لا تجد بعض المطلقات من حرج في التقدم بطلب الرجوع إلى أزواجهن السابقين، انطلاقا من معطيات اجتماعية أو نفسية محددة، غير مباليات بنظرة الطرف الآخر ولا نظرة المجتمع ولا أهاليهم، في رغبة منهن لوصل ما تم قطعه، والبدء من جديد، وربما تصحيح الأخطاء السابقة. “لبنى”، شابة عشرينية، تطلَّقت قبل سنتين، بعدما انسدَّت في وجهها كل السُّبل، لتحيا حياة عادية، وهي التي تزوجت بعد قصة حب جامحة، وهي اليوم تعيش رفقة ابنتها ذات السنة والنصف في منزل والديها، غير أنها قررت فجأة مراجعة طليقها حتى تجتمع به وبابنتها تحت سقف واحد من جديد: “أوضاعي الاجتماعية ليست بخير، وطفلتي تكبر، وأشعر دوما بأننا مضطهدتان عائليا، فالجميع ينفر مني، ووالدتي تعيّرني دائما بطلاقي، لهذا قررت مساءلته عبر محاميته، لعله يقبل بالرجوع، خصوصا أنه لم يرتبط حتى الآن، ويحب ابنته بشدة”. هو أرحم من أهلي وفي ذات السياق، تقول “نعمة”، 25 سنة، إنها تطلب الرجوع من زوجها، فرارا من “حقرة” أهلها لها، فبعد سنة من الطلاق ساءت الأوضاع عندها بالبيت العائلي، وباتت محل احتقار من الجميع، فالكل يهزأ بها، ويقلل من قيمتها لفظيًّا، وأشقاؤها الذكور يمنعونها من حياة عادية: “حياتي بعد الطلاق تحولت 360 درجة، فالجميع تحول ضدي، وصرت المغضوب عليها رقم واحد بالبيت، هم لا يكلمونني بالحسنى، كل حواراتهم سب وشتم واستهزاء.. طلاقي كان بسبب حماتي، فهي وبناتها لم يتحملن وجودي وسطهن، وزوجي أذعن إليهن، ولكنه ندم بعد فوات الأوان، وحاليا أطمح في أن يرجعني في سكن منفرد.. وعندي أمل في هذا، فعلى الأقل هو أرحم من عائلتي”. لا أريد نظرة اللَّوم في عيون أطفالي شاءت الأقدار أن تَطْلُبَ “فُلة” الطلاق من زوجها، الذي يقبع في السجن، منذ أكثر من خمس سنوات، عن تهمة المتاجرة بالمخدرات- التي عوقب إثرها ب 12 سنة سجنا نافذا-، خوفا على مستقبل أطفالها، وهكذا عاشت تحمل لقب “مطلقة”، لمدة سبع سنوات، تقول إنها ذاقت فيها الأمرين، سواء من نظرة المجتمع، والعائلة، أم التحرشات، وهكذا تقدمت بطلب رسمي، عن طريق محاميها لزوجها، الذي يقبع على مستوى المؤسسة العقابية، بمدينة عين وسارة، موضحة أنه موافق على الرجوع، خاصة أن الطلاق كان رغما عنه، مرحبا بها في حياته من جديد. لا أزال أحبه وإن كانت الظروف المصاحبة لطلب العودة إلى الزوج السابق والتراجع عن قرار الطلاق في ما سبق، بسبب نظرة المجتمع الدونية والخوف من تشرُّد الأبناء وتفككهم، ف”كنزة” قررت تقديم طلب العودة إلى طليقها لأنها تحبه، رغم مرور أزيد من أربع سنوات كاملة عن طلاقهما: “لا أزال أحب زوجي السابق، ولا يمكنني تصور حياتي مع شخص سواه.. ما حدث قد حدث، وطلاقنا كان غلطة منا نحن الاثنين، أتمنى لو يقبل بالرجوع”.