أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أن الجزائر الجديدة لن تقبل بتكرار ما حدث في السابق ولن يكون فيها إقصاء لأحد، كما لن تسمح أن يكون فيها جزائري يلهث وراء كيس حليب، وأن التغيير الهيكلي للدولة الجديدة يتطلب دستورا توافقيا، وفيما أعلن عن تشديد العقوبات ضد الأشخاص المعتدين على الأطقم الطبية في المستشفيات، وهذا بموجب "أمرية رئاسية في شكل قانون" سيوقعه الأسبوع القادم، جدد التزامه باسترجاع الأموال المنهوبة. وقال الرئيس تبون في مقابلة مع مسؤولي بعض وسائل الإعلام الوطنية، سهرة الأحد "أنا أتألم كشخص وكمواطن وكرئيس، عندما يعتدى على أطباء وممرضين لم يروا أبناءهم منذ أربعة أشهر وهم في الواقع بمثابة مجاهدين"، مؤكدا "الأطباء هم تحت الحماية الكاملة للدولة الجزائرية والشعب الجزائري"، متأسفا لمثل هذه التصرفات، وأكد أن العقوبات ضد المعتدين، سواء بالعنف اللفظي أو الجسدي، ستتراوح ما بين 5 و10 سنوات سجنا نافذا. وانتقد الرئيس تأخر حصول مهنيي الصحة على المنحة الاستثنائية التي أقرتها الدولة كتعويض لهم، وقال "عيب كبير، في بعض الأحيان، توجد لامبالاة على المستوى التنفيذي في ابسط المسؤوليات، لكننا سوف نتصدى لهذه البيروقراطية"، مؤكدا أن هذه الأخيرة هي "العدو اللدود للمجتمع". وبخصوص عيد الاضحى المبارك، قال الرئيس أن "الأضحية من الناحية الدينية سنة، أما من الجانب الصحي، فهناك خطر (…) ولا يمكن التسامح مع من يعرض صحة المواطن للخطر"، وفيما يتعلق بغلق المساجد، قال الرئيس "كل الجزائريين يتأسفون لغلق المساجد، فيما يتحسر الشباب على غلق المساحات، ولكن لكل ظرف أحكام"، داعيا إلى التحلي باليقظة والوعي لمواجهة هذا الوضع. تحرير الاقتصاد الوطني من "عقلية الريع" وأكد الرئيس أنه قريبا سيتم إحداث تغييرات جذرية على الاقتصاد الوطني لتحريره من "عقلية الريع"، موضحا أن جهود الدولة سترتكز على إنشاء نسيج قوي من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة مدعم بشبكة من المؤسسات الناشئة المبتكرة والمؤسسات المصغرة، مؤكدا أن هذا النسيج سيكون قاطرة الاقتصاد الوطني مستقبلا، وقال "لا يمكن ان يبقى الاقتصاد سجينا للمحروقات (..) من الضروري تحريره واستغلال موارد بديلة يكون فيها المورد البشري اساس الانطلاقة الحقيقية للاقتصاد الوطني". وفي السياق، قال تبون ان "الدولة عازمة على تخفيض تأثير المحروقات على الاقتصاد الوطني إلى 20 بالمائة مع نهاية سنة 2021″، وتابع يقول "اقتصاد المعرفة والذكاء هو الأساس، والجزائر لحد الآن ما تزال عذراء وتتمتع بثروات كبيرة ما تزال غير مستغلة، لكن للأسف عقلية الريع ظلت جاثمة على الاقتصاد لعقود طويلة إلى درجة أن أصبحنا نستورد البراغي"، واضاف "ثروة المحروقات نعمة، لكن غياب العدالة واستشراء روح الاتكالية حولت هذه النعمة إلى نقمة.. آن الأوان لتحويل هذه الثروة الى أداة للتنمية"، وأكد أن "دعم قطاعات