أبرز مشاركون في اللقاء العلمي الثالث للمدرسة القرآنية “دار القرآن الكريم” لشيخها الحاج محمد بن موسى ببلدية شروين أقصى شمال المقاطعة الإدارية تيميمون شمال أدرار دور الرباطات العلمية بالمنطقة، والتي شكلت منذ القدم مراكز إشعاع علمي كانت بمثابة إشعاع ديني وعلمي ساهم في صون عقيدة ومرجعية الأمة، وصمودها في مختلف تيارات التحول الفكري والمذهبي. نظم اللقاء بالتنسيق مع كلية العلوم الإنسانية، الاجتماعية والعلوم الإسلامية بجامعة أدرار ومخبر المخطوطات الجزائرية بإفريقيا أشار المتدخلون، إلى أن هذه الرباطات العلمية التي أخذت عدة أشكال ومسميات، على غرار الزوايا والمدارس القرآنية وكتاتيب أسست لعلاقة وطيدة بين العلماء، وهذه المنطقة التي شكلوا بمكوثهم فيها لحمة مع سكانها وأهلها تمكنوا بها من رد مختلف أساليب العدوان، التي مورست على المسلمين في الحقب الماضية من خلال وجود هيئات تعنى بالتكافل بين المسلمين. وأشير خلال هذا اللقاء الذي أطره باحثون وأساتذة جامعيون وأئمة إلى أن سيدنا عقبة بن نافع كان أول من أسس رباطا علميا بالمغرب العربي وشمال إفريقيا. وكانت هذه الرباطات بمثابة فضاءات لتلقين العلوم والتنوير والتكافل الاجتماعي وإصلاح ذات البين عكس ما كانت عليه الرباطات بالمشرق العربي التي كانت عبارة عن ثكنات مسلحة للدفاع عن المسلمين وحمايتهم في ظروف الحروب والنزاعات. ومن بين العوامل التي ساهمت في إرساء وازدهار الرباطات العلمية بمنطقة شروين هو ذلك الالتفاف الشعبي لأهل البلدة حولها بالدعم والمرافقة، من خلال تخصص أوقاف وحبوس مادية وعلمية وحصر الانتفاع بها، على هذه الرباطات، مما جعلها محط استقطاب للعلماء والمريدين للذين طاب لهم بها المقام لتلقين علوم الدين، وفق المرجعية المالكية والنهج الوسطي المعتدل والنهل من كنوزها المعرفية التي كانت تضمها خزائن المخطوطات المنتشرة بالمنطقة. وقد ساهمت هذه الرباطات العلمية في المنطقة بشكل كبير في تعزيز استقرار المجتمع والمنطقة وانسجام سكانها، من خلال تشبعهم بمبادئ الدين الإسلامي السمح والتصوف السني. ويهدف اللقاء الذي حضرته جموع غفيرة من مختلف جهات الولاية إلى جانب السلطات المحلية إلى تسليط الضوء على هذه الرباطات العلمية وإبراز الإشعاع العلمي للمنطقة من خلال الفضاءات المعرفية الاجتماعية، وعلاقاتها مع مختلف الحواضر العلمية بالمغرب العربي وعموم إفريقيا حسبما أشار إليه المنظمون. وعلى هامش هذا اللقاء تم استعراض عمل أكاديمي قام به مخبر المخطوطات الجزائرية بإفريقيا على مستوى جامعة أدرار شمل رقمنة و فهرسة أزيد من 300 مخطوط في سبع خزائن بمنطقة شروين، وهي متاحة الآن أمام الباحثين والطلبة عبر البوابة الجزائرية الإلكترونية للمخطوطات. وأشيرا أيضا إلى أن البوابة الإلكترونية للمخطوطات الجزائرية التابعة للمخبر تمكنت منذ إنشائها في ظرف عام من رقمنة وفهرسة قرابة 8.000 مخطوط في أزيد من 70 خزانة مخطوطات عبر العالم أغلبها بالجزائر.