وصف الرئيس الروسي طلب بريطانيا تسليمها عنصرا سابقا من عناصر المخابرات الروسية بتهمة ضلوعه في قتل المنشق الكسندر ليتفينينكو في لندن بأنه "الحمق بعينه".. وقال إن الدستور الروسي لا يسمح بتسليم رعايا الدولة إلى أية جهة خارجية، ولذا فإن كفاءة الادعاء البريطاني مثار شك لعدم علمه بهذه الحقيقة, وبذلك دخلت الأزمة السياسية بين بريطانيا وروسيا منعطفاً خطيراً أمس الجمعة. أعلن مدير المكتب الصحفي للقوات الجوية الروسية أمس الجمعة أن مقاتلات بريطانية ونرويجية اقتربت مراراً من طائرات إستراتيجية روسية، كانت تقوم بطلعات تدريبية, كانت تحلق قرب السواحل البريطانية والنرويجية والدنماركية والأيسلندية، ويجري تزويدها بالوقود في الجو بواسطة طائرات الصهاريج "ايل-78"، وفقاً لما نقلت وكالة "نوفوستي" الروسية للأنباء. وقال المتحدث العسكري، دروبيشيفسكي، إن مقاتلات "تورنادو" و"F-16" اقتربت أربع مرات من طائرتين روسيتين من طراز "تو-160" وأخريين من طراز "تو-95 م س"، عندما كانت تحلق فوق المياه المحايدة للمحيط المتجمد الشمالي والمحيط الأطلسي, مع العلم أن موسكو كانت قد قدمت إشعاراً مسبقاً، بأن طائراتها "تو-22 م 3"، و"تو-95 م س"، و"تو-160"، و"ايل-78"، ستحلق فوق المياه المحايدة على الخطوط الجوية الدولية، وفقاً لخطة تدريبات روتينية. وقد تدهورت العلاقات بين روسيا وبريطانيا بشكل سريع الأسبوع الماضي، حيث تبادلت الدولتان طرد الدبلوماسيين، على خلفية رفض موسكو الاستجابة لطلب لندن بتسليمها "اندريه لوجوفوي" أحد المتهمين في قضية مقتل العميل الروسي الأسبق، ألكسندر ليتفينينكو، أثناء إقامته بالعاصمة البريطانية, حيث وجهت له تهمة قتل ليتفينينكو, والذي بدوره ينفي ضلوعه في وفاة الأول, وقررت يوم الخميس، طرد أربعة دبلوماسيين بريطانيين من أفراد البعثة الرسمية العاملة لديها، رداً على طرد لندن لعدد مماثل من أفراد بعثتها، ويعتقد أن إجراءات لاحقة ستتبع هذه الخطوة، حيث أعلن ميخائيل كامينين، الناطق باسم الخارجية الروسية أن موسكو ستوقف إصدار التأشيرات للمسؤولين البريطانيين، رداً على خطوة مماثلة قامت بها لندن. في نفس السياق أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في لشبونة أن روسيا لم تتلق "أي وثيقة" من السلطات البريطانية تدعم اتهاماتها ضد أندري لوغوفوي الذي تعتبره لندن ابرز مشتبه به في مقتل الكسندر ليتفيننكو, أين وأوضح خلال مؤتمر صحافي اثر اختتام أعمال اللجنة الرباعية في لشبونة "لم نر أي وثيقة تبين أسباب اتهام السلطات البريطانية لوغوفوي" و"سبب الاشتباه به غير واضح", وأضاف "نحن لا نريد خلق مشكلة من هذا الوضع" مشيرا إلى أن الرئيس الروسي فلادمير بوتين "كرر انه يأمل في أن يتم تغليب المنطق", وقال "انه من الغريب أن يقال أن روسيا لم تتعاون مع بريطانيا, إن المحققين البريطانيين تم استقبالهم على الفور في روسيا وأجاب متعاونونا بنسبة مئة بالمئة في حين تطلب ذهاب محققينا إلى لندن ثلاثة أشهر من الانتظار", إلى جانب هذا أعلنت روسيا يوم الخميس وقف تعاونها مع بريطانيا في مجال مكافحة الإرهاب. من جهة أخرى حذر رئيس اتحاد رجال الأعمال الروس من أن الأزمة الدبلوماسية بين روسيا وبريطانيا قد تؤدي إلى انسحاب شركات عامة روسية كبرى من بورصة لندن إلى بورصات دولية أخرى, حيث نقلت