خرج حراكيون للجمعة ال51 من عمر الحراك الشعبي، الذي يسير بخطى ثابتة لإطفاء شمعته الأولى، ونحن على مقربة من تاريخ ال22 من شهر فيفري، حيث أكد المتظاهرون، الجمعة، استمرارهم وثباتهم في الخروج، مطالبين بحوار مكتمل الأركان مع جميع مكونات الشعب، إلى جانب مواصلة محاربة الفساد وبناء دولة الحق والقانون وحرية التعبير. وعلى غير العادة انطلق الحراك في جمعة أمس من بعض أحياء العاصمة وبالضبط من شارع محمد بلوزداد، بعيدا عن شارع ديدوش مراد الذي يعرف انتشارا أمنيا مكثفا، لرجال الشرطة وعشرات المركبات والسيارات التابعة للأمن الوطني المركونة على رصيف كل من شارع عبد الكريم الخطابي ومحمد خميستي وديدوش مراد، وشارع "مونج"، وصولا إلى محيط ساحة البريد المركزي، إلا أنها أخذت زخما كبيرا مباشرة بعد صلاة الجمعة التي كانت إيذانا بانطلاق الحراكيين في مسيرات جابت الشوارع الرئيسية للعاصمة التي غصت كالعادة بالشباب والنساء، رافعين لافتات ورددوا شعارات تشدد على وحدة الشعب وأسس الجزائر الجديدة. وكالعادة كانت مسيرة ساحة أول ماي تتجه نحو البريد المركزي مرورا بشارع حسيبة بن بوعلي ليكون ملتقى المتظاهرين ساحة البريد المركزي مع وصول المسيرة القادمة من باب الوادي مرورا بشارع عسلة حسين التي أصبحت "بارومتر" الحراك نظرا للأعداد الكبيرة المشاركة فيها، حيث رددوا مطولا وبصوت واحد "لن نستسلم، حتى تتحقق جميع مطالبنا". وتزامنا مع العفو الرئاسي الذي أصدره رئيس الجمهورية، طالب المتظاهرون بضرورة إطلاق سراح موقوفي الحراك، كما برزت شعارات أخرى ترفض استغلال الغاز الصخري. إلى ذلك تجددت القضية الفلسطينية للأسبوع الثاني على التوالي من طرف المتظاهرين الجمعة بشعارات منددة بصفقة القرن والتي أطلقوا عليها اسم "سرقة القرن"، مستهجنين قرار الرئيس الأمريكي ترامب وردود الأفعال الدولية وحتى العربية لبعض الدول العربية المؤيدة لها ومن بين العبارات المرفوعة في اللافتات التي رفعها المتظاهرون "القدس قدسنا وفلسطين قضيتنا" و"صفقة القرن خيانة" و"فلسطين أمانة الإسلام في أعناقنا" و"صفقة القرن.. من لا يملك أعطى لمن لا يستحق" و"فلسطين وديعة عمر في ذمتنا" و"تحيا فلسطين.. الخزي والعار للخونة"، وكذا "فلسطين ليست للبيع.. القدس لنا والأرض لنا". في جمعة جديدة بالولايات مطالب اجتماعية تدخل المسيرات انطلقت مسيرة الجمعة ال51 في بجاية، من ساحة دار الثقافة "الطاوس عمروش" صوب ساحة حرية التعبير "سعيد مقبل" ومنها سار المتظاهرون باتجاه أعالي المدينة، مرددين العديد من الهتافات التي تطالب بالتغيير الجذري والحقيقي بشعار "التغيير الجذري مطلبنا.. والحرية غايتنا"، كما طالب المشاركون في مسيرة بجاية بإطلاق سراح جل موقوفي الحراك ومحاسبة كل الفاسدين الذين نهبوا أموال الشعب طوال حكم بوتفليقة، مطالبين بدولة الحق والقانون وبالعدالة الاجتماعية، مجددين رفضهم المطلق لاستغلال الغاز الصخري بالجزائر. وبشرق البلاد، سجل الشارع زوال أمس انتعاشا في مسيرة أول جمعة من شهر فيفري 2020، فقد تزايد المشاركون وتنوعوا ما بين كل الفئات ومن الجنسين، ومرة أخرى ساهم الجو الصحو المائل إلى الربيعي في مختلف المدن، في منح الشارع وهجا مختلفا عن الجمعة السابقة وما قبلها ومنذ بداية السنة الجديدة، ولوحظ أن صور القدس والعلم الفلسطيني كانا ديكورا في الكثير من المسيرات، خاصة في برج بوعريريج، حيث أطلّ شباب ما يسمى بقصر الشعب بصورة كبيرة للقدس طالبوا فيها الشعوب العربية بالرد على الصهاينة وراسمي مخطط صفقة القرن بالحراك الإيجابي لتوقيف المؤامرة. وطالب حراكيون بإطلاق سراح من تبقوا رهن الحبس المؤقت.. وفي الولايات الصغرى أخذت المطالب منحى اجتماعي واقتصادي بحتا، فلا حديث سوى عن ضرورة توقيف زوارق الهجرة السرية، من خلال توفير العمل للشباب ومنحهم فرصة تحقيق ذاتهم بعيدا عن البيروقراطية، وثمّن حراكيون في سكيكدة وتبسة سقوط الحيتان الصغيرة بحر هذا الأسبوع، من خلال حبس رؤساء بلديات ومديرين ولائيين كانوا سببا في الأزمة التي عاشتها الجزائر العميقة.