تتوجه الأنظار صبيحة اليوم إلى محكمة سطيف التي ستبدأ النظر في أشهر محاكمة ستعرفها عاصمة الهضاب العليا بشأن اكبر فضيحة مالية واقتصادية هزت المنطقة والتي تتعلق بمجمع الرياضسطيف ضمن ما اصطلح على تسميته بفضيحة ال 280 مليار سنتيم، حيث سيمثل اليوم أكثر من 172 متهما في القضية. توصلت التحقيقات الأمنية التي قامت بها مصالح فرقة الأبحاث التابعة للدرك الوطني وكذا عناصر الفرقة الاقتصادية والمالية للشرطة زيادة على التحقيق القضائي إلى إدانتهم بتهم عديدة تدور حول تبديد أموال عمومية واستعمالها لصالح الغير وإساءة استعمال الوظيفة والمشاركة في التبديد والتزوير واستعمال المزور إضافة إلى ممارسة نشاط تجاري بدون وجه حق والاستفادة من تأثير أعوان مؤسسة اقتصادية، حيث تفيد المعطيات التي حصلنا عليها من خلال قرار الإحالة الذي تضمن 188 صفحة مليئة بالعجائب والغرائب المتعلقة بكيفيات سقوط هذا المجمع الضخم الذي كان أول مؤسسة تدخل البورصة عن طريق مسؤوليه وإطاراته الذين تواطؤوا مع التجار بطرق مكشوفة وأساليب مفضوحة في تمريغ أنف المجمع في التراب وتحويله إلى مضرب المثل في السرقة والاختلاس والتبديد وتكبيده خسائر وديون قاربت ال 300 مليار سنتيم. الفضيحة انفجرت إعلاميا بعدما تطرقت الشروق لأول مرة إلى الثغرة الموجودة في المجمع والتي توصلت إليها تحقيقات أمنية سرية شملت حوالي 05 سنوات من التسيير بالمجمع الأم المتواجد بسطيف وبعض الفروع التابعة له وذلك بتاريخ 14 فيفري 2006 أين توالت التحقيقات في كل صغيرة وكبيرة بناء على طلبات من نيابة الجمهورية لدى محكمة سطيف تزامنا مع تحريك نيابة الجمهورية بمحكمة بسكرة تحقيقا مماثلا ، والحصيلة أن 32 مسؤولا وإطارا بالمجمع أدينوا بتهم تتعلق بتبديد المال العام مع عدد رهيب من التجار في العديد من الفروع مقابل امتيازات خيالية لبعضهم البعض ورشاوي بمئات الملايين وتجاوزات خطيرة في التسيير سنعرضها حسب التسلسل الزمني وحسب الفروع المستهدفة. المتهم الرئيسي "PDG" عينه وزير سابق وعزله رئيس الحكومة السابق لعل الجميع يتفق على أن أكبر مسؤول أثار الجدل بالمجمع هو الرئيس المدير العام السابق (ب،ع) الذي اعترف رئيس شركة مساهمات الدولة سكحال خلال التحقيق معه بأن وزيرا سابقا لتسيير المساهمات والاستثمارات هو الذي اقترحه لهذا المنصب ابتداء من جويلية 2004 لغاية تدخل رئيس الحكومة شخصيا للأمر بتنحيته التي تمت بتاريخ 07/09/2005 نظرا للتجاوزات الخطيرة التي ارتكبها واستعمال أموال الشركة لأغراضه الشخصية وتفاقم مشاكل المجمع بكل فروعه خلال عهدته التي لم تعمر طويلا، حيث جاء في قرار الإحالة بأن المعني وظف ابنه بطريقة غير شرعية في مطاحن البييان قبل أن يحوله إلى إدارة المجمه ويسند له منصب رئيس مصلحة التحصيل مع انه لا يملك أي شهادة تؤهله لهذا المنصب، زيادة على توظيف أخيه كمدير عام مساعد بمطاحن البيبان قبل التظاهر بتنحيته وتعويضه بمبلغ 44 مليون سنتيم تزامنا مع تخصيص سائق شخصي للعائلة على حساب المؤسسة وشراء سيارة من نوع "بيام" للسماح بسائقه بالتنقل إلى بيته الكائن بسكيكدة مع استفادة هذا الأخير من تكاليف المهمة وقيامه بتأثيث فيلا أجرها بمبلغ مرتفع بسطيف على حساب خزينة المجمع وإفراطه في السفر والمبيت بالفنادق بسطيف والعاصمة وتحمل المجمع لكل فواتيره وغيرها من التجاوزات التي لا يصدق بشر بان الهيئات المسؤولة لم تكن على علم بها، خاصة وأن المتهم قام بتوقيع عقد مع احد المحامين بأجرة شهرية مقدرة ب 08 ملايين سنتيم بدون حساب الأتعاب وهي القضية التي كانت موضع خلاف كبير بين المتهم والأمين العام السابق للمجمع الذي تمت تنحيته من منصبه كمفتش عام جراء معارضته لسياسة ال PDG وقيامه في نفس السياق بتحويل عدد من الإطارات على العطلة الإجبارية وطرد بعضهم الآخر حتى تخلو الساحة له ولأمثاله من المسؤولين الذين سمحوا لشرذمة من التجار " الأحباب" بالاستحواذ على كل منتوجات المجمع خاصة المطلوبة بكثرة مثل " النخالة" التي حقق هؤلاء من وراء بيعها أرباحا خيالية في الوقت الذي شهد سلم ديون المؤسسة وفروعها العشرة ارتفاعا متواصلا في قيمة الديون غير المسددة إلى أن وصل 281 مليار سنتيم حسب بعض الخبرات والتحقيقات المنجزة. 