يرى النقاد المهتمون بأطوار نهائيات كأس أمم إفريقيا التي تجري وقائعها بأنغولا، أن المنتخب الجزائري يكسب من الإمكانيات والقدرات ما يمكنه من الاحتفاظ بكامل حظوظه لمواصلة تألقه في هذه المنافسة التي تتصاعد حماها من مباراة إلى أخرى. ويعتقد هؤلاء أن هناك عدة معطيات ستكون في صالح "الخضر" لتحقيق الانتصار على حساب المنتخب المصري في الدور نصف النهائي الذي يجمعهما غدا بملعب بانغيلا وتأتي في مقدمتها معطيات الميدان والتاريخ، حيث ذهبوا إلى حد تشبيه هذا اللقاء بواقعة "أم درمان" التي كسب فيها رفاق زياني تأشيرة التأهل إلى المونديال عن جدارة وإستحقاق. ويؤكد مراقبو الشأن الكروي الإفريقي، أنه بعد المباراة البطولية التي أنجزها "محاربو الصحراء" ضد "أفيال" كوت ديفوار، و توصلهم إلى قهر دروغبا ورفاقه، فإن الطريق بات معبدا أمام زياني، يبدة، مغني وزملائهم للسير على طريق أسلافهم في دورتي 1980 و1990، بعد بلوغ النهائي بلاغوس قبل 30 عاما وإحراز اللقب القاري قبل 20 عاما. ووفق حسابات الميدان، تبدو تشكيلتنا الوطنية التي يقودها رابح سعدان الأكثر تجانسا من حيث اللعب في الموعد الإفريقي الحالي، حيث أن فعالية "الخضر" تسير في منحى تصاعدي من مباراة إلى أخرى، ولن نبالغ إذا ما قلنا أن المجموعة التي وقعت فيها الجزائر تعد الأصعب من بين المجموعات الأخرى لكن بنوع من التساوي مع المجموعة الثالثة، وهو مقياس يبرز حجم الصعوبات التي واجهت الجزائر أمام البلد المنظم أنغولا ومنتخب مالي العنيد، إضافة إلى منتخب مالاوي الذي استغل الثقة المفرطة في النفس التي كانت سائدة لدى لاعبينا قبل خوض المنافسة الإفريقية وجعلتهم ينهزمون بالنتيجة التي نعرفها. لكن سرعان ما تعودت عناصرنا الوطنية على جو التنافس لتظهر قوة منتخبنا بشكل واضح في كيفية التعاطي مع الحسابات التي تفرض نفسها في الدور الأول ويعكس ذلك تصريحات سعدان الذي كان يقول عندما كانت المنافسة في بدايتها أن المستوى الفني والتكتيكي لتشكيلتنا الوطنية سيستمر في التحسن من مباراة إلى أخرى. ولعلّ الانتصار الباهر المحقق ضد كوت ديفوار بالأداء والنتيجة، والدرس الذي لقنه الجزائريون في الصمود والتنافس لمن جرت العادة وضعهم كأبطال الدورة قبل الوقت، سيمنح للخضر شحنة بسيكولوجية هائلة، خصوصا وأن المنتخب المصري، المنافس القادم في الدور نصف النهائي، سبق له وأن تجرع الهزيمة على يد تشكيلتنا الوطنية في جميع المقابلات التي أقيمت على ملاعب محايدة. أما تاريخيا، فقد فرض دائما المنتخب الجزائري تفوقه على نظيره المصري مثلما كان الحال في كأسي إفريقيا 1980 و1990 وبدرجة أقل في دورة 2000 التي جرت أطوارها في غانا ونيجيريا حيث أنجز "الخضر" تحت قيادة المدرب الوطني ناصر سنجاق مباريات في قمة الأداء وخرجوا بشرف في الدور ربع النهائي. ولا شك أن الجميع يتذكر مقابلة الدور نصف النهائي من دورة 1980 بين الجزائر ومصر حيث انتهت بنتيجة 2-2 قبل أن يحسم الجزائريون الموقف لصالحهم في الضربات الترجيحية. كما فرض المنتخب الجزائري تفوقه على نظيره المصري في دورة 1984 التي جرت أطوارها بكوت ديفوار حيث فاز عليه بنتيجة عريضة (1-3) وكانت الأهداف من تسجيل بلومي، ياحي وماجر. ولعل كأس أمم إفريقيا التي احتضنتها الجزائر في 1990 بينت بوضوح أن الكرة الجزائرية كانت مستمرة في تألقها أمام الكرة المصرية حيث فازت بكأس الدورة بعد انتصار "الخضر" على حساب منتخب نيجيريا في اللقاء النهائي بنتيجة 1-2، وكان المصريون قد شاركوا في تلك الدورة بمنتخب "ب" فاز عليه رفاق ماجر، حيث تعمد الفراعنة عدم إرسال تشكيلتهم الأساسية بعد الأحداث الخطيرة التي شهدها ملعب القاهرة في اللقاء بين الجزائر لحساب تصفيات كأس العالم 1990. وجاءت بعد سنوات مباراة سوسة التونسية الشهيرة التي جمعت الفريقين الجزائري والمصري في دورة 2004 حيث تفوق الخضر مرة أخرى على المصريين وكلنا يتذكر الهدف الرائع الذي سجله حسين أشيو والذي مكننا من المرور إلى الدور ربع النهائي. ولا شك أن الانتصار والتأهل إلى نصف النهائي سيكونا أيضا حليف المنتخب الوطني في المباراة الواعدة التي تجمعنا غدا مع منتخب مصر سيما وأن زملاء زياني يوجدون في أوج تألقهم وهم مستعدين لتحطيم أحلام الفراعنة الراغبين في الإنقاص من أحقية الجزائريين في التأهل إلى مونديال جنوب إفريقيا 2010.