موقع الشروق أون لاين بدأت السلطات النمساوية في وزارات الخارجية والداخلية والأمن العام، أمس ممارسة تعتيم شامل على سير المفاوضات الجارية بين رئيس البعثة الدبلوماسية النمساوية السفير أنطون بروهاسكا وهو سفير سابق لدى النمسا في فرنسا والسعودية وسفيرة النمسا لدى الجزائر سيلفيا مايركاجبيك وعدد من القادة وكبار المسؤولين في عدد من الدول الافريقية، بينهم الرئيس المالي والرئيس الليبي معمر القذافي من جهة، وبين عبد الحميد أبو زيد الناطق باسم تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي من جهة ثانية، وذلك من أجل إطلاق سراح المواطنين النمساويين فولفغانغ إيبنر وزوجته أندريا كلويبنر. ونقلت، أمس، وكالة الأنباء الإيطالية "أكي" عن مصادر رسمية نمساوية، أن التعتيم الإعلامي على سير المفاوضات بين الأطراف المعنية شملت كذلك كافة وسائل الإعلام الجزائرية، وخصوصاً جريدة "الشروق اليومي"، التي كانت خلال الأيام الماضية تشكل المصدر الإعلامي الرئيسي في تعميم الأخبار والتقارير حول نتائج الوساطة الليبية والمشاورات التي يجريها السفير النمساوي بروهاسكا في مدينة باماكو عاصمة جمهورية مالي، حيث يعتقد بأن عناصر تنظيم القاعدة نقلوا الرهينتين النمساويتين إلى منطقة قبائل البرابيش في الشمال. وأكدت المصادر أنه تمّ بالفعل تعطيل موقع جريدة الشروق على شبكة الإنترنت. وكانت جريدة الشروق اليومي السباقة في إعطاء تفاصيل مهمة حول الملف وفي مقدمتها المعطيات المتعلقة بوصول وفد أمني نمساوي إلى الجزائر للتنسيق مع الأجهزة الجزائرية المتابعة للملف، بالإضافة إلى الاتصالات التي أجريت مع عبد الرزاق البارا بصفته من العارفين جدا بخبايا المحاور التي تنشط فيها المجموعة على الحدود الجزائرية المالية الليبية والتونسية وإلى غاية شمال مالي، بغرض التوصل إلى نتيجة لصالح إطلاق سراح المختطفين. كما تناولت الشروق اليومي موضوع تصريحات كبار العلماء المسلمين ودعوتهم لإطلاق سراح الرعيتين النمساويتين، وأنه لا يجوز شرعا اختطافهما لأنهما دخلا إلى دار الإسلام غير محاربين، وهي المعلومات التي تابعتها وسائل الإعلام النمساوية باهتمام كبير من خلال موقع الجريدة الإلكتروني الذي أصبح من أهم المصادر الإخبارية لكبريات الجرائد ووكالات الأنباء العالمية.وكشفت الشروق اليومي أيضا في أحد أعدادها السابقة أن مظليين جزائريين قاموا باقتحام مغارات في الصحراء بحثا عن الرهينتين، كما نشرت الشروق قائمة المعتقلين المنتمين لتنظيم القاعدة الإرهابي الذين طالب المختطفون بإطلاق سراحهم، بالإضافة إلى استعراضها للوساطة الليبية وبداية اتصال السلطات الليبية مع تنظيم القاعدة في محاولة لإطلاق المعتقلين. وأكد الناطق باسم وزارة الخارجية النمساوية بيتر لاونسكي تيفانتال، تمسك بلاده بضرورة الإفراج عن فولفغانغ إيبنر وزوجته أندريا كلويبنر، ورفض إعطاء المزيد من التفاصيل حول نتائج المفاوضات، ولكنه أكد أن المشاورات ما تزال قائمة وعلى مختلف المستويات على حد تعبيره. وجاء قرار السلطات النمساوية بتعطيل الموقع، على خلفية الانطباع الذي تكون لدى المتابعين للملف في النمسا بأن المفاوضات بين الجهات المعنية منذ إعلان الخاطفين تمديد المهلة المحددة لتلبية طلباتهم، فشلت بعد أن طالب الإرهابيون الحكومة النمساوية بالضغط على حكومات عدد من الدول الإفريقية من بينها الجزائروتونس والمغرب ودول أخرى من أجل إطلاق سراح عشرة من عناصر القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من بينهم عبد الرزاق البارا وسمير مصعب وعبد الفتاح أبو بصير. ولم تسفر المفاوضات حتى ساعة متأخرة من الليلة الماضية عن أي نتائج إيجابية، سيما بعد إصرار الحكومة النمساوية على لسان المستشار النمساوي الفريد غوزنباور، على رفض النمسا أسلوب الخطف والمراوغة والابتزاز وحتى التدخل في شؤون الدول الافريقية المعنية وممارسة الضغوط السياسية عليها من أجل إطلاق سجناء هم في عداد الإرهابيين. وكان غوزنباور أجرى الليلة قبل الماضية اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الليبي وطلب منه التدخل لإطلاق سراح المواطنين النمساويين، في حين أجرت وزيرة الخارجية النمساوية أرسولا بلاسنك سلسلة اتصالات مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي لإطلاعهم على آخر تطورات المفاوضات، ولا سيما بعدما دخلت المخابرات الفرنسية بتكليف من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على خط المفاوضات بالتعاون والتنسيق مع جهازي المخابرات في ألمانيا ومالي من أجل جمع أكبر قدر من المعلومات عن الخاطفين وتحركاتهم بين تونس والمغرب والجزائر ومالي، وكيفية التدخل العسكري من أجل تحرير الرهينتين النمساويتين إذا اقتضت الضرورة لذلك، في حال فشل المفاوضات الدبلوماسية.