13 ألف قنطار لتاجر واحد بمطاحن البيبان مطاحن البيبان بالبرج كانت عنوانا بارزا للفضائح حيث لم تشهد استقرار في المدراء المتعاقبين عليها بديل أن أحدهم المدعو (ب،ب) لم يعمل سوى شهرين فقط قبل أن يخلفه (ب،م) الذي تورط في منح قرابة 13 ألف قنطار من النخالة لتاجر واحد محظوظ رغم أن هذا الأخير مدان للمؤسسة بمبلغ يفوق ال 4.4 مليار سنتيم لم يسددها رغم مقاضاته، حتى وصلت ديون الفرع 15.8 مليار بين سنتي 2003 و2005، وهذا المسؤول متهم حسب التحقيق القضائي معه بتوظيف شقيق الرئيس المدير العام وقيامه بإدماج 04 عمال قبل صدور أحكام نهائية بشأنهم وكذا مواصلة تاجرين شقيقين بالتعامل بصكوك دون رصيد. تعفن بمطاحن الزيبان مطاحن الزيبان أيضا شهدت سيناريوهات خبيثة ألحقت بها الكوارث حيث تدخل المتهم الرئيسي (ب،ع) لصالح التاجر(ي،ت) الذي كان مدانا ب 5.2 مليار سنتيم لأجل منحه المزيد من السلع والمنتوجات وقام بالضغط لأجل توقيف عملية الحجز على عقاره بعد مقاضاته من طرف مدير عام الوحدة والاتفاق معه على تسديد ما قيمته 25 مليون سنتيم فقط شهريا بمعنى أن المؤسسة لن تسترد دينها إلا بعد حوالي 17 سنة هذا إذا تم احترام الآجال في وقتها، وقد اعترف احد المدراء العامين بهذا الفرع (ع،ع) بأنه تلقى ضغوطا كبيرة من النقابة والإدارة وكذا مسؤول شركة مساهمات الدولة سكحال من أجل تسهيل مواصلة نهب الشركة عن طريق زبائن معروفين في الوقت الذي كان يقدم التجار المحظيين صكوكا عادية ويقدمون دوريا وكالات لسجلات تجارية لأشخاص مدانين أصلا وهو ما عقد الأوضاع أكثر. من جهة أخرى اهتزت مطاحن الزيبان على وقع فضيحة الأجهزة الكهرومنزلية التي عثر عليها بمخازن الوحدة حيث تبين شراؤها من عند ممثل شركة سامسونغ أين كانت تحول بطريقة غير شرعية من المخزن نحو محلات للأجهزة بمدينة بسكرة ونحو بيوت المسؤولين الفاسدين، فيما كانت غالب التعاملات تتم بالرشاوي وباستعمال عدد كبير من السجلات التي انتشرت آنذاك ظاهرة كراؤها بمبالغ تصل إلى 05 ألف دج شهريا. مخزن قطع غيار ب 03 ملايير يباع ب600 مليون وبشركة الفوارة للنقل التابعة للمجمع والمتواجدة بسطيف أثيرت بشأنها عملية بيع مخزون قطع الغيار بطريقة غير قانونية من طرف المدير (ع،م) وبأُمان أقل بكثير من حقيقتها حيث تم البيع بمبلغ 600 مليون في الوقت الذي أكد البعض وصول المبلغ الحقيقي إلى حدود ال 03 ملايير سنتيم، علما بان محافظ البيع بالمزاد العلني الذي أشرف على عملية البيع أكد قانونية العملية واحترامها لكل الإجراءات القانونية، من جهة أخرى أكد التحقيق على قيام المدير العام لمطاحن الهضاب العليا (ر،ك) بتجديد اتفاقيتين تجاريتين لبعض التجار بعد ضغوط من النقابة ومجلس إدارة الشركة رغم تعاملهم بصكوك دون رصيد. سيارة 406 لمسؤول النقابة و 42 صكا بدون رصيد في يومين مطاحن الحضنة بالمسيلة أبدعت هي الأخرى في في مسلسل التبديد حيث باع مديرها العام مخبزتين تابعتين للشركة الأولى ب 153 مليون سنتيم والثانية ب 142 مليون سنتيمكما قام بشراء سيارة من نوع 406 لرئيس الفرع النقابي قصد التنقل بها تزامنا مع ترقيته إلى منصب مدير مركزي بالفرع رغم