أولى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أهمية بالغة لثلاثة ملفات خلال ترأسه لأول اجتماع للوزراء، التقى فيه حكومة عبد المالك سلال أمس الأول، إذ استحوذ الحديث عن التحفيزات والامتيازات التي حملها مشروع قانون المحروقات في طبعته الجديدة ومشروع المليوني سكن، وتدابير مشروع قانون المالية على حصة الأسد في أشغال مجلس الوزراء الذي دام 5 ساعات كاملة، انطلقت عقاربها عند الساعة الواحدة والنصف زوالا وتوقفت تقريبا عند الساعة السادسة والنصف. ومن كواليس مجلس الوزراء رصدت "الشروق" أن الرئيس بوتفليقة، بدا في صحة جيدة جدا، وأدار المجلس الذي دام قرابة 5 ساعات بكل أريحية دوى خلالها صوته عاليا في القاعة، وبكثير من الحزم والذكاء تعمد محاولة فك عقد ألسنة الوزراء الجدد، فكان بحسب مصادرنا في كل مرة يفتح النقاش حول موضوع إلا ويطرح سؤالا عاما على الجميع، يتعلق في ما إذا كان لأحد منهم ملاحظة أو تعقيب أو تعديل، غير أن الوافدين الجدد ال15 على الحكومة، أعطوا الانطباع أن الانضباط سمتهم، فكانوا يكتفون بالموافقة دون إبداء الرأي أو التعليق . وعلى نقيض أول مجلس للحكومة أداره سلال بتاريخ ال10 سبتمبر وشهد عروضا خطابية واستعراضية للوزراء الجدد، خاصة من جانب وزير الاتصال محمد السعيد، وكاتب الدولة المكلف بالاستشراف لدى الوزير الأول بشير مصيطفى، اللذين لم يفوتا ملفا دون إبداء الرأي، لم يعلو لوزير الاتصال صوت في حضرة الرئيس بوتفليقة، وإن سجل مصيطفى تدخلا عندما طرح ملف استكمال مشروع المليوني سكن وكيفية تهيئة المدن للنقاش، إلا أن خبير الشؤون الاقتصادية فضل أن يوطئ لمداخلته بعبارات الشكر والامتنان للرئيس بوتفليقة على الثقة التي وضعها في شخصه، وتمنى أن يكون عند حسن الظن ..! كاتب الدولة لدى سلال الذي حضر أول مجلس للوزراء مرتديا بدلة بلون فاتح على نقيض البقية أناب على زملاءه الجدد في إسداء الشكر للرئيس على تواجدهم ضمن الحكومة. وضمن محاولة الرئيس دائما فك عقد ألسنة الوزراء واستنطاقهم، تعمد إعطاء الكلمة لعمارة بن يونس، وزير التهيئة العمرانية والبيئة والمدينة، عندما سأله عن رأيه في الحلول المقترحة لاستكمال المليوني سكن وفيما إذا كان الحل يكمن في استحداث مدن جديدة بعيدا عن العاصمة، ردا على هذا السؤال اعترف عمارة بن يونس الذي سبق له الاستوزار وأجواء المجلس ليست بالجديدة عليه، أنه لم يكن ينوي الحديث وعزم التزام الصمت وعدم التدخل في أول مجلس للوزراء يحضره بعد 11 سنة من الغياب عن الجهاز التنفيذي. وبعد أن انتزع الرئيس هذا الإعتراف من عمارة بن يونس، طرح هذا الأخير تصوره للأمر وتحدث في الجوانب التي يجب أن ترافق قرارا بحجم قرار إقامة ما تبقى من مشروع المليوني سكن في ولايات الهضاب العليا وإقامة مدن جديدة، وإن حتم طرح ملف السكن للنقاش تدخل وزير السكن الجديد عبد المجيد تبون، إلا أن تدخله توقف في نفس مستوى تدخلات زملائه المعنيين بالملف، كوزير الفلاحة المعني بإقتطاعات مساحات جديدة من الأراضي الفلاحية لإنجاز سكنات. ملف السكن واستكمال مشروع المليوني وحدة استحوذ على جانب كبير من النقاش في مجلس الوزراء، وبدت الرؤية غير واضحة عن خيارات الوعاءات العقارية والولايات التي ستستقبل البرامج السكنية الجديدة، لدرجة ظهرت معها الأسباب الخفية لترحيل نور الدين موسى عن القطاع، فيبدو بوتفليقة غير مرتاح تماما لوتيرة إنجاز مشروع المليوني سكن. رئيس الدولة الذي غاب عن هذا المجلس مدة سبعة أشهر كاملة، تغاضى كلية الخوض في ملف التحضير للانتخابات المحلية، كما تحاشى الحديث عن التشريعيات أو نتائجها، وركز اهتمامه على الملفات الاقتصادية والتدابير التي تضمنها مشروع قانون المالية الذي لم يحظ لدى الرئيس بالإهتمام الذي حظي به قانون المحروقات، فقد حرص بوتفليقة على انتزاع التزامات من وزير الطاقة يوسف يوسفي، الذي استفسر لديه، فيما إذا كانت التعديلات المدرجة على قانون المحروقات كافية لإقناع الشركات الأجنبية العاملة في مجال النفط بالعودة الى الجزائر، واكتفى يوسفي بالتأكيد أن الامتيازات والتخفيضات الجبائية التي ضمها للقانون هي النقاط التي لمسها من خلال العملية التفاوضية التي جمعته مع الشركات النفطية الأجنبية. بوتفليقة أمر يوسفي باعتماد سياسة الترويج والدعاية لقانون المحروقات الجديد، والاستماتة في الدفاع عن الامتيازات التي تضمنها أمام نواب المجلس الشعبي الوطني، خاصة وأن وزير الطاقة طمأن الرئيس عندما تحدث عن احتياطي الجزائر من النفط وقدره بعشرات المرات عما يتحدث عنه خبراء الطاقة. هي بعض الجوانب من اجتماع أول مجلس للوزراء، يحضره 15 اسما جديدا ويغيب عنه وزير التربية السابق أبو بكر بن بوزيد، بعد 19 سنة من الحضور، هذا الغياب الذي شعر به العديد من الوزراء، فشكل حديثا خاصا بينهم في الكواليس، كما لم يكن بعضهم مرتاحا لغياب الألفة في التشكيلة الإجمالية!.