مثل الفلاحة والمؤسسات الناشئة موازاة مع كبح الاستيراد الفوضوي يسهم في تحقيق التنويع الاقتصادي المرجو". وربط تبون نجاح هذه الخطوة بتوفر "الإرادة والنية الحسنة نحو تغيير النمط الاقتصادي"، مشددا على وجوب أخلقة الحياة الاقتصادية، وقال الرئيس "الجائحة التي تمر بها الجزائر على غرار باقي دول العالم هي اختبار حقيقي وفرصة لتغيير منهجية العمل لما بعد كوفيد-19″، مؤكدا أن لقاء 16 و17 أوت المقبل حول خطة الإنعاش الاقتصادي والاجتماعي سيكون أرضية أساسية نحو اقتصاد قائم على الابتكار والتنويع. التغيير الهيكلي للدولة الجديدة يتطلب دستورا توافقيا في الشق السياسي، أكد الرئيس، أن التغيير الهيكلي للدولة الجديدة يتطلب "دستورا جديدا يأخذ العبرة من كل الدساتير الماضية ليكون توافقيا ويدوم لأطول مدة ممكنة"، ويحقق "إعادة اللحمة بين الجزائريين"، وأوضح أن الدستور الجديد "ستبنى عليه مؤسسات منتخبة وغير منتخبة ومجالس وهيئات وطنية أخرى تساعد في الرقابة، ثم التوصل من خلال هذا الدستور إلى قوانين تضمن أخلقة الحياة السياسية والاقتصادية". وأضاف الرئيس أن الجزائر "خرجت من أزمات متكررة ومن الوضعية التي عاشتها سابقا بدون مسؤول، والتي أدت بالشعب إلى فقدان لحمته ودخلنا في متاهات"، مشددا على أن الرغبة الحقيقية التي تحدوه هي "إعادة اللحمة بين أبناء الشعب الجزائري"، داعيا إلى "الفصل نهائيا بين الماضي والحاضر من اجل بناء مستقبل يكون امتدادا للحاضر"، وأبرز أن هدف الجزائر الجديدة يتمثل في "إنقاذ الوطن الذي يشكل واجبا وطنيا وحقا لكل الجزائريين"، مؤكدا أن "الجميع مرحب به للمشاركة من أجل الخروج من الوضعية التي تعيشها البلاد وتفادي دوامة ممارسة الإقصاء من طرف من يكون في التسيير". وأشار إلى أن "الرسالة الحقيقية ل22 فبراير هي إحداث تغيير في نمط تسيير البلاد"، مضيفا أن "تراكمات أزيد من 20 سنة تتطلب تغييرات جذرية لا يمكن تحقيقها بين عشية وضحاها"، مبرزا أن "النية الحسنة والإرادة موجودة" لتحقيق ذلك. تطهير المناخ ضرورة والقسطاس بين الجميع وبعد أن أكد "أن الدولة لن تكون قوية وعادلة إلا بالقانون"، شدد الرئيس على ضرورة "تطهير المناخ القديم"، متعهدا أن "الذي جرى سابقا لن يتكرر أبدا وأن الأمراض الاجتماعية والاقتصادية واللاأخلاق لابد أن تنتهي"، و"تحقيق ذلك لن يكون بالنية الحسنة فقط، بل بالقوانين". وفي رده على سؤال حول تصوره للدولة الاجتماعية، أكد أنها هي التي تكون "وفية للذين ضحوا بأنفسهم من أجل بناء دولة عادلة تحارب الفقر"، مشددا على ضرورة توزيع "الدخل القومي على المواطنين بالقسطاس"، مؤكدا أنه "لن يسمح بترك مواطنين يلهثون وراء كيس حليب"، و"لن يرضى بوجود فئة من المواطنين يشيدون منازل محترمة ويعيش أولادهم في ظروف محترمة وفئة أخرى تعيش في بيوت قصديرية"، موضحا أن "ضمان مبدأ تساوي الفرص بين المواطنين ضروري من منطلق أن الديمقراطية تبنى على هذا المبدأ".