أن هذا المنصب لا يوجد سوى بالمجمع الأم. وبمطاحن سيدي عيسى كان التجار يتعاملون تقريبا بالصكوك دون رصيد حيث يكفي للتدليل على حالة الفوضى التي تطبع العمل هناك إرجاع بنك الفلاحة والتنمية الريفية ل 42 صكا في يومين، فيما تحجج مسؤولوا نفس البنك بوجود بعض الأخطاء الفنية في النظام الالكتروني للإعلام الآلي الذي لم يكشف حالة الصكوك في الوقت المناسب علما بان التحقيقات كشفت في هذا الإطار رجوع الصكوك بعد أشهر فيما تنص التعليمات والقوانين الجديدة على الإسراع في العملية (05 أيام). كرونولوجيا المتابعات القضائية الأخيرة -24/07/2006: نيابة الجمهورية ببسكرة تفتح تحقيقا ضد 04 مدراء عامون ورئيس مدير عام بجنحة تبديد أموال عمومية والتزوير وحمل الغير على الإدلاء بإقرارات كاذبة، وضد 19 تاجرا من أجل ممارسة التجارة بغير وجه حق. -18/04/2007 بعد الخبرات المحاسبية التي تمت على مستوى المجمع وفروع الهضاب العليا، البيبان، الحضنة والزيبان تم توجيه الاتهام ل 93 متهما. -09/04/2007 فتحت النيابة بمحكمة سطيف تحقيقا قضائيا بناء على تحقيقات الشرطة والدرك الوطني ضد 25 إطارا بالمجمع بتهمة تبديد أموال عمومية و06 تجار بتهمة المشاركة في التبديد. -29/04/2007 تخلي قاضي تحقيق محكمة بسكرة للقضية لصالح محكمة سطيف. -12/05/2007 ملف مطاحن الزيبان يرد إلى مجلس قضاء سطيف. - حتى 28/05/2007: توالي توجيه الاتهامات لأزيد من 30 متهما. حقائق مرة تنشر لأول مرة: - أكد التحقيق القضائي وفقا للخبرات المنجزة أن المجمع لم يحقق أي نتائج إيجابية منذ سنة 2002، حسب ما أكدته مراسلة رئيس مجلس مديري شركة مساهمات الحبوب إلى الوزير المنتدب المكلف بالمساهمات وترقية الاستثمار بتاريخ 08/05/2004 والتي ورد فيها التقهقر الخطير للوضعية المالية والاقتصادية للمجمع، ورغم ذلك استمر النهب المنظم والمبرمج بطريقة بشعة. - الإدارة العامة للمجمع كانت تتدخل في السياسات التجارية للفروع وفي موضوع الاتفاقيات التجارية مع التجار والزبائن وحتى في المسائل المتعلقة بتحصيل الديون. - ثبت أنه تم تجاوز كل المسائل والشروط المطلوبة قانونا في ما يتعلق بالتعامل مع الزبائن، خاصة ما يتعلق بتحديد سقف القروض، تقديم الضمانات التامة، تحديد آجال التسليم والتسديد... - بلغ حجم الأموال المبددة، حسب الحصيلة الأولية للتحقيق، 140 مليار سنتيم حصة الأسد منها تمت بمطاحن البيبان بمبلغ 63 مليار سنتيم، تليها مطاحن الزيبان بمبلغ 41 مليار سنتيم، ثم مطاحن الحضنة ب 21 مليارا وأخيرا مطاحن الهضاب العليا بحجم 14 مليار سنتيم. -قام قاضي التحقيق فوداد جمال الذي أشرف على هذا الملف الخطير بالإفراج المؤقت عن حوالي 23 متهما ثبت أن لا وجه للمتابعة ل 10 منهم لانعدام الدليل و09 آخرين لانعدام الجريمة واثنان لصدور حكم نهائي في المدني ومتهم بقي مجهولا لغاية اليوم، فيما انقضت الدعوى للمتهم الأخير (امرأة) بسبب وفاته، وغالبية هؤلاء مزيج من الإطارات والعمال والزبائن. -قام قاضي التحقيق أيضا في إطار الإجراءات المعمول بها بتجميد الحسابات البنكية لبعض المتهمين وحجز ممتلكات عقارية للبعض الآخر، في انتظار ما تسفر عنه الجولة الأولى من المحاكمة. تفاصيل قانونية عن الشركة الأم - كانت "ارياض" سطيف تسمى الشركة الوطنية "للمسامد" قبل أن تتحول سنة 1990 إلى شركة مساهمة تحت سلة صناديق المساهمة للدولة. - تمت إعادة هيكلة الشركة سنة 1997 إلى 10 شركات فرعية تابعة، والمجمع هو الذي يمتلك رأس مال كل الشركات التابعة له وهو الذي يراقبها في تطبيق الخطوط العريضة لسياسته، غير أن لتلك الشركات الحرية في تحديد سياستها التجارية في حدود السياسة العامة للمجمع نصرالدين معمري