التمست الإثنين النيابة العامة لدى محكمة الجنايات بمجلس قضاء وهران إدانة 8 متهمين ب10 سنوات سجنا نافذا، منهم مهندسون، لارتكابهم جناية الإشادة بالأفعال الإرهابية وتشجيعها، في قضية حرّكها في البداية مجرد إعلان بحث بسيط عن طفل قاصر تفاجأت عائلته بأمر اختفائه في ظروف غامضة، قبل أن تلعب الصدفة دورها في العثور عليه، والأهم من ذلك في الكشف عن خيوط جماعة كانت وراء ذلك الاختفاء، والتي أسفر تعميق التحقيقات الأمنية بشأنها عن ميولها نحو الفكر التكفيري الذي يتبناه تنظيم "داعش" الإرهابي، وكان الطفل الضائع محل استغلال من طرفها. تعود تفاصيل هذا الملف إلى شهر ديسمبر من سنة 2016 بولاية وهران، حين تفطنت عائلة قاصر يدعى (ج. ر) بمنطقة عين البيضاء لخروج ابنها من البيت من دون عودة، وهو الذي كان يعرف عنه تردده المستمر على مسجد أسامة بن زيد، أين توسعت صحبته بين مراهقين من أقرانه وأشخاص آخرين كثر يكبرونه سنا وخبرة في الحياة، لكن كل تلك الرفقة لم تجْدِ عائلته نفعا في الاهتداء بها إلى مكانه. وشاء القدر أن تؤتي إرسالية بحث وطنية لمديرية الأمن الولائي أكلها، على إثر التبليغ عن حالة ضياع تقدم بها والد الطفل المختفي، حيث عثر عليه في ولاية المسيلة، وبالصدفة عندما كان يشرف أعوان تابعون لمصالح الأمن على عملية تفقد هوية الحاضرين لندوة علمية نظمتها آنذاك جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. وكان الطفل (ج.ر) ضمن الحشود الحاضرة، ليتم التفطن بأن المعني محل بحث اجتماعي بموجب إرسالية وطنية للشرطة، ما استدعى ذات المصالح إحالته على خلية الأحداث للنظر في أمره، وهناك فاجأ الطفل الضائع الشرطة بتفاصيل غاية في الخطورة، تحدث فيها عن علاقته بالمتهم (ت. إ)، وهو متخرج من كلية الهندسة الميكانيكية، والذي تعرف عليه من خلال المدعو (ك.م)، الذي كان أنذاك طالبا في علوم الشريعة، وكان يقوم في كل مرة بإلقاء خطب على مسامعهم تتطرق في مجملها لمواضيع حول الجهاد، ومن خلال هذا الأخير ربط علاقات صداقة مع معارفه على الفايسبوك، أبرزهم المتهم الرئيسي المدعو (ع.م.ا)، القاطن بولاية المسيلة، والذي حاول في عدة فرص استقطابه في اتجاه ما يحدث في سوريا والعراق. وأشار القاصر إلى تلقيه في إحدى المرات صورة لأمير جماعة إرهابية تنشط في ولاية المدية، حيث استغل المتهم الرئيس الضغوط الرهيبة التي كان يتعرض لها الطفل من طرف والده، والتي جعلته يتمرد في تلك السن الصعبة على وضعه الاجتماعي، ليفكر حينها في "الحرقة" وحينا آخر في الهروب من واقعه بأي وسيلة أخرى تمكنه من ذلك، قبل أن يستقبل من صديقه (ع.م.ا) دعوة على صفحته الفايسبوكية لحضور تلك الندوة العلمية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ليقرر القاصر الالتحاق بها وقبلها الالتقاء بالمتهم الرئيس، الذي استضافه في منزل جاره بالمسيلة المتهم (س.م)، وهناك تعرف على (د.ح)، وهو مهندس في الكيمياء والمدعو (د.م)، هذا الأخير الذي ضبط بحوزته عند تفتيشه قرص وميض محملة عليه صور وفيديوهات تحرض على "الجهاد" لصالح جماعات من تنظيم داعش.