دعم الجزائر تام من أجل اتحاد إفريقي أكثر قوة ونفوذا    تسويق 3.3 أطنان من الأسماك في الأسبوع الأول من رمضان    "حماس" تدعو للتفاعل مع تقرير لجنة التحقيق المستقلة    إدراج مكتب أعمال دنماركي في القائمة السوداء    دعوة أطراف النزاع إلى اغتنام رمضان لوقف الاقتتال    جمعية اللجان الأولمبية الإفريقية تكرّم الوزير الأول نذير العرباوي    أقبو بشعار: التعثر ممنوع لتفادي الانفجار    200 مطعم رحمة تجمع العاصميّين في رمضان    "الطيارة الصفراء" تمثّل الجزائر    الدكتور بوزيد بومدين يدعو لفتح نقاش علمي تاريخي اجتماعي    بوشعالة والفرقاني يبدعان بأوبرا الجزائر    العودة إلى قمم كرة القدم الإفريقية والدولية    تفعيل التعاون الجزائري- الأردني في التنمية الاجتماعية    من أجل "عدل 3".. بلديات العاصمة تفتح ليلا    مصادرة 8 قناطير من اللحوم البيضاء غير الصالحة للاستهلاك    اجتماع اللجنة المشتركة لمكافحة الجراد    ارتياح جزائري - ألماني لتقدّم مشاريع الطاقات المتجدّدة    بداري يزور الطلبة المصابين في حادث مرور بسطيف    حفظ الجوارح في الصوم    رياضة/جمعية اللجان الأولمبية الوطنية الافريقية : اجتماع الجزائر, موعد بالغ الأهمية بالنسبة للحركة الأولمبية الإفريقية    استخراج وثائق ملفات "عدل 3": فتح شبابيك الحالة المدنية ببلديات ولاية الجزائر من 21:00 سا إلى 23:30 سا    ضرورة الإسراع في اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء شركة مختصة في النقل الجوي الداخلي    نقابي إسباني يحذر من التصعيد الخطير للانتهاكات في الصحراء الغربية نتيجة إمعان الاحتلال المغربي في سياسته القمعية    قسنطينة: "النفقة" تقليد عريق يكرس روح التضامن والتماسك الاجتماعي    رئيسة لجنة العلاقات الخارجية لإفريقيا بمجلس الشيوخ المكسيكي تشيد بالدور الريادي للجزائر في تعزيز السلم الإفريقي والعالمي    رئيس الجمهورية يهنئ حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها كنائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي    حجز أزيد من 1.7 مليون قرص مهلوس في إن أمناس    شرفة يترأس اجتماع اللجنة المشتركة لمكافحة الجراد    أمطار رعدية مرتقبة على المناطق الساحلية والداخلية    حجز 7ر1 مليون قرص مهلوس بإن أمناس    تصفيات مونديال لأقل من 17 سنة إناث: المنتخب الوطني يواصل التحضيرات لاستقبال بوتسوانا    كرة القدم : باتريس موتسيبي يهنئ وليد صادي بمناسبة انتخابه عضوا في المكتب التنفيذي للكاف    مجلس الأمن: مجموعة "أ3+ " تدعو أطراف النزاع في السودان إلى وقف إطلاق النار بمناسبة شهر رمضان    بلمهدي: التصوف في الجزائر كان له الأثر الكبير في تحصين المجتمع    مولود فرعون: نظرة ثاقبة على الاستعمار و تنديد بانتهاكات فرنسا الاجرامية    مولوجي تتحادث بنيويورك مع نظيرتها الأردنية    فلسطين : الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على طولكرم لليوم ال47 على التوالي    لجنة تحقيق دولية : الكيان الصهيوني ارتكب أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في سائر الأراضي المحتلة    زين الدين بوشعالة وعدلان فرقاني يبدعان في سهرة فنية بأوبرا الجزائر    إذاعة الجزائر الدولية تحتفي باليوم الوطني للثقافة الفلسطينية    البليدة: وزيرا الشباب واقتصاد المعرفة يشرفان على تكريم الفائزات في مسابقة "المقاولات الناجحات"    التجديد النصفي لعدد من أعضاء مجلس الأمة: قوجيل يترأس جلسة علنية مخصصة لعملية القرعة    عدل 