وكالة أنباء ريا نوفوستي الروسية عن الكسندر شوخين قوله "إذا طال أمد هذه الأزمة، يمكن أن تغادر الشركات الروسية البورصة في بريطانيا وان تنتقل إلى أسواق البورصات القارية", من بينها أضخم شركة نفطية روسية "روس نفت" وعملاق الغاز "غازبروم". هذا, وانتقدت الصحافة البريطانية بشدة أمس إعلان موسكو طرد أربعة دبلوماسيين بريطانيين، متهمة إياها باعتماد سياسة تقوم على قمع المعارضين في الداخل والخارج, حيث اعتبرت صحيفة فايننشال تايمز في افتتاحيتها أن "تدهور العلاقات بين الشرق والغرب ناتج إلى حد بعيد عن روسيا", وكتبت أن روسيا "ترهب جيرانها وتمارس ضغوطا شديدة على معارضيها السياسيين في الداخل والخارج" داعية موسكو إلى "تغييرات جذرية في مقاربتها للعالم". ورأت فاينانشل تايمز انه "لا يمكن اعتبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مسؤولا جنائيا عن مقتل الكسندر ليتفيننكو بطريقة فظيعة لكنه مسؤول معنويا عن إحلال أجواء باتت فيها الخلافات السياسية تحل بالقتل", ووصفت الصحيفة المحافظة الإجراءات الروسية المضادة بأنها "مدمرة" داعية الطرفين إلى "الحد من العواقب المترتبة عن قضية ليتفيننكو", وكتبت "على موسكو أن تدرك بوضوح مشاعر الغضب التي نشأت في بريطانيا نتيجة ما حدث" مضيفة "من الواضح أن على بوتين بذل المزيد لمكافحة انعدام القانون", وتابعت "إن بريطانيا لا تزال ترغب في التعامل مع روسيا وعلى موسكو أن تظهر بالرغم من قرار الطرد استعدادها للتعامل مع العالم الحديث". واعتبرت صحيفة "ذي صن" الأوسع انتشارا بين الصحف البريطانية أن قرار روسيا يشكل "تراجعا", وكتبت انه "في ما يتعلق بثرواتها النفطية المكتشفة حديثا، تعلم روسيا انه لا يمكنها تصدير القمع الرسمي بدون عواقب, إن روسيا بحاجة إلى استثمارات أجنبية وهذا يتطلب منها أن تحظى بالاحترام وهي لن تحصل على أي من ذلك إذا ما أرسلت قتلة في العالم للقضاء على منتقدي بوتين", ومع هذا أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مساء الجمعة من برلين أن بلاده مستعدة لتطبيع علاقاتها مع بريطانيا كما نقلت عنه وكالة انترفاكس، وذلك في وقت يشهد فيه البلدان أزمة دبلوماسية كبيرة. للتذكير فقد شددت روسيا في ديسمبر من العام الماضي، على أنها لن تسلم بريطانيا أي مشتبه بهم في قضية وفاة الجاسوس الروسي ليتفينينكو، الذي توفي متأثراً بتسمم إشعاعي في 23 نوفمبر الماضي, أين حمّل ليتفينينكو، قبيل وفاته الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مسؤولية تسميمه، إلا أن الكرملين نفى أي تورط له في القضية، فيما تعهد المسؤولون الروس بتقديم كافة الدعم اللازم للشرطة البريطانية لإكمال تحقيقها, في وفاة ليتفينينكو قيد في الجهاز التجسسي الجديد - خدمات الأمن الفيدرالية FSB. واتهم ليتفينينكو عام 1998 رؤوسائه في FSB بتجنيده لقتل الثري الروسي النافذ بوريس بيرزوفسكي، كما اتهم عملاء الجهاز بتنسيق عملية تفجير مبنى سكني أدى إلى مقتل ما يزيد عن 300 شخص عام 1999.وأدت عملية التفجير إلى عودة القوات الروسية مجدداً لشن حرب في الشيشان, بعدها قضى الجاسوس المنشق تسعة أشهر خلف القضبان ما بين عامي 1999 و2000 بتهمة استغلال النفوذ، وفر إلى بريطانيا بمجرد تبرئته حيث طلب اللجوء السياسي في نوفمبر عام 2000. حسين زبيري/ سي أن أن/ أف ب