يضطر كبار السن، ورغم كل الإجراءات الصارمة التي وضعتها الحكومة للوقاية من كورونا، إلى اختراق الاكتظاظ المتواجد في مراكز البريد، لسحب أموالهم، الأمر الذي قد يهددهم بعدوى الوباء، ويرفع عدد حالات الوفاة لكبار السن في الجزائر ب"كوفيد19″. وشهدت مراكز بريد بالعاصمة، هذه الأيام، ومع ارتفاع درجات الحرارة، حالة اكتظاظ وتجاوز لمسافة الأمان بين زبائنها، الذين هربوا من أشعة الشمس في الخارج، إلى الداخل أين تتواجد البرودة والمكيفات الهوائية. ورغم تخصيص أعوان لتنظيم الطوابير ومنع دخول أكثر من شخصين، إلا أن الظروف المحيطة، وعدم مبالاة هؤلاء الزبائن، وتعدد المبررات، جعل الأمر يفلت من المشرفين على عملية التنظيم. وفِي حسين داي، تجاوز أول أمس، زبائنها، كل الحدود، خاصة، بعد تعطل الموزع البريدي الآلي المتواجد في الخارج، ودخول زبائنه إلى المقر لاستعمال الثاني المتواجد في إحدى زوايا قاعة الاستقبال، وتوافد المواطنين الذين كانوا يسألون عن منحة المعاق. لكن أكثر شيء كان يلفت الانتباه، ويثير السخط والتعليقات، هو تواجد عجائز وشيوخ منهم من تخطى الثمانين سنة، ومنهم مصابون بأمراض مزمنة. وأثارت عجوز ثمانينية، كان يبدو أنها مصابة بالزهايمر، ضجة، حيث كانت تخرج وتعود إلى مركز البريد، مطالبة بسحب المزيد من رصيدها، وتسأل عن أماكن ترغب في الذهاب إليها، وتخترق عدة مرات طابور الزبائن. إجراء منح "الوكالة " يثير جدل وفِي هذا الموضوع، كشف الموثق، الرئيس السابق للغرفة الوطنية للموثقين، الأستاذ رشيد بردان، عن الأسباب التي جعلت الوكالة الخاصة بالصكوك البريدية، التي من المفروض أن يمنحها كبار السن لأحد أفراد العائلة، قصد النيابة عنهم في سحب الأموال، حيث قال إن هناك إشكالا موجودا على مستوى بريد الجزائر يتعلق بقانون منح الوكالة، حيث يطالب هذا الأخير بتجديدها كل سنة، وهو ما يقلق بعض الأشخاص لاسيما كبار السن، الذين يضطرون في كل مرة للذهاب إلى الموثق، وتجديد عقد الوكالة لمن ينوب عنهم في مراكز البريد. وأوضح، بردان، أن من يملك حسابا جاريا لدى بريد الجزائر، لا يمكنه منح وكالة تبقى سارية المفعول وغير محددة المدة، وهذا يراه مخالفا لما ينص عليه القانون، حيث إن الوكالة عندما لا تحدد المدة تبقى سارية ويعمل بها. وأكد أن انتهاء مفعول الوكالة، وأداء العمل بها، تنتهي، أصلا عندما يعزل الشخص الذي تم توكيله، أو بموت الوكيل أو الموكل. وبالنسبة للصكوك البريدية، فإن بريد الجزائر يرغم زبائنه، على تجديده كل سنة، خلافا لما ينص عليه القانون، الأمر الذي يراه الأستاذ رشيد بردان، مكلفا ومتعبا خاصة بالنسبة لكبار السن. وقال الأستاذ بردان، إن تكلفة توثيق الوكالة، تصل إلى 6 آلاف دج، وهو أمر آخر جعل المسنين وعائلاتهم، لا يفكرون في هذه الوكالة، وخاصة أن بريد الجزائر يطالب بتجديدها كل سنة. ودعا الموثق الرئيس السابق للغرفة الوطنية للموثقين، رشيد بردان، بريد الجزائر إلى العدول عن المطالبة بتجديد الوكالة، خاصة في هذا الطرف الاستثنائي، والاكتفاء بإثبات حياة الموكل عنهم في الصكوك البريدية، عن طريق شهادة الحياة أو البطاقة العائلية. وقال إن الشخص المحال على التقاعد، قد يقبض منحة أو معاشا ضعيفا، ولا يكفي لأن يدفع ثمن عقد الوكالة التي يمنحها لأحد أبنائه أو الشخص الموكل عنه. وفِي السياق ذاته، تطرق الأستاذ بردان، إلى مشكل آخر، يتعلق بالوكالة المتعلقة بسحب الأموال من مراكز البريد، والبنوك، وهو انعدام الثقة في أفراد العائلة، من طرف كبار السن، وخاصة المصابين بأمراض مزمنة، وهذا بالنظر إلى استغلال بعضهم ووقوعهم ضحايا لأبنائهم وأحفادهم، حيث أكد أن منح الوكالة لسحب الأموال، اعتقدها البعض أنها تمنحهم الحق في الاستيلاء على الرصيد أو أن الإرث يبقى من نصيبهم، مما يستدعي اختيار الشخص الذي تمنح له الوكالة، بعد مشاورة وتفكير طويل. تأخر العمل بالنظام الإلكتروني للدفع أحد أسباب الاكتظاظ وفِي السياق ذاته، يرى الأستاذ رشيد بردان، أن النظام الإلكتروني للدفع، بإمكانه الحد من حالة الاكتظاظ في مراكز البريد، وبقاء كبار السن في بيوتهم، مستغلين البطاقة الإلكترونية في تسديد فاتورة الماء والكهرباء والهاتف، دون عناء التنقل لسحب أموال من أرصدتهم. وقال إن على الجزائر أن تطور العمل البنكي والدفع الإلكتروني، وإن بريد الجزائر أصبح ضمن المنظومة البنكية، خاصة أن فئة كبار السن من المتقاعدين، تلقى صعوبات ولوج مراكز البريد. وتأسف الأستاذ رشيد بردان من تواجد فئة كبار السن، داخل مراكز البريد في ظل تزايد الإصابات بكورونا، وارتفاع درجة الحرارة، وغياب وسائل النقل، مشيرا إلى ضرورة تفعيل القوانين التي تحمي المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة.