سالمة، حرة.. أمة ترضي الله والشهداء”، “مع الجيش لبناء جزائر نوفمبرية باديسية”. وفي حدود الساعة الواحدة بعد الزوال سار الطلبة في تجاه شارع عبان رمضان ووقفوا أمام محكمة سيدي أمحمد، مرددين “كليتو لبلاد ياسراقين” مؤكدين على استمرار الحراك الشعبي السلمي، والوعيد برحيل كل أفراد العصابة، إما بالقانون أو بالدستور أو مثلما جاء في بعض الهتافات “تتحاسبوا قاع يعني تتحاسبوا قاع”، كما أعربوا عن رفضهم القاطع لكل ما هو صادر من أنصاف الحلول للأزمة الراهنة من طرف النظام والدعوة إلى تكريس إرادة الشعب تحت عنوان “الشعب هو سيد السلطة” من أجل بناء جمهورية ثانية تمهد لقيام دولة القانون والعدالة الاجتماعية. مظاهرات دعما للحراك الشعبي عبر عديد الولايات خرج ككل ثلاثاء طلبة وأساتذة وعمال جامعة “عبد الرحمن ميرة” لبجاية في مسيرة حاشدة انطلقت من القطب الجامعي “تارڤة أوزمور” وصولا إلى مقر الولاية فساحة حرية التعبير “سعيد مقبل”، فرغم الحر والصيام إلا أن المشاركين في هذه المظاهرة قد كشفوا عن عزيمتهم الكبيرة في مواصلة النضال إلى غاية رحيل كل وجوه النظام من دون استثناء. وردد الطلبة في هذا السياق العديد من الشعارات وذلك طوال مسار المسيرة منها “عيينا من هذا البوفوار” و”كليتو لبلاد يا السراقين” و”أولاش السماح أولاش” و”يتنحاو ڤاع ويتحاسبو ڤاع” و”لا بن صالح ولا بدوي ولا بوشارب”، حيث تمسك الطلبة برحيل فلول نظام بوتفليقة تحت شعار “لا سبيل ولا بديل للعصابة إلا الرحيل”. كما جدد المشاركون رفضهم المطلق لانتخابات يشرف عليها بقايا النظام مطالبين بتفعيل المادتين 7 و8 من الدستور قبل فوات الأوان والمرور بذلك إلى مجلس تأسيسي يختاره الشعب، وفي هذا السياق فقد أشار أحد الطلبة أن “الشعب طالب برحيل النظام الفاسد ولم يطالب باستيراد السيارات المستعملة”- مضيفا- “النظام سيفعل المستحيل من أجل امتصاص مطالب الشعب في التغيير”. .. قبل أن يقاطعه طالب آخر ليقول: “طالبنا بالحرية وليس بالسيارات.. نحن نطالب برحيل النظام حتى نتمكن من خلق فضاء مناسب يسمح بإنتاج سيارات جديدة، ليست قديمة ولا مستوردة”- قبل أن يتساءل: “من أين أتت هذه الحكومة بكل هذه الصلاحيات التي تجعلها تتخذ مثل هذه القرارات وكيف لحكومة لم يقبلها الشعب أن تتخذ قرارات مصيرية تمس بالاقتصاد الوطني؟”- معلقا على الموضوع بالقول: “السيارات المستوردة ماشي بأموال السكوار يا وزير.. تتنحاو ڤاع”. من جهتهم، عاد أمس أصحاب الجبة السوداء بالبويرة إلى الشارع دعما للحراك الشعبي ومواصلة لمسيراته ووقفاته، حيث نظم المحامون وقفة احتجاجية بمقر مجلس قضاء البويرة تعبيرا منهم عن مساندة ووقوف هيئة الدفاع إلى جانب مطالب الشعب في حراكه، وأهمها رحيل العصابة بكامل أذنابها ورفض إجراء الانتخابات الرئاسية المحدد تاريخها في 4 جويلية المقبل، خاصة أنها ستكون كما قالوا بنفس الوجوه التي أشرفت على انتخابات مزورة سابقة وبحكومة تفتقد للشرعية الشعبية. كما خرج طلبة جامعة أكلي محند أولحاج بالبويرة في مسيرتهم التي اعتادوا تنظيمها كل يوم ثلاثاء، منادين برحيل الحكومة ومعبرين عن رفضهم لتنظيم الانتخابات المقبلة مع التأكيد على عزمهم على مواصلة حراكهم واعتصامهم رغم كل الظروف إلى غاية تحقيق جميع مطالب الشارع. ووصف محامو ولاية تيزي وزو الانتخابات الرئاسية المقبلة، بالمسرحية المرفوضة أساسا، لاستحالة شفافيتها حسبهم، حيث ستكون تحت إشراف بقايا النظام المعروف بتزويره للانتخابات منذ الاستقلال. وأكد أصحاب الجبة السوداء الذين خرجوا أمس، في مسيرة رابعة منذ بداية الحراك الشعبي، لمساندة الشعب والتأكيد على وقوفهم بجانبه، أكدوا أن ما تم الاستجابة له إلى حد الساعة، بعيد كل البعد عن تطلعات الشعب ومطالبه التي تصب في ضرورة تغيير النظام والمنظومة القانونية ورفض الانتخابات.