على الرغم من أن سليمان شنين محسوب تاريخيا وإيديولوجيا على التيار الإسلامي، إلا أن من أوصله إلى رئاسة المجلس الشعبي الوطني، لم يكن محيطه السياسي والإيديولوجي، بقدر ما أوصلته أوساط سياسية لا تقاسمه الكثير من قناعاته. ويعتبر شنين أحد أبرز إطارات حركة البناء الوطني، بعد رئيسها وزير السياحة الأسبق، عبد القادر بن قرينة، كما ينتمي إلى تحالف بخلفية إسلامية، يضم ثلاثة أحزاب هي كل من جبهة العدالة والتنمية التي يرأسها عبد الله جاب الله، وحركة النهضة، بالإضافة إلى حركة البناء، وتحالف هذه الأحزاب الثلاثة مجتمعة لم يحقق سوى 15 مقعدا فقط في الانتخابات التشريعية التي جرت في ربيع العام 2017. ولسليمان شنين امتدادات وجدانية تعود إلى حركة مجتمع السلم باعتباره أحد إطاراتها المقربين من مؤسسها التاريخي، الراحل محفوظ نحناح، كما له أيضا ارتباطات تنظيمية سابقة مع “حركة التغيير” التي انشقت عن حركة “حمس”، وترأسها الوزير الأسبق للصناعة والمناجم، عبد المجيد مناصرة، باعتباره كان أحد إطاراتها. غير أن اللافت في الأمر هو أن أقرب المقربين منه (من الإسلاميين طبعا)، لم يساندوه في انتخابه لخلافة الرئيس السابق، معاذ بوشارب، بل إن هناك منهم من هاجمه وهاجم أيضا حتى الطريقة التي جاء بها إلى رئاسة الغرفة السفلى للبرلمان. فحركة مجتمع السلم، التي تعتبر المحضن السياسي والتنظيمي الذي ترعرع فيه شنين، كانت أول من هاجمه بسبب طريقة انتخابه، فقد عممت المجموعة البرلمانية ل”حمس” بيانا انتقدت فيه عملية انتخابه، وعلقت على المسألة قائلة: “طريقة انتخاب سليمان شنين رئيسا للمجلس الشعبي الوطني، هي ذاتها التي تم بها سحب الثقة من الرئيس الأسبق للمجلس السعيد بوحجة، وحتى الرئيس السابق معاذ بوشارب”. كما بررت المجموعة البرلمانية لحزب مقري مقاطعة نوابها لجلسة انتخاب شنين بما قالت إن “القرار السياسي للحركة سابق ليوم الانتخاب ومعرفة المرشحين انسجاما مع قرار وتوصيات مجلس الشورى الوطني الأخير الذي ألزم مؤسسات الحركة بالتناغم مع مطالب الحراك الشعبي”، وزادت على ذلك التزامها ب”الاتفاق الذي وقع بين الكتل البرلمانية للمعارضة بمقاطعة أشغال المجلس”، بل ذهبت بعيدا عندما اعتبرت عملية اختيار شنين “لا تمثل حالة ديمقراطية”، بل “نتاج هِبة منحتها بقرار فوقي لأغلبية برلمانية مزورة ومرفوضة”. ما صدر عن “حمس” لا يختلف كثيرا عما صدر عن أحد حلفاء الحركة التي ينتمي إليها في الانتخابات التشريعية التي جاء فيها نائبا إلى مبنى زيغود يوسف، ممثلة في جبهة العدالة والتنمية، التي كشفت بدورها عن موقف لم يكن مساندا سياسيا لانتخاب شنين، بالرغم من أن هذا التحالف لا يزال قائما داخل قبة البرلمان، ويمكن الوقوف على ذلك من خلال منشور لزميله في المجموعة البرلمانية لتحالف النهضة والعدالة والبناء، النائب حسن عريبي، الذي قال في منشور له على شبكة التواصل الاجتماعي “فايسبوك” إن تزكية نواب حزبه ل”شنين”، جاءت بمبادرات فردية ولا تعبر عن الموقف الرسمي للحزب”، لأن “جاب الله لما علم بأن سليمان شنين قد يكون هو رئيس البرلمان قال: إن هذا لا يعنينا، فلسنا معه ولسنا ضده”. ولم يحظ شنين بدعم من الإسلاميين سوى من حركة البناء، وهي حزب صغير، وقد وصفت على لسان رئيسها عبد القادر بن قرينة، خليفة معاذ بوشارب ب”الرجل العريق في النضال ومن قلب الحراك الشعبي”، أما الحزب الإسلامي الآخر المشكل للتحالف ممثلا في حركة النهضة، فقد أجلت موقفها إلى اليوم، حيث اجتماع قيادتها للحسم في الكثير من الأمور ومنها قضية مسألة شنين.