وزارة السياحة "فرحانة آوي"، لأنها صدّرت 5 ملايين سائح جزائري إلى مختلف بقاع العالم، مقابل استيراد مليوني سائح أجنبي فقط، والحال أن هذه الأرقام "أدوّخ"، وما كان للوصاية أن تجهر بها، لأن الأعراف التجارية و"حيّل" التسويق والماركيتينغ، تمنع الكشف عن الأرقام الحقيقية، إذا كانت فاشلة وانهزامية، فهي تجفّف ريق الزبائن بدل أن تسيل لعابهم! الأغرب من هذه الأرقام "الرسمية"، فإن وزارتنا للسياحة ترى في "هروب" 5 ملايين جزائري بحثا عن الراحة والاستجمام بالخارج، "أمر عادي"، وهي بذلك تعترف بأن سوء الخدمات وقلة مرافق الاستقبال وبشاعتها، وتهلهل الترحاب، وانعدام عمليات الترويج، عوامل مازالت تساعد على تهريب السائح المحلّي، وتنفير السائح الأجنبي! نعم، هناك سياحة حموية، وأخرى صحراوية، وثالثة دينية، ورابعة ساحلية، وخامسة غابية وجبلية، وسادسة فندقية، لكن هل فعلا هناك ترحاب واستقبال؟ هل قضينا على "القرلو" في الوجبات؟ هل انتهينا من استفزاز الزبون؟ هل الزبون هنا ملك قولا وعملا؟ الخطير في موضوع "فرار" 5 ملايين جزائري للخارج، هو أن وسط هذه الملايين، مسؤولين ورجال أعمال وتجار وموظفين بسطاء، وهذه هي الطامة الكبرى، فمن المفروض أن الرقم يتم اختزاله بالأعشار، في حالة "احشم" المسؤول مثلا وفضل سياحة بلاده، ولم يلجأ بدور الموظف "المزلوط" إلى "الكريدي" لضمان نفقات "تحويسة" هناك! كلما عاد الصيف وموسم العطل، عاد معه "الهبل" والحديث عن وُجهات تونس والمغرب وتركيا واسبانيا وباريس وماليزيا ومصر، وغيرها، في وقت لا نسمع بيننا سوى الحديث بندرة وأسف عن "كانستال" و"بور ساك" وزموري و"بالمبيتش" والعوانة وبجاية وسكيكدة، وغيرها من الشواطئ والمناطق السياحية والساحلية التي بإمكانها أن تنافس وتنجح! هذا في الصيف، أما في بقية الفصول الأخرى، فإننا لا نسمع كثيرا عن الأسكرام والأهقار وتاغيت وجبال الشريعة وتيكجدة و"يمّا قوراية"، وحمامات كسانة والصالحين والمسخوطين والبيبان، وكلها حقائق من المفروض أن تدفعنا جميعا للبكاء، عندما تتباهى وزارة السياحة باسمنا، عن تصدير 5 ملايين سائح جزائري، وما يحملونه معهم من "دوفيز"، وما يعودون به من قصص وشهادات تخدمهم وتروّج لهم، ولا تخدمنا إطلاقا! هذه هي المصيبة، الخمسة ملايين، كانت ربما في البداية 500 ألف، وستقفز لاحقا إلى 50 مليونا، ما لم تتغيّر الذهنيات، ونلحق أنفسنا بالبدائل والمبادرات، قبل أن ندفن السياحة ونقبل بالجياحة!