ماذا يجري داخل غرفة عمليات النقابة الوطنية للمحامين؟، لماذا تلجأ هذه "النقابة" على تشكيل ما يشبه "جهاز أمني" غير شرعي، لمراقبة المحامين الداخلين إلى مجلس قضاء الجزائر؟، وماذا وراء الدعوة إلى مقاطعة الجلسات؟، ثم ما علاقة الحسابات والصراعات السياسية بإضراب 10 جوان؟. الإضراب الذي دعا إليه قبل أيام الرجل الأول في نقابة المحامين، عبد المجيد سيليني، سيكون ظاهريا للمطالبة بعدد من المطالب "الشرعية"، لكن عندما تدرج مشكلة توفير قاعة ومرحاض وحظيرة سيارات للمحامين، يتم تتفيه مثل هذا النوع من المطالب التي لا ترقى لحد المقاطعة والإضراب عن العمل، لكن الحديث عن مطلب "إلغاء المتابعات القضائية ضد المحامين على المستوى الوطني"، يثير برأي مراقبين علامات الإستفهام والتعجب، فهل يراد للمحامي أن يتحول إلى رجل فوق القانون، وهو من يدافع عن تطبيق القانون؟. ما يشبه التحريض على شلّ قطاع العدالة بتوقف المحامين عن العمل، يأتي بعد أيام من بدء النظر في محاكمة المحامين "الذين إنتهكوا القوانين المنظمة للسجن"، كما يأتي قبل أشهر عن إنتهاء عهدة سيليني على رأس نقابة المحامين، وجاء أيضا في وقت كانت فيه الأنظار مشدودة بإتجاه التعديل الحكومي، حيث كانت بعض الأطراف تنتظر تنحية وزير العدل، الطيب بلعيز، وتعويضه بأحد المحامين، ترسيخا للسيناريو الذي حصل في عهد الرئيس الأسبق، الشاذلي بن جديد. وتبعا لعدة معطيات، ظاهرة وخفية، ترى أوساط مراقبة، بأن "المواجهة" المعلنة من طرف نقابة المحامين، أخذت منحى سياسيا، وتسببت من حيث تدري أو لا تدري، في محاصرة نشاط المحاماة وتقليص حرية المحامين، وهو ما تكشفه عملية أمس التي تورط فيها "أتباع" النقابة عند مدخل مجلس قضاء الجزائر الجديد، حيث شرعوا في مراقبة المحامين الداخلين، وهددوا بإحالة كل محامي يدخل المجلس على المجلس التأديبي للنقابة تمهيدا لمعاقبته بالفصل النهائي !. دعوة نقابة المحامين إلى المقاطعة والإضراب "لتحقيق مطالب مبدئية ومهنية"، يقابله التماطل عن تسجيل ما لا يقل عن 1500 محامي أودعوا طلباتهم بصفة رسمية، وقد تحولوا نتيجة ذلك، إلى "رهائن" توظفها الحسابات النقابية لجني ثمار سياسية تحت الطاولة، ويعتقد مراقبون، بأن "الحرب" التي تبنتها نقابة المحامين، تصطدم بالنتائج الإيجابية التي حققتها الإصلاحات الشاملة على مستوى قطاع العدالة الجزائرية، فهل هذه الإصلاحات الوطنية تتعارض ياترى مع نقابة المحامين؟. ومن بين حصيلة الإصلاحات التي تشكلت لها بأمر من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، لجنة وطنية لإصلاح العدالة، ضرب "شبكات تجارة" كانت تجمع بين عدد من المحامين "فوق العادة" وبعض القضاة، جمعتهم صفقة ثنائية رابحة، تنتهي في أغلبها بكسب القضايا لصالح المحامين "الحلفاء"، وهو ما كرس في وقت سابق "عدالة ظل"، كسرت شوكتها الإصلاحات، وأوقفت عمليات إستفادة "المحظوظون" من إمتيازات مع "أصدقائهم" القضاة، الذين سقطوا إثر حركات شطب وعزل سابقة بعد معلومات وتحريات قضائية. في ظل تراجع أو إختفاء هذه "المكاسب" السرية، يعتقد متابعون، بأن نقابة المحامين، أو على الأقل "عصبة نافذة وقوية" فيها، تريد إحياء "المواجهة" من جديد مع الإدارة المركزية لوزارة العدل، وذلك بهدف المناورة والإبتزاز وممارسة الضغوط، بحثا عن فرض منطق مقلوب ومرفوض فيما يتعلق بإستقلالية العدالة والقضاء والتقاضي. والحاصل، أن نقابة المحامين تواجه حاليا رياح فتنة حقيقية، خاصة بشأن "إحتكار" القضايا من طرف "شبكة منظمة"، قتلت مهنة المحاماة، الأمر الذي أثار تحفظ مجموعة كبيرة من المحامين ضد تحويلهم إلى رهينة لصراعات سياسية لا علاقة لها بمهنة الجبة السوداء، التي وجدت نفسها في فتنة أنتجتها الحسابات التجارية والمالية بعيدا عن المبادئ القانونية والأخلاق القضائية. تجدر الإشارة، إلى أن سيليني، كان قد أعلن بأن نقابته قرّرت الدخول في إضراب مفتوح، إلى غاية "الإستجابة للمطالب المشروعة والمرتبطة بإحترام حقوق الدفاع"، مشيرا إلى أنه "لا توجد بالجزائر ما يسمى بالمحاكمة العادلة ونادرا ما تحترم حقوق الدفاع"، وقال "نكاد نقتنع بأنه يوجد برنامج ومخطط يهدف إلى تقليص حقوق الدفاع وتهميشها ودفنها"، وأبدى سيليني غضبه من أن "الوزارة بعثت بقائمة تضم 39 محاميا متابعون جزائيا لإقترافهم مخالفات تمسّ بإدارة السجون". أ/أسامة