هذا التقرير ليس سردا لِحكايات من الماضي تسلية للقارئ، أو تشويشا على تحضيرات المنتخب الوطني الجزائري عشية خوضه “كان” مصر 2019. وإنّما يهدف إلى المسارعة في دفن المهازل وردم الحماقات وتفكيك ألغام الورطات، حتى لا يُبكى لاحقا على اللّبن المسكوب. قبل انفجار “قنبلة” هاريس بلقبلة الأخلاقية في معسكر “محاربي الصحراء”، حمل سجّل المنتخب الوطني بقعا سوداء خلال مشاركاته في نهائيات كأس أمم إفريقيا، ساهمت بِشكل أو آخر في تشويه سمعته وسقوطه في مطبّ الإخفاق. ونذكر بِهذا الصدد بعض “الحوادث” المُشينة، منها: 1- عاقب الإتحاد الإفريقي لكرة القدم المنتخب الوطني الجزائري ومُنافسه النيجيري بِتسديد غرامة مالية، بعد تعادلهما سلبا في الجولة الثالثة والأخيرة من دور المجموعات لِنهائيات كأس أمم إفريقيا عام 1984 بِكوت ديفوار. وزعمت “الكاف” أن “الخضر” و”النسور الممتازة” رتّبوا النتيجة، حتى تُرافق نيجيرياالجزائر إلى نصف النهائي بدلا من مالاوي. ذلك أن خسارة نيجيريا أمام الجزائر وفوز مالاوي على غانا في الجولة الثالثة، يُؤهّل مالاوي رفقة أشبال المدرب الوطني خالف محي الدين. مع الإشارة إلى شراسة “الخضر” في تلك النسخة، وتأهّلهم إلى المربع الذهبي بعد الجولة الثانية، وإقصاء غانا عقب خوضها مقابلتَين. 2- قبيل انطلاق طبعة مصر في مارس 1986، حدثت فوضة عارمة في بيت المنتخب الوطني، بِسبب تدخّل “الغرباء” في شؤون المدرب رابح سعدان، ورغبتهم في فرض قائمة اللاعبين التي كانوا يُريدونها مُفصّلة على المقاس. ودار جدل كبير حول إمكانية الإنسحاب من البطولة الكروية القارية، أو إيفاد منتخب مُكوّن من لاعبي الفريق “ب” أو التشكيل الرّديف. وشارك أشبال سعدان في محفل مصر الكروي، وتورّطوا في مصيدة الإخفاق بِالخروج من الدور الأوّل، لِتنتقل “العدوى” إلى مونديال المكسيك في صيف العام ذاته. 3- رفض المهاجم رابح ماجر المشاركة مع “الخضر” في طبعة المغرب بِتاريخ مارس 1988، حيث انتظره المدرب الوطني (الرّاحل السوفياتي) إيفغيني روغوف بِلا طائل، كما أن الفاف بقيت على اتّصال مع صاحب الكرة الذهبية الإفريقية (نسخة 1987) ونجم بورتو البرتغالي، طوال مرحلة دور المجموعات، مع تحجّج ماجر بِالإصابة! ويقول العارفون بِبيت “الخضر” إن ماجر سدّد دينا، فحواه أنه رفض حضور “الكان”، بِسبب إصراره على الدخول إلى أرض الوطن بِدون “جمركة” سيارة مُنحت له هدية من قبل الفيفا في ديسمبر 1987 (دفعُ الضرائب للجمارك الجزائرية على بضاعة مستوردة)، بعد فوزه في اليابان مع فريقه بورتو البرتغالي بِكأس القارات للأندية (كأس العالم للأندية حاليا)، وحصوله على جائزة رجل المباراة. 4- يقول صانع الألعاب الأخضر بلومي إن أطرافا تدخّلت (دون أن يكشف عن اسمها)، لِمنعه من خوض “كان” 1990 المُنتظم بِأرض الوطن، بِسبب ما حدث في تصفيات مونديال إيطاليا في نوفمبر 1989، حيث رفع اتحاد الكرة المصري شكوى لدى الشرطة الدولية (الأنتربول)، وزعم أن بلومي فقأ عين طبيب منتخب “الفراعنة”! وعليه تكون الفاف قد طلبت من المدرب الوطني عبد الحميد كرمالي (رحمه الله) بِعدم جلب نجم مولودية وهران (في تلك الفترة)، تفاديا لِورطة قد تُفسد العرس الكروي الإفريقي الجزائري. 5- غادر متوسط ميدان وفاق سطيف مليك زرقان معسكر “الخضر”، بعد تشاجره مع زميله محي الدين مفتاح من جمعية إلكترونيك تيزي وزو (شبيبة القبائل)، أيّاما قبل انطلاق “كان” 1990 داخل أرض الوطن. وفضّل “جنتلمان الهضاب” عدم خوض البطولة الكروية القارية، على الطريقة الجزائرية “اخسر وفارق”. 6- فصّلت شركة اللباس والعتاد الرياضيَين الألمانية “أديداس” قميصا وتبّانا ل “الخضر” لا يحملان الألوان الوطنية، وذلك في نسخة السنيغال 1992. وسارعت الفاف في الوقت بدل الضائع لِسحب القميص، وأُشيع أن اتحاد الرئيس عمر كزال (رحمه الله)، تحرّك لِدفن الفضيحة يوما قبل مواجهة زملاء سي الطاهر شريف الوزاني لِمنتخب كوت ديفوار، بِرسم الجولة الأولى من دور المجموعات. بل هناك من يزعم أن اللباس كان بِلون علم فرنسا، وأن الفاف تحرّكت صبيحة يوم المواجهة أمام “الفيلة”! 