بلغ عدد المركبات المحجوزة بسبب غياب الملف القاعدي، 5600 مركبة بولاية سطيف، من أصل 8050 مركبة على المستوي الوطني، لازالت قضيتها محل جدل، في الوقت الذي يطالب أصحابها باسترجاعها بعد تصنفيهم ضحايا. هم مواطنون اشتروا سيارات بطريقة جد عادية، مع الالتزام بكل الإجراءات القانونية، بما فيها البطاقة الرمادية وسلامة الرقم التسلسلي، واستيفاء كل المواصفات التقنية، لكن في نهاية المطاف وجدوا أنفسهم محل متابعة قضائية مع حجز المركبة، لأنها لا تتوفر على ملف قاعدي. وبعد مثولهم أمام العدالة تم إنصافهم وصنفوا كضحايا، لكن الشك الظل قائما بخصوص المركبات التي بقت محجوزة في المحشر. هؤلاء الضحايا الذين التقيناهم عند محشر السيارات بسطيف، الواقع بأرض بلدية قجال، أبدوا حسرتهم الكبيرة لحرمانهم من مركباتهم ويقولون بأنهم اشتروا سياراتهم بعقود رسمية مستخرجة من الإدارة الجزائرية، وانتقلت إليهم ملكيتها بصفة شرعية، بل تم تداول هذه المركبات بين عدد من المواطنين مع إبرام عدة عقود بيع، وبعد مرور شهور وسنوات من امتلاك هذه السيارات فوجئوا، حسب تصريحاتهم، برفض بيعها من جديد مع حجزها في المحشر بسب غياب الملف القاعدي. وحسب السيد فيصل سلطاني، فإن سيارته هي أغلى ما يملك، واشتراها بصفة عادية منذ 3 سنوات، وتنقل بها إلى عديد الولايات، وخرج بها إلى تونس. وبعد مرور كل هذه المدة حجزت سيارته وأحيل ملفه على العدالة، التي صنفته في نهاية المطاف ضحية، لكن بالنسبة للمركبة لازالت في المحشر ولا يمكنه إخراجها. وهو حال العديد من الأشخاص الذين بلغ عددهم بولاية سطيف وحدها 5600 ضحية. وتضم القائمة رجال ونساء من مختلف الأعمار ومنهم عمال بسطاء وموظفون وإطارات وتجار. وأما السيد مفتاح الذي يقتات من بيع وشراء المركبات، فقد حجزت له سيارتان سعر الواحدة يقدر ب 250 مليون سنتيم، أي أن الرجل خسر 500 مليون سنتيم في رمشة عين، بسبب ما يسمى بالملف القاعدي، وهو الإجراء الذي كاد أن يدخله في حالة انهيار عصبي وفقد الأمل في الحياة لأنه لم يعد يجد ما يعيل به أولاده. وهو يتساءل عن الجرم الذي ارتكبه وكيف تحول من تاجر إلى مفلس بلا دخل، وذنبه الوحيد انه اشترى سيارتين وفق الطرق المعمول بها. ضحايا للنظام السابق؟! ويقول محدثونا بأنهم ضحايا قضية فساد، من مخلفات النظام السابق، وتعكس مدى التعفن الذي بلغته أطراف، تورطت في إدخال ملفات قاعدية لسيارات أجنبية المنشأ، وسجلتها في الشبكة الوطنية لتحمل صفة سيارات جزائرية بوثائق رسمية ورقم تسلسلي أصلي وشهادة خبرة مصادق عليه من طرف وزارة المناجم. والغريب أن هذه المركبات ظلت محل تداول في السوق واشتراها أكثر من زبون، لكن من وقعت عليه يد الرقابة، كان الخاسر الأكبر فيفقد مركبته ويجد نفسه أمام العدالة التي أنصفت أغلبية الضحايا، ومن حسن حظهم أنهم استفادوا من البراءة في الشق المدني المتعلق بالتزوير واستعمال المزور، لكن في الشق الجبائي ظلت السيارات مصادرة لصالح المديرية العامة للجمارك، قصد بيعها في المزاد العلني. وأمام هذه الوضعية المعقدة توجه الضحايا برسالة إلى وزير العدل، وسؤال كتابي مر عن طريق البرلمان، من أجل إنصاف هذه الفئة التي بلغ عددها 8050 ضحية على المستوى الوطني، وكان التساؤل حول السيارات التي دخلت بوثائق أجنبية. وكان من المفروض حسب القوانين المعمول بها، أن تخرج بعد 3 أشهر من التراب الوطني، لكن ذلك لم يحدث وبيعت هذه السيارات أكثر من 5 مرات بوثائق رسمية، وكل هذه المركبات دخلت عبر ميناء بغرب البلاد وتم تأمينها وتزويد أصحابها ببطاقات رمادية، وبعد بيعها في مختلف الولايات وجد مواطنون أبرياء أنفسهم محل متابعة قضائية، ودخلوا في متاهات ومتاعب اجتماعية ونفسية، وذنبهم الوحيد أنهم اشتروا سيارات كعامة الناس. ومن جهته رد وزير العدل حافظ الأختام بلقاسم زغماتي، على هذا التساؤل بالتأكيد أن القانون يكفل الحق لكل متضرر في اللجوء إلى القضاء، للمطالبة بالتعويض، وقد سبق يقول الوزير أن تم تحسيس النواب العامين ووكلاء الجمهورية لتمكين صاحب الحق وحسن النية من مركبته، وذلك في إطار ما يسمح به القانون، متى كانت المصادرة غير وجوبية ومتى توفرت في المعني الشروط الواردة في المادة 15 مكرر و2 من قانون العقوبات، التي تنص على أنه "يعتبر من الغير حسن النية الأشخاص الذين لم يكونوا محل متابعة أو إدانة من أجل الوقائع، التي أدت الى المصادرة ولديهم سند ملكية أو حيازة صحيح ومشروع على الأشياء القابلة للمصادرة". وهو الرد الذي بعث الأمل في نفوس المتضررين الذين يطالبون اليوم بتطبيق هذا النص لإنصافهم وتمكنيهم من استرجاع مركباتهم. والعبرة أن ما حدث لهؤلاء يمكن أن يقع مع أي مواطن جزائري.