عندما تمتدّ يد “معالي الوزير” إلى أموال المعوزين ومنح المعوقين والعجزة وضحايا المأساة الوطنية، من الطبيعي أن يشرع أيّ عاقل نزيه في شنق نفسه بشلاغم أيّ قط صادفه في المنعرج، وها هو من أسماه أويحيى ب”بابا نوال”، ومن أطلق على نفسه وصف “زميل ميركل في الدراسة”، وقال إن الاستعمار حكم عليه بالإعدام، وظلّ حاملا لبطاقة “الدكتور” طوال مساره، ها هو في سجن الحراش مع خليفته السابق في وزارة التضام ! هذا النموذج الموجع للعقول وكلّ القلوب الرحيمة والمتحجّرة، هو فضيحة بكلّ المقاييس، وقد يبوّبها القانون في خانة “الجرائم”، فهل يُعقل يا عباد الله، وأنت الوزير والكبير و”الحامي”، أن تتحوّل إلى “الحرامي” الذي يسيل لعابه على النفقات المخصّصة للمعدومين والمقطوعين من شجرة، والغلابى الذين ينهشهم العوز والفقر والجوع والمرض؟ لقد “أكلوا” الملايير من أموال فئات أوصى بها الله خيرا، من شاكلة اليتامى والأرامل والثكالى، أفلا يستحي المتورطون في مثل هذا الفساد الهمجي والوحشي، ويطلبون لأنفسهم الإعدام، فقد ارتكبوا ما حرّمه ربّ العالمين، وخرقوا القانون، بل اخترقوه وجعلوه في خدمة نهبهم وعبثهم وسرقتهم ونصبهم، والأخطر من هذا أكلوا المال الحرام وأطعموا به أولادهم! من دون شكّ، فإن كلمة الحقّ والفصل للعدالة وحدها، والمتهم طبعا بريء إلى أن تثبت إدانته، لكن حسب ما يتداول من معلومات وفق التحقيقات الأولية، وكذا اتهامات بعض الأطراف وكذا عدد من الوثائق والمستندات والشهادات القديمة والجديدة، فإن هؤلاء “خرجوا من رحمة ربي”، ولم تعد في دواخلهم رحمة ولا شفقة، وهو ما ورطهم وأغرقهم أكثر! تذرف العيون الدم بدل الدموع، وهي ترى الآن ما حدث من منكر خلال ما لا يقلّ عن 20 سنة كاملة، فلم تسلم أغلب القطاعات من الفساد، وقد تورط أغلب الوزراء والولاة والأميار والمديرون التنفيذيون، وكانوا في خدمة رجال أعمال على المقاس، فتمّ تسمين “لوبيات مشبوهة” على حساب كفاءات ورجالات نظيفة وشريفة ونزيهة، حُكم عليها للأسف بالتهميش والإقصاء، وأحيانا تعرّضوا لعقوبات ومضايقات وإكراهات لغاية في نفس المنتفعين! من الطبيعي أن تستمر “العصابة” وتستمرّ معها الحاشية وبطانة السوء، لكن ها هي النهاية حلّت فجأة ودون سابق إنذار، فدوام الحال من المحال، وقد حان وقت الحساب والعقاب، حيث يجرّ الفساد حوت القرش والتماسيح إلى السجن، في انتظار استكمال التحقيقات والوصول بمختلف القضايا والملفات إلى محاكمات يُنتظر أنها ستكشف الكثير من الحقائق الصادمة والخبايا والخفايا التي قد تُدرج في خانة “صدّق أو لا تصدّق”.. لكن صدقوا!