في ظل تشبث الشعب الجزائري بمطلب رحيل رموز نظام عبد العزيز بوتفليقة كلهم، من جهة، وتعنت الجيش في الاستجابة للمتظاهرين، يرى خبراء القانون الجزائريون أن الدستور الحالي يوفر مخرجا للأزمة التي تعرفها البلاد، تتمثل في استقالة رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، واستخلافه بشخصية توافقية، تمهيدا لتنحي رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح، لتخلفه هذه الشخصية. وفي هذا الصدد، يقول لزهاري بوزيد، الخبير الدستوري في مقابلة مع وكالة "الأناضول"، "إن الدستور الحالي للبلاد، بالرغم من سلبياته، يتوفر على حلول للأزمة، غير أن النقاش السياسي الذي تطرحه الطبقة السياسية والحراك الشعبي، يبقى مسيطرا". واقترح بوزيد، العضو السابق في مجلس الأمة عن الثلث الرئاسي المعين من طرف الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، وفق ذات المصدر، أن يستقيل بلعيز، ويتم تعويضه بشخصية وطنية توافقية، تحل مكان بن صالح، رئيس الدولة المؤقت. وطالب الجزائريون، في مسيرات مليونية للجمعة الثامنة على التوالي، برحيل "الباءات الثلاث"، وهم: بن صالح، بلعيز، ونور الدين بدوي، رئيس الوزراء. وينص الدستور الجزائري، على تولي رئيس مجلس الأمة منصب رئاسة الدولة لمدة 90 يوما، عند استقالة رئيس الجمهورية، بصلاحيات محدودة جدا، إذ لا يمكنه إقالة الحكومة القائمة. وأوضح الخبير الدستوري، أن "استقالة بلعيز، وتعويضه بشخصية توافقية، تعوض بن صالح، في رئاسة الدولة بعد استقالته هو الآخر، يبقى مقترحا دستوريا". وبحسب الدستور الجزائري، فإنه في حال استقالة رئيس الجمهورية (بوتفليقة استقال)، واستقالة رئيس مجلس الأمة (الذي خلفه)، تعود رئاسة البلاد مؤقتا إلى رئيس المجلس الدستوري. وأضاف محدثنا، أن تنفيذ هذا المخرج "يتطلب مشاورات بين الطبقة السياسية وممثلين عن الشعب وبمساندة من الجيش للاتفاق على هذه الشخصية التوافقية، التي تحل محل رئيس المجلس الدستوري"، مشيرا إلى أن الدستور هو تعبير عن إرادة الشعب، وبالتالي "لابد من الاستماع إلى إرادته، بموجب نص المادة 07 التي تقول أن الشعب مصدر كل سلطة". واعتبر الخبير الدستوري أن "الجزائر ليست بحاجة إلى الخروج عن الدستور، لتجاوز الأزمة، بقدر ما هي بحاجة إلى تطويع نفس الدستور بشكل يتماشى وإرادة الشعب"، مضيفا "أن الشعب متمسك لحد الآن بالدستور، لأنه مصمم على تطبيق المادتين 07 و08". وبشأن صلاحيات رئيس الدولة بن صالح، في تنصيب هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات، قال المتحدث، إن هذه القضية لا تطرح إشكالا كبيرا، موضحا أنه "في إطار سلطة التشريع ووفقا لقانون الانتخابات، يمكن للبرلمان أن يجري تعديلا قانونيا ويقدمه للحكومة، لوضع آلية مراقبة الانتخابات". وتابع "أنها فرصة كبيرة أمام المعارضة على مستوى السلطة التشريعية لتبادر بحلول قانونية"، مؤكدا أن الشعب الجزائري، لا يريد تزوير الانتخابت مرة أخرى "وهو من سيختار أشخاصا لهم برنامج رئاسي دقيق". وبشأن مدى مواكبة الدستور الحالي للتغييرات التي تعرفها البلاد، في الوقت الراهن، قال الخبير القانوني، إنه "لا يوجد دستور في العالم كامل"، مبرزا أن دستور الولاياتالمتحدةالأمريكية، وضع في 1787، "لكنه يطوع في كل مرة بالتعديل ليتماشى مع مستلزمات الظرف الذي تمر به البلاد". ويعاني الدستور الجزائري، الحالي، حسب الخبير، من "خلل في تنظيم السلطات، وبالأخص في السلطة التنفيذية التي تمنح صلاحيات كبيرة لرئيس الجمهورية، كما لا يمكن محاسبته"، مضيفا أنه "من الخطأ القول بأن الدستور الحالي هو دستور الرئيس بوتفليقة، لأنه وضع في 1989، وعدله زروال في 1996، وأدخل عليه بوتفليقة تعديلات سريعة تعلقت تحديدا بفتح العهدات الرئاسية". وأضاف أن تعديل 2016، أتى بمزيد من الحقوق والحريات وأعاد غلق العهدات الرئاسية، لكنه "لم ينظم السلطات". واستطرد ذات المصدر، أن "الخلل ليس في النص الدستوري وإنما في تطبيق النص"، مستدلا بالمادة 09 التي تنص في إحدى فقراتها، على أن مؤسسة البرلمان تضطلع بمحاربة كل أشكال الفساد، "بينما وصول النواب إلى هذه المؤسسة فيه شبهات الفساد المالي".