3: عملية تفعيل الحسابات وتحميل الملفات عبر المنصة الرقمية تسير بشكل جيد    الشباك الموحد يدرس إدراج شركة 'ايراد" في بورصة الجزائر    فتح خطوط نقل استثنائية خاصة بالشهر الفضيل    تسويق أقلام الأنسولين المحلية قبل نهاية رمضان    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    تهجير الفلسطينيين من أرضهم مجرد خيال ووهم    براف.. نحو عهدة جديدة لرفع تحديات عديدة    صادي في القاهرة    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    أدعية لتقوية الإيمان في الشهر الفضيل    الفتوحات الإسلامية.. فتح الأندلس.. "الفردوس" المفقود    رمضان.. شهر التوبة والمصالحة مع الذات    ضرورة إنتاج المواد الأولية للأدوية للتقليل من الاستيراد    نزول الوحي    قريبا.. إنتاج المادة الأولية للباراسيتامول بالجزائر    مستشفى مصطفى باشا يتعزّز بمصالح جديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحراك ومتطلبات المرحلة
نشر في الشروق اليومي يوم 30 - 05 - 2019

مع مر الأيام وتسارع الإحداث تبلورت في الحراك اصطفافات حادة وتوجهات متمايزة، منها اصطفافان متناقضان: الأول، المنادي بالتأييد المطلق للمؤسسة العسكرية والمفوض لها. والثاني، المفرط في التوجس إلى حد العداء لقيادة المؤسسة العسكرية ويطالبها بالتنحي مع إلغاء كل المؤسسات الحكم القائمة وتكوين مجلس تأسيسي ومرحلة انتقالية.
بين المجموعتين يقع التوجُّه الثالث الذي يمثل الأغلبية كما يلاحظه كل مشارك مثابر في الحراك وتبرزه اللافتات المرفوعة والهتافات المسموعة وتؤكده آراء وتحاليل الكثير من الشخصيات التي تظهر على وسائل الإعلام المختلفة مكتوبة ومرئية؛ هذا الفصيل الوسطي الواسع الذي يضم الأغلبية الصامتة يثمن ما حققه الحراك الشعبي الشامل والموحد من انجازات ومصمم على مواصلة نضاله بكل سلمية إلى غاية إرساء قواعد دولة العدل المنشودة، كما يثمّن ويعتزّ بدور المؤسسة العسكرية وجميع المؤسسات الأمنية في دعمها وحفاظها على سلمية الحراك والتي هي مكمن قوته وضمان استمراره، ويشد على أيديها في حربها على العصابة الحاكمة وأعداء الوطن في الداخل والخارج وتحرير العدالة وإطلاق يدها للقضاء على أذرع الفساد بأنواعه والتي كانت تنخر البلاد منذ عقود.
إن المتتبِّع للأحداث بموضوعية وتجرُّد يدرك أن كل ما أنجِز منذ بداية الحراك من تفكيك للعصابة، التي استبدت بالحكم منذ زمن طويل وذاق من ويلاتها الشعب الأمرين، ودك أذرعها المالية والإدارية وكل إخطبوط الفساد، الذي امتدَّ عموديا وأفقيا ليطال مسؤولين كبارا وحتى بعض أبسط الموظفين أو صغار المتعاملين الاقتصاديين، كل ذلك مطلب شعبي ما كان ليشرع فيه بالسرعة والانتشار الحالي لولا مرافقة الجيش وحمايته.
إن القارئ النزيه لخطاب قائد الأركان منذ أسبوع لا يمكن له إلا أن يحسن الظن في إن الجيش لا يرغب أن يكون طرفا مباشرا كما تدعوه، صراحة بعض الأطراف، في الحوار السياسي، وان الحل يجب أن يبقى في إطار الدستور الذي يتشبث به الجيش منذ البداية، ولعل ذلك يرجع إلى حيثيات أمنية لا يريد الإفصاح عنها الآن. وبالمناسبة لا ننسى أنه لو كان الجيش اليوم امتداداً لانقلاب 1992 وأراد أن يبقى متمسكا بالحكم لوجد ترحابا ودعما من أطراف كثيرة في الداخل وفي الخارج، ودعوني أصدِّق ما حلمت به في مقال سابق تحت عنوان “ثنائية الجيش والسلطة” بأن يكون الجيش الوطني الشعبي الاستثناء في الجيوش العربية ويعيد أمانة الحكم إلى صاحبها “فخامة الشعب” ويدخل بذلك التاريخ من بابه الواسع.
