تُصاب بالدوار والغمّة والقنطة، عندما تسمع واليا يعترف بعظمة لسانه، بأن رجل أعمال “زعما زعما” استفاد من 50 ألف هكتار من أراضي “البايلك”، في حكم الرئيس المستقيل، ليتمّ الآن تأميمها واسترجاعها في إطار التحقيقات المفتوحة ضد الفساد والمفسدين والعابثين بأملاك المجموعة الوطنية! صدّقوا أو لا تصدّقوا، 50 ألف هكتار في ولاية واحدة، وما خفي أعظم، وقد يكون نفس الرقم أو أكثر في ولايات أخرى لم يتم اكتشافها بعد، ونفس الأرقام بالنسبة للعقارات والمساكن والأوقاف وغيرها من أملاك الشعب والدولة التي استبيح دمها وعرقها وماؤها، وتعرّضت من طرف “العصابة” والحاشية وبطانة السوء إلى النهب والسلب! المصيبة أن الكثير من الروايات التي كانت تتداولها الألسن في المقاهي والأسواق، من باب “راهم يقولوا” من غير إثباتات وأدلة، تحوّلت الآن إلى حقائق صادمة، تؤكدها شهادات واعترافات واتهامات وتحقيقات، وكلها تعرّي تفاصيل صادمة ومؤلمة تصبّ بالجملة والتجزئة في بئر الفساد والإفساد! استفادة شخص من 50 ألف هكتار في ولاية واحدة، يقابله أزمة العقار، الأنشودة التي يغنيها الوزراء في كلّ موسم، عندما يتعلق الأمر ببناء مساكن للمواطنين أو توزيع قطع أرضية لبناء سكنات فردية وعائلية، وتصوّروا كم تستوعب هذه المساحة “البلد” من مشاريع تنموية، أو برامج سكنية من مختلف الصيغ؟ قال لي أحد الزملاء، أن بلديته، حيث مسقط رأسه، في ولاية شرقية، لا تتجاوز 6 آلاف هكتار، أي أن المساحة التي حصل عليها “رجل الأعمال” المحظوظ مضروبة تقريبا في عشرة من مساحة هذه البلدية، وهو ما يعني بالمختصر المفيد، أن المستفيد “كوّش” على مساحة إجمالية تعادل مساحة 10 بلديات بما تستوعبه من ساكنة وبنايات وطرقات ومدارس ومنشآت خاصة وعمومية! فعلا، صدق من قال “ألّي ما قنع ما شبع”، فالمسؤول الذي يبيع لنفسه فيلا في نادي الصنوبر – على ذمة وزير سياحة أسبق – بمبلغ 14 مليونا سنتيم فقط، وسعرها الحقيقي يعادل 30 مليارا، لا يُمكن للمواطن الزوالي أن يأتمنه على الخزينة العمومية وأملاك الدولة ولا على تسيير الشأن العام والحفاظ على بيت مال الجزائريين! لا يُمكن ل”حراميها” أن يكون “حاميها”، ولأن “حاميها” كان “حراميها” لعدّة سنوات، فقد حدث ما حدث من فساد ونهب وعبث واختلاس وتزوير وسرقة وتأميم المؤمّم وبيع الوقف وشراء الموقوف، وتمّ رعاية وتسمين المفسدين حتى التخمة وإشرابهم من كؤوس اللعب والتلاعب حتى الثمالة! لا يوجد أيّ جزائري لم يستبشر خيرا بمطاردة المفسدين واصطياد الحوت الكبير من البالين والقرش والدولفين، في انتظار القبض على بقية “العصابة” والمتورطين معها، والأهم من ذلك، استرجاع الأموال المنهوبة والمسروقات!