لم تدم فرحة محيط الأندية التي حققت الصعود إلى حظيرة الكبار طويلا، بدليل طغيان الحديث عن الأزمات المتعددة وغياب البدائل التمويلية، ما جعل القائمين على الهيئات المسيرة يهددون بالانسحاب، والكلام ينطبق على إتحاد بسكرة ونجم مقرة وكذا جمعية الشلف التي يبدو أن ارتقاءها إلى الرابطة الأولى تحول من نعمة إلى نقمة بسبب كثرة المتطلبات التي تزيد من نوعية التحديات. إذا كان أنصار الزيبان ومقرة والشلف لا يزالون على وقع نشوة الصعود إلى حظيرة الرابطة المحترفة الأولى، إلا أن المسيرين دخلوا في متاعب ومصاعب بالجملة، خاصة في ظل التحديات التي تنتظرهم تحسبا لمتطلبات الموسم الكروي الجديد، والذي يفرض القيام بانتدابات تتوافق مع حظيرة الكبار، وكذا التعاقد مع مدرب له من الخبرة ما يسمح له برفع التحدي، ناهيك عن البحث عن بدائل تمويلية لتسوية الحقوق المالية للاعبين القدامى والذين سيتم انتدابهم مستقبلا، يحدث كل هذا في الوقت الذي تشكو فيه الفرق الثلاثة من أزمة الديون الناجمة عن تكاليف ورقة الصعود، وكذا ديون متراكمة تعود إلى المواسم السابقة، كل هذا يجعل مستقبل هذه الأندية غامضا من الآن، بشكل يأتي معاكسا للأنصار الذين يطمحون في تحقيق مشوار مشرف يسمح برفع الرأس ومنافسة أكبر وأقوى أندية الرابطة الأولى. بن ناصر يؤكد انسحابه من مقرة بسبب الأموال وفي هذا الجانب، لم يتوان رئيس نجم مقرة عز الدين بن ناصر في الإعلان عن استقالته من النادي، داعيا جميع الأطراف القادرة على منح الإضافة إلى التقدم، مضيفا أنه بذل جهودا كبيرا حتى يصل الفريق إلى هذا المستوى، وهو الآن مضطر لترك مكان له لمن يريد خلافته، على أن يساعد الرئيس الجديد من قريب أو من بعيد، وقد قدرت تكاليف الصعود التاريخي لنجم مقرة إلى الرابطة الأولى بحوالي 12 إلى 13 مليارا، وهو رقم وصفه بن ناصر بالمتواضع، قياسا بميزانيات أندية صرفت ضعف هذا المبلغ لكنها عجزت عن تحقيق ذات الهدف، معترفا بأن حظيرة الكبار تتطلب الكثير من الإمكانات والتضحيات، وهو الأمر الذي يتطلب على الجهات الوصية وكذا رجال الأعمال التقدم لمد يد العون، بغية المساهمة في صمود أول ممثل لولاية المسيلة في الرابطة الأولى. بسكرة تبحث عن صناعيين والشلف تعاني في صمت وفي السياق ذاته، يواجه إتحاد بسكرة نفس المتاعب التي تلاحق نجم مقرة، ففي الوقت الذي لا يزال فيه جمهور الزيبان على وقع الصعود والعودة إلى مصاف الكبار بعد موسم واحد من السقوط، إلا أن المحيط الإداري للنادي يعيش على وقع الصمت، خاصة في ظل الصعوبات الكثيرة التي تواجه هيئة بن عيسى، وفي مقدمة ذلك تسوية مستحقات اللاعبين المتبقية، إضافة إلى التحديات المقبلة التي تفرض تفادي أخطاء الماضي، بغية ظهور إتحاد بسكرة بوجه أفضل في الرابطة الأولى، وعلى ضوء هذا الوضع، فقد دعا الكثير إلى ضرورة تدخل الصناعيين لوضع الفريق في السكة من الناحية المالية، وبالمرة تفادي سيناريو جديد على وقع السقط من البرج العالي، وهو الأمر الذي لا يخدم الفريق الذي يعد أحد سفراء الجنوب الجزائري. من جهته، يعيش محيط جمعية الشلف في صمت كبير، وهذا منذ ترسيم العودة إلى الرابطة الأولى تحت قيادة المدرب سمير زاوي، حيث تأكد بأن الفريق يعاني من نقص الإمكانات، وقد تجلى ذلك خلال الموسم المنقضي، ما حال دون حسم الصعود في الوقت المناسب، وهذا وفق ما ذهب إليه المدرب سمير زاوي الذي أكد أن فريقه خانته الإمكانات المادية، ما جعله يفقد الريادة، قبل أن يواصل التحدي بفضل إرادة اللاعبين إلى آخر جولة من البطولة. وخرج الكثير من المتتبعين بقناعة أن صعود الأندية إلى المستوى العالي بقدر ما يخلف موجة من الأفراح وسط الأنصار، فإنه يشكل هاجسا حقيقيا لدى المسيرين الذين يجدون أنفسهم يتخبطون في ظل نقص الإمكانات والبدائل التمويلية، أو بسبب أزمة التسيير، وهو الأمر الذي كلف عدة أندية غاليا، على غرار إتحاد البليدة الذي سقط في موسمين من حظيرة الكبار إلى القسم الهاوي مباشرة، في سيناريو شبيه للذي حدث لشباب باتنة وأندية أخرى أصبحت مصيرها مثل الذي يصعد السلالم وينزل، وفرق أخرى تقهقرت إلى الأقسام السفلى رغم ماضيها الكروي المشرف.