يعتقد رئيس حركة البناء الوطني، عبد القادر بن ڤرينة أنّ المؤسسة العسكرية رفضت كل السيناريوهات التي طبختها جماعة الرئيس المستقيل، وأجهضت مخططات خطيرة على وحدة الجزائر وهويتها، ذكر منها مشروع دستور “فرنسي” فيدرالي، كان سيُطرح للمقايضة الداخلية والخارجية، فضلاً عن طروحات التمديد التي هندس لها محيط الرئيس عن طريق الطبقة السياسية في المعارضة والموالاة قبل أن يسقطها الجيش. وكشف ضيف منتدى “الشروق” أن بوتفليقة لم يكن مريضا في جنيف شهر مارس الماضي، وأنه كان يحضر لإعلان تأجيل الانتخابات وإنهاء مهام 4 قيادات كبرى في هرم الجيش، لكنه فشل في تنفيذ السيناريو. وعن موعد 12 ديسمبر المقبل، يجزم بن ڤرينة أنّ الجيش لن يدعم أي مرشح، وهو على ثقة كاملة بالتعهدات السياسيّة للمؤسسة العسكرية، بل يؤكد أنّ الرئيس القادم للجزائر سيكون من جيل الاستقلال، شخصية نظيفة، وأن لا حظوظ أمام الوجوه المستهلكة، وفق تعبيره. كما يستحضر الوزير السابق للسياحة في عهدي ليامين زروال وبوتفليقة، ذكرياته مع الرجلين، حيث أثنى عاليا على وطنيّة الأول، بينما انتقد كثيرا حكم الثاني وعلاقة المفاضلة والتمييز التي خصّ بها الفرنسيين. جزم بعدم وجود مرشّح مسبق للسلطة.. خيار المرشح التوافقي غير ممكن.. والتحالفات في الدور الثاني قال عبد القادر بن ڤرينة، رئيس حركة البناء الوطني، بخصوص إمكانية قبول النظام لرئيس محسوب على التيار الإسلامي، إنّ الجزائر تغيّرت وتغيّرت معها قواعد التفكير السابقة، مؤكدا أن زمن اختيار الرئيس من حزب معين ومن جهة معينة قد ولّى، واستطرد قائلا “الجيش حاليا هو داعم للحراك ومطالب الشعب”. وأردف المتحدث “الجيش لن يكون له مرشح، ومرشحه هو من سيختاره الشعب”، مشدّدا على أن الحديث عن رعاية الجيش لمرشح دون آخر لا أساس له من الصحة، مستدلا بخطابات القايد صالح التي قال فيها إن زمن صناعة الرؤساء انتهى”. وفي سياق مواز، قال بن ڤرينة إن خيار المرشح التوافقي غير ممكن حاليا، موضحا أن حركة البناء سبق لها وأن طرحت الفكرة في مبادرة 15 أفريل الفارط، والتي بعثت بها لأغلبية القوى السياسية الفاعلة، والشخصيات الوطنية، وحتى أحزاب المجتمع المدني دون تلقي أي إجابة ما عدا التي وصلتهم من قبل شخصيتين اثنتين. وأضاف مرشح الرئاسيات أن الوقت لا يسمح الآن بالوصول إلى مرشح توافقي، قائلا “ماذا سنقول ل40 ألف الذين وقعوا لصالحنا؟”، وأردف “الحديث عن مرشح توافقي الآن هو طرح غير واقعي، لأننا دخلنا في مرحلة الانتخابات”، وتابع كلامه “بالنسبة للحركة وقت رئيس الإجماع انتهى، والرئيس سيصنع عن طريق التوافقات والتحالفات في الدور الثاني”. وبخصوص موقفه من التشريعات المخالفة للإسلام مثل الربا، أكد بن ڤرينة في حال نجاحه بالرئاسة سيدافع عن الانتماء الحضاري للجزائري، وسيطبق المشاريع التي يتوافق عليها الشعب، من خلال جس نبض الشارع وما يريده. وأكد المتحدث أنه سيجري تعديلات على الدستور لإجراء انتخابات محلية وبرلمانية جديدة وفقا لتطلعات الحراك السلمي، وأضاف “نحن نتقيد ونؤمن بالدولة المدنية ذات البعد الجمهوري كما هو منصوص عليه في الدستور وأي شيء ارتضاه الشعب الجزائري المسلم سنجسده كما هو”، وتابع كلامه “سأعيّن حكومة صدمة من الكفاءات الشبابية وكل من انخرط في الدفاع عن العهدة الخامسة يجب أن لا يكون جزءا في العملية الانتخابية الحالية”. أكد أنّه رفض مقابلة الشقيق “السعيد”.. بوتفليقة لم يكن مريضا في جنيف خلال مارس! يجزم عبد القادر بن ڤرينة وفق تحليلات خاصة أن بوتفليقة لم يكن يعالج في جنيف بداية مارس الماضي، مثلما نقلت الرئاسة حينها ومختلف وسائل الإعلام. وعن حياد الجيش في الانتخابات المقبلة، قال بن ڤرينة إنه يفترض حسن النية في تعهدات المؤسسة، موضحا “الذي لا يخون في سبعة التزامات سابقة مع الحراك، فإنه لا يخون في الثامنة”، ويفصل في هذه النقطة بالقول “بعض المغرضين قالوا إن الجيش لن يتخلّى عن بوتفليقة، وزعموا أنه يستحيل عليه محاربة الفساد، وأنه لن ينخرط في الحراك الشعبي، واتهموه بالاستيلاء على السلطة، والترشح للرئاسيات، لكن تبين أن كل تلك الادعاءات في حق المؤسسة العسكرية كاذبة ومضللة، غرضها استهداف الجيش فقط”. وعن إمكانية أن يكون للجيش مرشحه في رئاسيات 12 ديسمبر المقبل، يؤكد بن ڤرينة أن مرشح الجيش هو من سيختاره الشعب، على حد تعبيره. ثناء بن ڤرينة على الجيش يأتي كذلك ممّا يسميه “المشروع النوفمبري الباديسي لقيادة المؤسسة العسكرية”، والدليل على ذلك من وجهة نظره هو اللّحمة القوية التي تجمعه بالشعب، وإجهاض مشروع دستور فرنسي خططت له جماعة بوتفليقة، وإلغاء سيناريو المجلس التأسيسي في جويلية الماضي، باعتبار ذلك فكرة غربية محضة، لو تحقق سيقضي على هوية العشب الجزائري والإسلام والعروبة. وكشف بن ڤرينة أن السعيد بوتفليقة اتصل به جوان 2018، ولكنه رفض لقاءه، وأن الاتصال به تم من مؤسستين دستوريتين، وإن رفض الكشف عن أسماء “رسل السعيد”، فإنه اكتفى بالقول إن أحدهما في السجن والآخر خارجه. ويتابع “تم استعمال جزء من النخبة لمهاجمة الجيش تحت ذريعة إبعاد الجيش عن السياسة، وما كان للجيش أن يخرج عن الدستور، أو أن ينخرط في أي فعل ضد بوتفليقة، ولحماية المشروع النوفمبري للمؤسسة العسكرية بقي الجيش يراقب الوضع”. ومن المعلومات المثيرة التي كشف عنها بن ڤرينة، لأول مرة، ولإن أوردها بصيغة التحليل، أن المجلس الدستوري برئاسة الطيب بلعيز كان سيلغي ملف بوتفليقة في رئاسيات 18 أفريل، وكان سيبقي على ملفه كمرشح عن حركة البناء الوطني، وملف مرشح جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، ليقوم بوتفليقة بإلغاء الانتخابات، وهنا يؤكد أن بوتفليقة لم يكن يعالج في جنيف، وأنه لم يكن مريضا أصلا، وتناقض المعلومات التي يتحدث عنها بن ڤرينة، ما ذهبت إليه الرواية الرسمية في الجزائر من خلال بيان رسمي للرئاسة تؤكد ذهاب الرئيس المستقيل للعلاج، وبعدها وسائل الإعلام العالمية، والتي نقلت صورا مسربة لناصر بوتفليقة من داخل أحد غرف مستشفى جنيف، مرفوقا بعناصر من الأمن الرئاسي. وعن تفسيره لإمكانية اتخاذ قرار إبعاد ملف بوتفليقة، من طرف الرئيس السابق للمجلس الدستوري الطيب بلعيز الذي يعد واحدا من أنصاره، صنف ذلك في خانة “صحوة الضمير”، واستدلّ في ذلك بشهادة بلعيز ضد السعيد بوتفليقة في محاكمة هذا الأخير، والتي وصفتها الصحافة الوطنية بأنها ورطت السعيد. وبحسب بن قرنية، فإنّ أول قرار كان بوتفليقة سيتخذه بعد عودته من جنيف، هو إلغاء الانتخابات الرئاسية، على أن يتبع ذلك بعقد ندوة وطنية، وعبر البرلمان يتم التمديد لبوتفليقة لسنة أو سنتين خارج الدستور، ولكنّ الجيش والحراك أجهضا المخطط، وما يثبت هذا هو تأكيد الجيش على ضرورة المضي نحو الانتخابات في آجالها. بينما انتصر بوتفليقة للفرنسيين.. هكذا رمى زروال بمشروع تعديل قانون الأسرة في وجه الحكومة! يقدم عبد القادر بن ڤرينة، شهادته عن الرئيسين السابقين اليامين زروال وعبد العزيز بوتفليقة، بحكم منصبه كوزير للسياحة، حيث عمل تحت قيادتهما لفترة من الزمن، ويقول عن زروال إنه “رجل وطني محب لبلده”، والعكس مع بوتفليقة الذي منح امتيازات لا تحصى للفرنسيين، وفق كلامه. وكشف بن ڤرينة أنه قدم استقالته للرئيس زروال، بسبب ظروف العمل غير المواتية، وتدخلات وزارة الخارجية التي رفضت خرجاته الميدانية خاصة للصحراء مرفوقا بالسلك الدبلوماسي. ومما استحضره من مواقف يصنفها في خانة الوطنية للرئيس زروال، رفض الأخير لمقترح حكومي من طرف وزيرة