سيعود الجزائريون بعد أيام قليلة جدا إلى بيوت الله لتأدية صلواتهم فيها، لكن الأمر هذه المرة سيكون مختلفا تماما عمّا تعودوا عليه، لأن كوفيد 19 فرض قواعده الجديدة على المصلين المهددين في أي لحظة ب"الطرد" وغلق المسجد إذا لم يحترموا الإجراءات الصحية وحولوا المساجد إلى بؤرة لانتشار الوباء بشكل مضاعف مما هو عليه الآن. وتفرض المساجد خصوصية في التعامل نظرا للاحتكاك وتجمع أعداد كبيرة فيها في مساحات ضيقة، وهو ما جعل العديد من الجمعيات والهيآت الدينية والاجتماعية تسارع لطرح مقترحاتها ومخططاتها قصد إثبات التزامها والتزام المصلين الوافدين إلى المساجد بكامل الإجراءات الوقائية. وأوضح في هذا الشأن الإمام جمال غول رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة أنهم طرحوا منذ مدة مخططا وطنيا للفتح التدريجي للمساجد لدى الوزارة الوصية وهو ما تم اعتماده بنسبة كبيرة جدا. وبادرت بدورها الفيدرالية الجزائرية للمستهلكين باقتراح خطة عمل لإعادة الفتح تتقاطع في نقاط كثيرة مع مخطط المجلس الوطني المستقل للأئمة، حيث اكد زكي حريز أن المخطط يتضمن فتح المساجد لتأدية الصلوات الخمس فقط في المرحلة الاولى. ويتضمن المخطط شروط الوقاية والسلامة المقتبسة من توصيات المنظمة العالمية للصحة ووزارة الصّحة الجزائرية وكذا الأشخاص الذين يسهرون على تنظيم العملية وتأطيرها، مع الإشارة إلى مختلف الأخطار الممكن تسجيلها في المسجد مع ما يقابلها من معالجة. ومن بين أهم المقترحات التي تم اعتمادها بالإضافة إلى ارتداء الكمامات والتباعد بين المصلين ب"1 متر" وتعقيم الأيدي قبل الدخول للمسجد وبعد الخروج منه، الغلق التام لبيت الوضوء، حيث يتعين على المصلين الوضوء قبل القدوم إلى المسجد وجلب السجادات الشخصية، ومنع استعمال المصاحف و"السبحات" وأحجار التيمم ورفعها من المسجد وتعويضها بمصاحف وسبحات شخصية وأحجار خاصة، وكذا مشارب المياه والفوارات. وإلى جانب ذلك، أقرّ المخطط توقيف العمل بالمروحيات والمكيفات الهوائية ووضع سائل مطهر امام مدخل كل مسجد واستعمال جهاز قياس درجة الحرارة ووضع أحذية المصلين في أكياس فردية. وقصد احترام التباعد الاجتماعي، ستلجأ المساجد إلى استغلال أجنحة النساء وكذا المساحات الخارجية وتحويلها إلى مصليات للرجال لضمان التباعد مع وضع أشرطة لاصقة للدلالة على مكان كل مصل الذي لا يجب أن يتجاوزه. واقترح المخطط الإبقاء على الدروس الأسبوعية والحلقات معلقة إلى إشعار آخر مع فتح المساجد 10 دقائق قبل الآذان وإقامة الصلاة فور انتهاء الأذان على ان تغلق مرة اخرى 10 دقائق بعد انتهاء الصلاة، وتطهير المساجد بعد كل صلاة وهذه مهمة أوكلها المخطط إلى المحسنين المتطوعين والمصالح البلدية. وحدّد غول استنادا إلى المخطط مجموعة من الفئات الممنوعة من الصلاة وهم الأطفال الأقل من 15 عاما وأصحاب الأمراض المزمنة وكل من لا يحترم الإجراءات الوقائية، كما يمنع منعا باتا إدخال الأغراض الشخصية إلى المسجد. ويسهر على تطبيق هذه الإجراءات والتعليمات أئمة المساجد بالدرجة الأولى باعتبارهم أول المسيرين للمسجد ومساعديهم من مؤذنين وقيمين ومتطوعين وكذا جمعيات دينية إذا وجدت من خلال أعضائها ورئيسها وطلبة القرآن الجامعيين ومختلف الجمعيات الناشطة في مجال حماية المستهلك والجمعيات الجوارية الاجتماعية بالإضافة إلى طبيب جواري إذا وجد أو فرقة حماية مدنية إذا استدعى الأمر، حيث أعربت العديد منها عن انضمامها للمبادرة ماديا وبشريا. وبالنسبة لقرار الحكومة القاضي بفتح المساجد التي تصل طاقة استيعابها ألف مصل فقط، دعا جمال غول السلطات في الجزائر إلى إعادة النظر واستدراك القرار الذي يعتبر مجحفا في بعض البلديات التي لا تتوفر على مساجد بهذه الطاقة الاستيعابية، خاصة في المداشر والقرى التي لا تكثر فيها الكثافة السكانية وسكانها متباعدون، كما أن عدد المصلين في المساجد على مستواها لا يتجاوز العشرات. ويتوقع جمال غول تمديدا لفترة الحجر الصحي قريبا بعد فتح المساجد لتمكين المواطنين من تأدية صلاة الفجر والمغرب في بيوت الله، حيث ان التوقيت الحالي سيجعل الصلاة الممكنة في المسجد تقتصر على الظهر والعصر فقط، مستبعدا الترخيص لإقامة صلاة الجمعة في بداية الأمر والتريث إلى غاية الوقوف الفعلي على مدى نجاعة والتزام المصلين بالبروتوكول الصحي المفروض.