7- قرّرت “الكاف” إقصاء “الخضر” من المشاركة في “كان” تونس 1994، بعد أن أشرك المدربان الوطنيان مزيان إيغيل وعبد الرحمان مهداوي المدافع مراد كعروف (شبيبة القبائل) ضد المضيف السنيغالي، في إحدى جولات التصفيات، وهو تحت طائلة عقوبة الإيقاف. وصدرت عقوبة “الكاف” في جويلية 1993 بعد إسدال ستار التصفيات، رغم تأهّل المنتخب الوطني (المركز الثاني)، حيث استبدلته هيئة الرئيس عيسى حياتو بِمنتخب السنيغال صاحب المركز الثالث في الفوج، الذي رافق الرّائد السيراليوني. 8- برمج الناخب الوطني ناصر سنجاق معسكرا إعداديا لِأشباله بِالبرازيل، قبيل انطلاق “كان” غاناونيجيريا في جانفي 2000. وقد تبيّن فيما بعد أن هذا المدرب المُغترب كان مهووسا بِقضاء رأس السنة الميلادية (أواخر ديسمبر 1999) بِمدينة ريو دي جانيرو (الفتيات والرّقص والخمر…). وتفاقمت المهزلة، بِتنظيمه مباراة ودّية انتهت بخسارة “الخضر” بِسباعية مُذلّة أمام فريق من البطولة البرازيلية. 9- أبعد الناخب الوطني رابح سعدان حارس المرمى الأساسي هشام مزاير من خوض “كان” تونس 2004، يوما واحدا قبل خوض “الخضر” أوّل مباراة أمام الكاميرون. وذلك بِداعي تعاطي حامي عرين اتحاد العاصمة للمنشطات، رُوّج على أنها مخدّرات. 10- غادر متوسط الميدان عبد الناصر وضاح “بيت” المنتخب الوطني مُبكّرا، احتجاجا على عدم إشراكه في المباراة الأولى ضد الكاميرون، في دور المجموعات ل “كان” تونس 2004. عِلما أن اللاعب المُغترب والمحترف بِفريق أجاكسيو الفرنسي خاض مباراة دولية وحيدة مع “الخضر”، قبل حضوره البطولة الكروية القارية. 11- اختار الناخب الوطني رابح سعدان مدينة مرسيليا الفرنسية مقرا لِتحضيرات “الخضر”، استعدادا ل “كان” أنغولا 2010، وقد أثار القرار جدلا كبيرا، كون تربص مرسيليا انْتُظم شهر ديسمبر في بيئة ثلجية، نظير الحرّ الشديد والرطوبة الخانقة في أنغولا. حتى أن سعدان اشتكى من تنظيم المباراة الأولى أمام مالاوي على الساعة الثالثة بعد الظهر، بدلا من المساء تحت الأضواء الكاشفة. 12- عاقب الناخب الوطني وحيد خليلوزيتش متوسط الميدان الهجومي رياض بودبوز، في “كان” جنوب إفريقيا 2013 بِالإبعاد، بِسبب تعاطي لاعب فريق سوشو الفرنسي “الشيشة”. وحرم التقني البوسني لاعبه بودبوز من خوض مقابلتَي تونس والطوغو، قبل أن يمنحه الفرصة في الجولة الثالثة والأخيرة أمام كوت ديفوار، لكن حينها كانت الأوراق قد احترقت، المُرادف لإقصاء “الخضر” في الجولة الثانية. 13- منحت “الكاف” مدافع المنتخب الوطني فوزي غلام جائزة رمزية، بعد تألّقه في مواجهة جنوب إفريقيا (لقب رمزي/ أحسن لاعب)، بِرسم الجولة الأولى من دور المجموعات ل “كان” غينيا الإستوائية 2015. واللافت أن “الكاف” كانت تُسند مهمّة توزيع الجوائز إلى الجمهور، بعد انتقاء مُسبّق عن طريق التذاكر، تشجيعا للتوافد المكثّف. وحدث ان ارتدى أحدهم لباسا بِعلم جزائري تتوسّطه نجمة سداسية يهودية مستفزّة بدلا من الخماسية المعهودة. وأُشيع أن “الكاف” (عيسى حياتو) انتقمت – بِخبث – من الجزائر لِعدم تعويضها المغرب، التي عوقبت بِسبب تحجّجها بِمزاعم فيروس “إيبولا”. علما أن الجزائر كانت من البلدان التي استغاثت بها “الكاف”، دون طائل، قبل أن تقبل غينيا الإستوائية التحدّي. بقيت الإشارة إلى أن المهازل ليست لصيقة ب “الخضر”، فمثلا منتخب مصر تورّط في فضيحة أخلاقية عشية خوضه مونديال روسيا صيف 2018، تكاد تُشبه ما تسبّب فيها هاريس بلقبلة، سقط في مطبّها اللاعبان سعد سمير ومحمود عبد المنعم الملقب ب “كهربا”. ومغادرةُ متوسط الميدان الهولندي إديغار دافيدس “بيت” المنتخب في بطولة أمم أوروبا نسخة إنجلترا صيف 1996، بِسبب عنصرية المدرب غوس هيدينك، الذي اتُّهم ب “تدليله” للاعبين البيض على حساب زملائهم السود (أصلهم من السورينام مثل دافيدس). وتمرّدُ لاعبي منتخب فرنسا ضد مدربهم ريمون دومينيك، في مونديال 2010 بِجنوب إفريقيا، تضامنا مع زميلهم نيكولا أنيلكا، الذي دخل في خلافات حادّة مع المسؤول الفني الأوّل.