عندما يغزو 80 ألف جزائري الجارة تونس الشقيقة خلال 10 أيام، فهذا يعني في ما يعنيه، أن سياحتنا مازالت إلى أن يثبت العكس، نائمة في العسل والبصل، والظاهر أن هذا القطاع بحاجة إلى “حراك” يوقظها من سباتها العميق، ويعيدها إلى أصلها وفصلها ومجدها الضائع بأيدي سوء التسيير والإهمال والتسيّب واللامبالاة و”الجموفوتيست” وعقلية “تخطي راسي”! الأكيد أن المشكلة ليست في بلد أكرمه الله بكلّ مقومات السياحة، وجعل منه فضاءات عذراء، لا تتطلب الكثير من الجدّ والجهد لاستقطاب السياح، من الداخل والخارج، لكن المطلوب شيئ من الاهتمام والمثابرة والإبداع، من أجل صناعة سياحة جزائرية بأنامل جزائرية، لا تقتضي سوى الرعاية والتشجيع والدعم المادي والمعنوي، حتى ننفض هذا الغبار الذي طال القطاع! 80 ألف في 10 أيام، ومليون و126 ألف جزائري على مدار السنة، باتجاه تونس وحدها، هي أرقام صادمة ومحزنة، وهذا لا يعني التحريض على “سجن” الجزائريين بالجزائر ومنعهم من مغادرة البلد لقضاء عطلهم والتنزه عبر عديد المنتزهات والمنتجعات عبر بلدان مختلفة، لكن السؤال المطروح دوريا: هل تعتقدون لو توفر “الحدّ الأدنى” من الخدمة هنا عندنا، سيفرّ المقتدر و”المزلوط” والفضولي نحو الخارج ل”التحواس والتشماس”! المعضلة ليست في الخدمات فقط، وإنّما في الأسعار كذلك، فقد سيطرت لوبيات وبارونات خلال زمن “العصابة”، على القطاع السياحي، وفيه عمّت البزنسة والتلاعب، بعدما تعاملوا مع القطاع كغنيمة و”بقرة حلوب” يجب أن يحلبوها إلى غاية خروج الدم بدل الحليب! لقد تنازلت الدولة عن عقارات سياحية لفائدة “محظوظين” عبر قوانين على المقاس، أثبتت الأيام أنهم عاثوا في القطاع فسادا، وعملوا على “تهريب” الجزائريين إلى الخارج، وتصوّروا كيف تورط وزير سياحة سابق، موجود حاليا في سجن الحراش، عندما “حرّض” الجزائريين على الذهاب إلى تونس من أجل قضاء عطلهم، فهل يعقل أن يتورّط وزير سياحة بلد في “قتل” سياحة بلاده والترويج لسياحة بلد منافس في المجال؟ لا يُمكن لمثل هذا الأسلوب والمنهج الممنهج، إلا أن ينبع عن “فاشل” أو “مستهتر” أو “مستفيد”، وهو ما جعل قطاع السياحة عندنا يتحوّل إلى “جياحة” في نظر المستثمرين الفعليين والسياح والمختصين، وجعل السائح المحلي يطير نحو وجهات أجنبية هربا من سوء الخدمات والفوضى وعوامل التنفير، إلى أن كان عدد الهاربين بالآلاف والملايين! لن يتقدّم قطاع السياحة بهذه العقلية البائدة والمنطق الأعوج، ولن يبق سياحنا هنا مع استمرار “صاندويشات القرلو”، فالمطلوب تغيير الذهنيات وطرق التسيير، وبعدها للحلول ألف مسلك وطريق!