محي الدين بشطارزي واحد من القامات الفنية الكبيرة التي أرخت، بل أسست المسرح في الجزائر. كان مخرجاً، ومؤلفاً. بدأ مساره قارئا للقرآن الكريم في مساجد الجزائر العاصمة، وشارك مع طلبة المدارس الإسلامية في تمثيل عدة مسرحيات، ومثّل رفقة علالو في “اسكتشات” قصيرة هزلية. أطلق محي الدين بشطارزي مع مجموعة من الهواة فرقة “المطربية” التي كانت تقدّم أعمالا مسرحية ممزوجة بالغناء والرقص. بعد أن تأثر بالفرق العربية (فرقة جورج أبيض ونجيب الريحاني.) التي كانت تزور الجزائر وقتها. ولد محي الذين بشطارزي في 15 ديسمبر 1897 بالقصبة بالعاصمة، بدأ مسيرته "كحزاب" “مقرئا للقران” في 15 سنة من عمره، صوته الجميل مكنه من أن يصبح "باش حزاب" أي رئيس قارئ للقرآن وهو في 21 سنة من العمر. ثم مؤذن بمسجد "الجامع الجديد " بالعاصمة. انخرط في جمعية "المطربية" التي أصبح رئيسا لها سنة 1932. شغل منصب أول مؤذن بمسجد باريس لدى تدشينه سنة 1962. إضافة إلى نشاطاته في الحفلات والمساجد التحق بالمسرح سنة 1922 وكتب أول مسرحية له "العلماء المزيفين”. ثم شغل منصب مدير القناة الموسيقية العربية لمدة سبع سنوات، وتوقف مؤقتا عن ممارسة المسرح قبل أن يعود إليه بفرقته الخاصة “المسرح” سنة 1930 حيث قدم عدة عروض جالت الجزائر قاطبة واستقطبت الجمهور. بعد الاستقلال أصبح بشطارزي مدير معهد الفنون الجميلة بالعاصمة خلال الفترة الممتدة ما بين 1965 و1974. توفي بشطارزي في السادس من فيفري 1986 بالعاصمة عن عمر يناهز 88 سنة تاركا تراثا ضخما ومسار ثريا جمع بين الطرب والمسرح حيث يعتبر الوحيد الذي نقل الفعل المسرحي إلى الجزائر العميقة، كما يعتبر صاحب فضل في بروز عديد الأسماء النسائية فوق الخشبة “كلثوم ولطيفة ونورة ونورية والمطربة فضيلة الجزائرية فضلا عن كونه كان غزير الإنتاج”، قدم أزيد من 100 مسرحية وأكثر من 400 قطعة موسيقية. يصفه بعض المتتبعين بأبي المسرح الجزائري وبعضهم الآخر يطلق عليه لقب “مؤسسة” كونه تمكن من توجيه شعب أمي إلى المسرح. وكانت العروض الهزلية في الغالب التي يقدمها رفقة فرقته وزملائه أمثال علال المحب ورشيد قسنطيني تجول ربوع الوطن وتستقطب جمهورا كبيرا. يعود الفضل لمحي الدين بشطارزي في إطلاق الجيل الذهبي الذي أرسى دعائم المسرح والفن الجزائري عموما أمثال: كلثوم، محمد الثوري، رويشد، بن يوسف حطاب، حطاب محمد المدعو حبيب رضا، فريدة صابونجي، سيدعلي فرنندال، فضيلة الدزيرية، مريم فكاي. يعود الفضل لمحي الدين بشطارزي أيضا في إطلاق المقاومة الثقافية للحفاظ على الشخصية الجزائرية في وجه الاستعمار الفرنسي الذي كان يضيّق الخناق على كل ما له علاقة بالثقافة والهوية الجزائرية. هكذا أخذ بشطارزي على عاتقه الترويج للفن الأندلسي والحوزي وقد منع من تسويق أغانيه التي يقول تلامذته إنها بلغت عام 1937 ما لا يقل عن 17 أغنية أغلبها مسجلة بالخارج. وقدر برع الفنان في مراوغة الإدارة الفرنسية، فقد كان يكتب أغانيه وسكاتشاته بالعامية الجزائرية لتمرير رسائله لجمهوره.