معروف في عالم كرة القدم وفي بقية الرياضات وجميع المجالات، بأن الجانب النفسي بإمكانه أن يمثل إلى غاية 50 بالمئة من فشل ونجاح الرياضي النجم على وجه الخصوص، ولا أحد يعلم حاليا الحالة النفسية لنجوم كرة القدم مثل ميسي ورونالدو وهازارد وغيرهم بعد أن صدمهم وفاجأهم الوافد الخطير فيروس كورونا، فحضر تحركهم وحرمهم من التدرّب وتطوير أنفسهم، وأكثر من ذلك فجعهم في الآلاف من الناس الذي ماتوا، من مناصرين وأبناء البلد الذي ينشطون فيه مثل إيطاليا بالنسبة لرونالدو وإسبانيا بالنسبة لميسي، والمشكلة الأكبر هي أنه لا أحد يعلم مدة هذا الهاجس، لأن لاعب الكرة عندما ينقطع يوما واحدا عن المنافسة يشعر بالتراجع فما بالك الانقطاع لعدة أسابيع وسط خوف شديد من عدو لا يظهر ولا أحد يراه. في عالم الكرة أيضا يوجد لاعبون يكون مستواهم عال جدا قبل الإصابة، وبمجرد أن يصابون يتغير مستواهم ومنهم فوزي غولام الذي أصيب نفسيا أكثر منه بدنيا، وفقد ثقته بنفسه، وأنشيلوتي مدرب نابولي السابق كان على حق عندما سحب البساط من تحت أقدامه، لأن فوزي غولام تغير مستواه بشكل مريع، وبالتأكيد فإن الزلزال النفسي الذي أصابه هو السبب، وفي المقابل أيضا هناك لاعبين يعودون بأكثر قوة بعد الإصابة ومنهم الداهية مارادونا الذي كان لاعبا متألقا ومبدعا، وعندما تنقل إلى برشلونة وأصيب من مدافع بيلباو الشهير غويغوتشيا وقيل بأنه انتهى، سافر إلى نابولي وقدم عروضا خيالية وأصبح ظاهرة كروية حيث حقق لنابولي الدوري وكأس الاتحاد الأوروبي وحقق لوحده للأرجنتين لقب كأس العالم في المكسيك 1986. وباء كورونا هو أول مرض يوقف لعبة كرة القدم ويشلها نهائيا، وهو أول وباء يصيب لاعبين في فرق مشهورة مثل فالونسيا وفيورونتينا، وهو الوحيد الذي منع الجمهور لفترة من حضور المباريات بالرغم من أنهم يملكون بطاقات الدخول، ومنع بعد ذلك اللاعبين من المنافسة وحتى من التدرب. وصار يمضي أحيانا اليوم بالكامل من دون أن تُلعب مباراة كرة واحدة في كل العالم، وإذا كان الأطباء ووزارات الصحة في العالم لا تعلم متى تعود الحياة إلى طبيعتها، والرئيس الأمريكي أبعد الأمل إلى غاية نهاية جويلية أو بداية أوت، أي بعد قرابة خمسة أشهر، فمعنى ذلك أننا سنجد بعد هذه الفترة فرق جديدة وأندية جديدة ولا أحد بإمكانه أن يرسم صورة لاعبي الكرة والأندية وحتى المنتخبات. في مونديال 1930 لم تتألق البرازيل وتابع لاعبوها النهائي ما بين الأورغواي البلد النظم والأرجنتين فقط، وفي مونديال 1934 كان النهائي بين الأوروبيين وفازت إيطاليا في بلادها باللقب، وكان أداء البرازيل باهتا، ونفس الشيء بالنسبة لمونديال 1938، الذي شهد فوز إيطاليا باللقب في الأراضي الفرنسية، ثم جاء بركان الحرب العالمية الثانية الذي ألغى مونديالي 1942 و1946، وعندما عاد كأس العالم 1950 ظهرت قوة جديدة وعشاق مجانين بكرة القدم كانوا بعيدين عن الحرب العالمية الثانية وهم البرازيليون، الذي احتضنوا المنافسة ولعبوا مباراتها النهائية وبعد ثمان سنوات ظهر لاعبهم بيلي الذي قادهم للسيطرة على المونديال، كما ظهر منتخب ألمانيا الفائز بمونديال 1954، وحتى بالنسبة للأندية فقد كان أقوى فريق في إيطاليا هو طورينو ولكن حادث طائرة جعل هذا الفريق يسقط إلى غاية الآن، فهو فريق عادي بين سقوط ونزول في الدوري الإيطالي. المتأثرون أكثر بسبب فيروس كورونا هم المتألقون، ومنهم المنتخب الجزائري الذي ينتمي لاعبوه الكبار لقارة أوروبية موبوءة وينتمي هو لقارة إفريقية لم يمسسها الوباء بمعنى أن منافسيه الأفارقة مازالت بطولاتهم سارية، بينما الخضر في حالة راحة وهلع نفسي مخيف، وإذا عجز عن تسيير المرحلة من جانبها النفسي، فقد يمنح الغلبة للأفارقة خاصة المنتخبات المتوسطة التي لا تمتلك لاعبين محترفين في أوربا بنسبة كبيرة، ويبقى الوقت الميت، هو الميزان الجديد الذي سيصنع منتخبات جديدة وأندية جديدة ولاعبين بقيمة جديدة، فبإمكان مثلا ريال مدريد قلب الطاولة في لقاء الذهاب ضمن رابطة أبطال أوربا على مانشتر سيتي وبإمكان أشبال غواديولا أن يسحقوا ريال مدريد، وهذا حسب الحالة النفسية وطريقة تسيير الأزمة. هناك في أوربا من نصح بنقل بعض الفرق الكبيرة إلى جزر بعيدة لا فيروس كورونا فيها، والتحضير، حتى لا ينهار المستوى البدني والنفسي والفني للاعبين، لكنه اقتراح بقي من دون تجسيد، لأن كورونا مازال مجهولا، ولا أحد يعرف خططه التكيتيكية التي تفوقت على خطط الأطباء، فما بالك بنجوم كرة القدم. ب.ع