بعد ما صنع الجدل لأسابيع، في أعقاب ركوبه البحر على متن قارب الهجرة السري، تمكنت الشروق من الوصول إلى لاعب خط الوسط المنتمي لفريق أمل مغنية الشاب بلغيث أمين صاحب 22 ربيعا، حيث يكشف في هذا الحوار، عن الظروف التي دفعت به إلى ركوب البحر، والمجازفة بحياته، كما يكشف تفاصيل المغامرة. أوَلا بودَنا أن تطمئننا على أحوالك وتخبرنا عن مكان تواجدك حاليا؟ أنا في أحسن الأحوال ولله الحمد، وحاليا أنا متواجد بفرنسا، عند أقاربي. صنع سفرك الحدث بالوسط الرياضي، خاصة انه كان على متن قارب، كيف جاءتك الفكرة؟ ما قمت به ليس من أجل الشهرة، أو التسلية والمغامرة، بل أنا قررت الهجرة بعد ما أغلقت في وجهي كل الأبواب، وصرت غير قادر على توفير قوت يوم لعائلتي، فما كان علي سوى التفكير في طريقة للنجاة، وبلوغ الضفة الأخرى. كنا نسمع عن هجرة بطَالين ومسبوقين وحتى طلبة، لكن قليلا ما نسمع عن هجرة لاعبي كرة قدم رغم أنهم في موقع مريح مقارنة بالفئات الأخرى، كيف تفسر انخراط هذه الفئة في ظاهرة الهجرة السرية؟ صحيح، أنني كنت أنتمي لفريق اتحاد مغنية، وقبله وداد تلمسان، لكن في الواقع كنت أعيش الفقر المدقع، خاصة بعد ما ضربت الأزمة المالية الفريق، فلم نعد نحصل على مستحقاتنا قرابة السنة، وهو الأمر الذي صعَب علي ظروف العيش، حتى صرت أفتقر ل200 دينار في جيبي، وهي معطيات جعلتني أفكر من جديد وبحزم، لإيجاد المخرج، لاسيما وأن عائلتي فقيرة، ووالدي لم يعد يقوى على نكبات الحياة، نتيجة مرضه وهو ما أجبرني على التحرك، والتضحية بمشواري الرياضي، من أجل إنقاذ عائلتي. كيف وفرت المال من أجل “الحرقة”، كم كانت تكلفتها، وكيف جرى التحضير لها؟ لقد تعبت كثيرا من أجل جمع تكلفة الرحلة التي تم تحديدها بين 12 و15 مليون سنتيم، وقد سمحوا لي بالسفر معهم رغم أنني كنت أملك 11 مليونا ونصفا فقط، ولكن وجدت أشخاصا مثل الإخوة سهَلوا لي السفر، لتطليق حياة الغبن و”الميزيرية”. عندما ضبطنا موعد ومكان الإقلاع، توجهت رفقة 8 آخرين، إلى شاطئ بن عياد القريب من شاطئ مرسى بن مهيدي بتلمسان، وأقلعنا في حدود العاشرة ليلا، غير أن المفاجأة هو رصدنا من طرف دورية للدرك الوطني، الذين يكونون قد أعلموا مصالح حراس السواحل لتعقبنا في عرض البحر، وبالفعل بعد أقل من ساعة من الزمن، لمحنا خلفنا سفينة تابعة لحراس السواحل، ولم يكن أمامنا سوى المجازفة باختراق الحدود البحرية المغربية، لإجبارهم على العودة، وكان ذلك حيث واصلنا طريقنا مباشرة نحو الضفة الأخرى، لكن الرحلة طالت ولم نصل سوى في حدود الثالثة زوالا من اليوم الموالي، أي دامت 17 ساعة. هل كان مركبكم قويا وجديدا حتى يصمد طيلة 17 ساعة؟ (يضحك)… والله سأفاجئك لو قلت لك أن القارب الذي أقلعنا فيه “تاع زوالية” من النوع الذي يستعمل للصيد، و د وضعنا عليه محركا ضعيفا بقوة 30 حصانا، وملأنا 10 دلاء من البنزين، ثم أقلعنا وكان سلاحنا الإرادة والإيمان بالقدر، حيث وقعنا على شهادة وفاتنا قبل الانطلاق، حتى لا نبالي بما قد يحصل لنا، وكم هي صعبة أن تسافر ليلا على متن قارب صغير، حيث أن الأمواج كان علوها يفوق المترين، والقارب يتأرجح بين اليمين واليسار، وقلوبنا تعتصر خوفا، إلى أن وصلنا إلى منطقة صخرية قريبة من شاطئ ألميريا، و حمدنا الله على السلامة. إرو لنا جانبا مما عانيته خلال مشوارك الرياضي؟ عانيت من الحقرة والجهوية كثيرا، منذ التحاقي بالفرق الكبرى مثل وداد تلمسان التي تقمصت ألوانها سنة 2013 جمعية وهران سنة 2015، كنت أتمرن طيلة الأسبوع مع صنف الآمال وفي المباريات الرسمية لا يتم استدعائي، وحتى بالمنتخب الوطني أقل من 17 سنة، كانت الحال نفسها، وأخيرا حللت بأمل مغنية، لم أجد السند القوي الذي يسهل لي فرصة تفجير طاقاتي ، رغم إمكانياتي الكبيرة، لكنني عانيت مع دكة البدلاء، وشطب اسمي في كل مرة من القائمة من أجل فرض أسماء أخرى صاحبة جاه ومال، وهو ما دفعني إلى الخروج من هذا العالم الذي لا يرحم والتنقل إلى أوروبا، علّ وعسى أتمكن من فرض وجودي والانطلاق من جديد. هل ستواصل في مجال كرة القدم في فرنسا؟ سأصدقك القول، أنا حاليا تفكيري الأساسي هو إيجاد عمل، وبناء حياتي هنا، حتى أتمكن من مساعدة عائلتي، علما أنني الابن الأصغر، ووالدي كان تاجرا، لكن أفلس بعد غلق الحدود المغربية، ولكن لن أنسى كرة القدم هوايتي المفضلة، ومن يدري قد أجد فريقا هنا، أجدد معه المغامرة ولِم لا العودة للجزائر من أوسع الأبواب.