لم يأت التعديل الحكومي بأيّ جديد، ولأول مرة، يتم تجديد الثقة في رئيس الحكومة، والإعلان عن الطاقم الحكومي "الجديد"، دون إجراء مشاورات، وقد فضل الرئيس بوتفليقة "الإستمرارية" بدل "التغيير"، حيث إحتفظ بفريق بلخادم الموروث عن أويحيى، ولم يدخل الحكومة "الجديدة القديمة" أيّ وجه جديد. سواء من أحزاب التحالف الرئاسي، أو من الأحزاب السنفورية التي دخلت البرلمان، أو تلك التي عززت رصيدها، إثر تشريعيات 17 ماي الماضي، أو بالنسبة للوجوه "المستقلة" أو تلك المصنفة ضمن ما يسمى ب "رجال الرئيس" الإبقاء على نفس الطاقم الحكومي، بإستثناء "تسريح" وزيري السكن والرياضة، و"إعفاء" وزير الخارجية، وإجراء عملية زحزحة وتبديل نسبي وطفيف، في ما يشبه "التداول السلمي" على الحقائب الوزارية، كلّ ذلك، يؤكد برأي أوساط مراقبة، بأن بلخادم الذي إستقال الجمعة الأخير، لم يجر أية مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، على الأقل، خارج التحالف والتشكيلة السابقة. علما أن رئيس الجمهورية قبل إستقالة حكومته ولم يجدد في يومها الثقة فيه، كما لم يطلب منه إجراء مشاورات، وإكتفى بتكليفه رفقة مجموعة من الوزراء، بتصريف الشؤون الجارية إلى غاية الإعلان عن الحكومة الجديدة التي أبقت على 16 وزيرا نائبا من مجموع 18. وحتى إن فتحت "السابقة" التي لاحظها الجميع بشأن إستقالة الحكومة، الأبواب أمام عدة تخمينات وتأويلات، فإن أغلب التكهنات والمعطيات التي توفرت، كانت تشير إلى أن الرئيس بوتفليقة سيجدّد الثقة في الأمين العام لجبهة التحرير الوطني. غير أن "تلميع" حكومة ما قبل تشريعيات 17 ماي، يدفع مراقبين إلى التساؤل حول عدم توسيعها أو تغييرها، علما أن بلخادم نفسه، كان قد أعلن في وقت سابق، بأنه يريد تغييرا حكوميا، قبل أن يتراجع وينفي مراسلة الرئيس بهذا الشأن.. وعلاوة على ذلك، فإن التركيبة البرلمانية الجديدة، جاءت مغايرة للتشكيلة السابقة، فهل نسبة المشاركة في التشريعيات %36 بالمائة" هي التي سدّت الشهية لإدخال أحزاب جديدة إلى الجهاز التنفيذي، أم أن "نشاز وعصيان" أحزاب أخرى من شاكلة العمال والأرسيدي والأفانا، هي التي أغلقت منافذ تدشين مشاورات لتوسيع الحكومة وتغييرها على ضوء نتائج الإنتخابات البرلمانية؟. وهكذا، فإن حكومة بلخادم الجديدة بوجوهها القديمة، ستشرف عمليا على تنظيم الإنتخابات المحلية، المرتقبة في السادس سبتمبر القادم، وستكون أيضا مكلفة بمهمة الإشراف على تعديل الدستور، وكذا مواصلة غلق الملفات المفتوحة في مجال الإنعاش الإقتصادي والسكن والتنمية المحلية وإتمام الإصلاحات الوطنية فيما يتعلق بالمنظومة التربوية والعدالة وهياكل الدولة. وينتظر أن "يضبط رئيس الحكومة برنامج حكومته ويعرضه في مجلس الوزراء"، حسب ما تنصّ عليه المادة 79 من الدستور، على أن يقدم بلخادم برنامجه إلى المجلس الشعبي الوطني، للموافقة عليه، تطبيقا للمادة 80، حيث تجري الغرفة السفلى لهذا الغرض مناقشة عامة، وهنا جدير بالذكر، أن حكومة بلخادم الأولى، التي عيّنها الرئيس بوتفليقة في ماي 2006، بعد إستقالة أحمد أويحيى، لم تقدّم أنذاك برنامجها أمام البرلمان. ومعلوم أن البرنامج الذي تطبقه الحكومة، هو برنامج رئيس الجمهورية، بمعنى أن البرنامج الذي عرضته حكومة بن فليس وبعدها حكومة أويحيى، هو البرنامج الذي صوّت عليه أكثر من 85 بالمائة من الجزائريين في رئاسيات أفريل 2004، ولذلك يكون بلخادم عندما "ورث" الحكومة عن سابقه، "إمتنع" عن "تكرار" عرض برنامجها على البرلمان، وهو السيناريو المستبعد حصوله مع الحكومة "الجديدة"، على إعتبار أن البرلمان قد تغيّر، وسيدشن عهدته بالمصادقة على برنامج بوتفليقة الذي سيعرضه بلخادم. وتشير المادة 83 من الدستور، إلى أن "رئيس الحكومة ينفذ وينسّق البرنامج الذي يصادق عليه المجلس الشعبي الوطني"، فيما تنص المادة 84، على أن "الحكومة تقدم سنويا إلى البرلمان بيانا عن السياسة العامة تعقُب بمناقشة عمل الحكومة"، مع العلم أن حكومة أويحيى، التي تولّى رئاستها بلخادم في ماي 2006، لم تقدّم للهيئة التشريعية بيانا عن سياستها العامة، بعد ما إتهمتها الكتلة البرلمانية للأفلان، أنذاك، بإفشال وتعطيل البرنامج الرئاسي، وقد تسبب تزامن موعد التشريعيات وإنقضاء عهدة المجلس الوطني، مع مرور سنة عن حكومة بلخادم الأولى، في عدم تقديم هذه الأخيرة لبيان سياستها العامة أمام البرلمان. جمال لعلامي:[email protected]