إن الدعوة الواضحة بالإسراع إلى إنشاء لجنة مستقلة للإشراف على الانتخابات ومراقبتها إصرارٌ على أن تكون الانتخابات ذات مصداقية، علما أن ذلك يتطلب الوقت الذي تقتضيه الاجتهادات القانونية والمشاورات الضرورية لإنجاز المهمة، وقد يُفهم من هذا ضمنيا استحالة إجراء تلك الانتخابات في الموعد المحدَّد وإمكانية تأجيلها حتى تتهيأ الظروفُ الملائمة.
إن التناغم مع ما يصرح به الجيش لا يعني إعطاءه صكا على بياض أو تطبيقا لأجندة لا نعلمها بل هو صلب غاياتنا في تأسيس الديمقراطية المنشودة والتي أول دعائمها الانتخاب الحر والشفاف والذي يتطلب منا جميعا حراكا وطبقة سياسية ومجتمعا مدنيا أن نشرع جادين في تكوين اللجنة التي تشرف عليها، فلنشمِّر على سواعدنا وستكشف لنا الأيام صدق النوايا لكل طرف من عدمه.
نقول للإخوان الذين يطالبون بإلحاح بمرحلة انتقالية لإرساء القواعد التي تُبنى عليها دولة العدل: إن أضمن وأقصر مرحلة انتقالية ستكون في عهدة أو عهدتين لرئيس وبرلمان منتخَبين بحرية حيث يكونان الإطار الأمثل لطرح كل انشغالات المواطنين عن طريق ممثليهم المنتخبين، لأن بناء نظام العدل والقانون والمساواة الذي يلبي رغبات جميع شرائح الشعب على اختلاف مشاربهم ليس بالأمر الهيِّن خاصة في وضعنا الحالي الذي يسوده التشنُّج وعدم التعوُّد على الحوار الهادئ بسبب التصحُّر السياسي والاختراق الثقافي وانحراف سلم القيم لدى فئات كبيرة من المجتمع جرَّاء الفساد الذي طال جميع مؤسسات الدولة والمجتمع، ولنا أن نتأسَّى بمن سبقنا بالتحاور داخل المؤسسات المنتخَبة مهما شابها من عيوب كما هو الحال في تونس الشقيقة مثلا عوض حوار الشارع وما انجرَّ عنه من ويلات في غيرها.
كما نقول للذين يصرُّون على إقحام الجيش، أتريدون أن “تكونوا ملكيين أكثر من الملك”؟ إن موقف الجيش مؤشرٌ على انه لا يرغب في الخوض المباشر في معترك السياسة وأن ما يقوم به من إجراءات اليوم يدخل في صلب مهامه الدستورية لحماية مصالح الشعب والوطن خاصة وان الكل يدرك انه المؤسسة الوحيدة التي ظلت متماسكة وان موقفه اليوم اكبر دليل على وطنيته وتطهيره من بعض العناصر التي تريد ارتهانه للخارج وإشغاله في مهام غير مهامه، كشأن ذلك الذي صرح ذات يوم للصحفي الفرنسي “نيكولا بو” أن على فرنسا أن تعتمد عليهم في محاربة “الإرهاب” لأنهم يمثلون “آخر الأقدام السوداء” (1)؛ ونحن نعلم ما فعلته القوى الخارجية بتواطؤ من عملائها داخل جيوش بعض الدول بدفعهم للانقلاب على إرادة الشعوب والتنكيل بها، وجيشنا نحن يتعهد أمام الله وأمام الناس بأنه لا يقبل أن تسيل قطرة دم واحدة لمواطن جزائري.
إذن، عوض أن نغرق في كيل التهم لبعضنا البعض أو نشكك في كل ما يصدر عن غيرنا، علينا أن لا نفوت الفرصة وأن نوحد جهودنا ونتعاون لبناء دولتنا الموحَّدة على أساس الثوابت الجامعة التي نصت عليها كل المواثيق الوطنية منذ نشأة الحركة الإصلاحية والوطنية دون إقصاء أو تهميش أو تخوين.
فكما حرر الجزائر الجميع يجب أن ينْعَم فيها بتلك الحرية الجميع، والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
(1) تصريح للمدعو “إسماعيل الأصغر” للصحفي الفرنسي نيكولا بو صاحب كتاب:
«Papa Hollande au Mali. Chronique d'un fiasco
annonce»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.