الأسرة والتضامن حينها ربيعة مشرنن، يتم بموجبه إدخال تعديلات جوهرية على قانون الأسرة، حيث قام برمي الملف في اجتماع لمجلس الوزراء، وقال “مادمت هنا لن يتم تمرير أي شيء ضد العروبة والإسلام”، إضافة إلى رفضه إنهاء مهام المسؤولين دون الاطلاع على الأسباب بصفة شخصية، كما كان يرفض إنهاء مهامهم في الأعياد، وكان يطلب توفير مناصب عمل بديلة لإعالة ذويهم. بالمقابل، تحمل شهادة بن ڤرينة الكثير من السلبية في حق بوتفليقة، وأبرزها تكريس حديث الوزراء في اجتماعات مجلس الوزراء باللغة الفرنسية، الأمر الذي كان ممنوعا مع الرئيس اليامين زروال. ومن الملفات التي كشفها بن ڤرينة، وتظهر – حسبه – المزايا التي قدمها بوتفليقة للفرنسيين، أنه اقترح شراكة مع مجموعة فندقية عالمية، لتسيير الفنادق الجزائرية، تحصل بموجب ذلك على نسبة 2 من المئة من الأرباح فقط، لكن محيط الرئيس استقدم المجموعة الفرنسية “أكور” مع منحها 5 من المئة من أرباح ولكن من رقم الأعمال، لكن الرئاسة استقدمت الفرنسيين لإدارة فندق “ماركير الكبير”، وتم الأمر وفق تأكيدات بن ڤرينة بموافقة تامة من الرئيس بوتفليقة، حيث قال “بوتفليقة رفض التقرير الذي رفعته له، وساير جماعته، وحينها قدمت استقالتي”. وفي سياق متصل، شدّد المتحدث على ضرورة فتح ملفات الفساد المسكوت عنها في الجزائر، على غرار التحقيق في مصير 160 مليار دولار التي تحدث عنها صندوق النقد الدولي في تقرير له، حيث كشف أن الجزائر بلغت نسبة الفساد فيها 30 حتى 40 من المئة، مقارنة بدول المغرب العربي التي تصل نسبة 10 من المئة، وأن ميزانية التجهيز مضخمة بنحو 30 من المئة، وبالتالي فإنّ الفساد بعملية حسابية التهم على الأقل 160 مليار دولار يجب الكشف عن وجهتها وناهبيها. طلبوا من نحناح ضمان الأموال أو التنازل عن الرئاسة في 95! وبخصوص فوز الشيخ الراحل محفوظ نحناح، زعيم حركة مجتمع السلم في رئاسيات 1995، صرح بن ڤرينة “لا أتوقع أن هناك شخصا لا يعرف بأن الفائز كان الشيخ نحناح رحمه الله، وجزء كبير من السياسيين في ذلك الوقت كانوا على علم بما حدث”. وسرد المتحدث الوقائع التي كان طرفا فيها، حيث كشف أنه تمّ التواصل ليلة فرز الأصوات، عن طريق ثلاثة أسماء معروفة، هو أحدهم، ومعه وزير وشخصية رياضية، لديهما علاقة بأجهزة الحكم، حيث أبلغوا الشيخ أنّ أصحاب القرار يطلبون منه ضمانات للتمويل الخارجي للجزائر، عربيا أو غربيا، بحكم الوضع الاقتصادي الخانق، أو التخلي عن السلطة، لأنّ حالة البلد لا تحتمل، فقرّر الشيخ نحناح التنازل مشترطا فتح نافذة للحركة في الجهاز التنفيذي. واعتبر بن ڤرينة أن نحناح قدّر حساسية المرحلة التي كانت تمر بها الجزائر وقدّم تضحيات لأجل ذلك. لا دخل للإخوان في “البناء” ولا نتلقّى أموالا من الخارج ينفي رئيس حركة البناء الوطني، عبد القادر بن ڤرينة، أن تكون علاقات حزبه مع تنظيم الإخوان المسلمين، قائمة على “الخضوع والانصياع للمرشد”، مفندا أي تدخل للإخوان في الخيارات الكبرى لهم، ويقول “نحن حركة وطنية تتبنى المشروع النوفمبري، وليس لنا فيتو مع أي جهة كانت، شرط أن تكون العلاقة ضمن الدستور الجزائري، وقوانين الجمهورية، ونعمل أن تكون علاقاتنا مع الخارج غير مسيئة لسياساتنا الوطنية، لأننا نتحرك تحت سقف علاقات الدولة الجزائرية، ومبادئ السياسة الخارجية لبلدنا”. وأضاف بن ڤرينة بهذا الصدد “الإخوان هم من يستفيدون من تجربتنا، كما حصل مع الغنوشي الذي استفاد من تجاربنا وساهم في إنقاذ بلده”. وفي ذات السياق، تابع بن ڤرينة “نحن لا ننخرط في أي لقاءات سرية أو علنية لمنظمات دولية تنتمي للصهيونية أو في مشاريع دول كبرى لإشاعة الديمقراطية في الجزائر، ولا نتلقى أموالا من سفارات أجنبية تحت مسمى إشاعة الديمقراطية”.