مثل 25 متهما أمس، أمام محكمة الجنايات بمجلس قضاء الجزائر للمحاكمة بمحاولة تأسيس فرع للتنظيم الإرهابي بسورياوالعراق "داعش" فيما يزال 14 متهما في نفس القضية في حالة فرار، على رأسهم المدعو "م.محمد" المكنى "أبو مرام الجزائري" الضابط الشرعي للتنظيم الإرهابي المذكور، فيما تمكّن آخرون من الفرار من معاقل التنظيم بعدما اصطدموا بوحشيته. وكشفت التحرّيات التي انطلقت سنة 2014 من قبل فصيلة مكافحة الإرهاب أن الشبكة تعد بمثابة نواة تأسيس لتنظيم "داعش" في الجزائر، وهو ما بينه عدد المنخرطين والوسائل التي ضبطت بحوزتهم منها مبالغ مالية قدّرت ب 500 أورو لدى كل واحد، كما تبين أن المتهمين دُرّبوا على استعمال الأسلحة الحربية في مخيم ببودواو بولاية بومرداس الذي تحوّل إلى معسكر لتدريب الشباب على القتال بعد إغرائهم بالأموال وزواج المتعة. إرهابي عائد من "داعش" يروي وحشية التنظيم وخلال المحاكمة اعترف المتهم "ح.عمر" أنه التحق بمعاقل التنظيم في سوريا ومكث عدّة أشهر قبل أن يقرّر العودة الى أرض الوطن هاربا من وحشيته "داعش"، وأكد نفس المتهم انه تعامل مع الارهابي الجزائري المكنى "أبو مرام " مفتي "داعش" عندما كان يملك طاولة باحد الأسواق حيث كان يحدثه في بادئ الأمر عن المسائل الفقهية الا أن ومع مرور الوقت أصبح يتحدثان في مسألة "الجهاد" في سوريا وصار يحرّضه على الإلتحاق ب"داعش"، مضيفا بأنه في أحد الايام تلقى مكالمة هاتفية من شقيقه "ح.ياسين" وأخطره بأنه قرّر السفر إلى سوريا، عندها قرّر بدوره السفر أيضا فكان في الدفعة الثانية المتكونة من خمسة اشخاص وتم استقبالهم في تركيا في فيلا متواجدة على الحدود مع سوريا. وقال الارهابي "ح.عمر " أن تعامله مع تنظيم "داعش" في سوريا جعله يتأكد بأن التنظيم لاعلاقة له بالدين الاسلامي، مضيفا أنه "وجد أشخاصا ملتحين يتعاطون المخدّرات، كما شاهد فتيات قاصرات يتم اغتصابهن والتداول عليهن في غرف مغلقة من طرف عناصر التنظيم الارهابي". وبخصوص ظروف عودته إلى الجزائر، أفاد المتهم أنه تحجج بإصابته بمرض الربو وبان لديه اطفال صغار في انتظاره، كما اتصل بعائلته لتساعده على تسليم نفسه للمصالح الأمنية التي اوقفته بالمطار. وانطلقت التحرّيات بناء على معلومات وردت إلى المصالح المذكورة مفادها التحاق عدد من الشباب المنحدرين من مدينة بودواو بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، حيث تم تجنيدهم من طرف مفتي داعش "ابو مرام الجزائري" الذي كان يرأس المخيم العسكري وحلقات بمسجد الرحمة. ووجهت محكمة الجنايات للمتهمين جناية تأسيس جماعة إرهابية هدفها المساس بأمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية، والانخراط في جماعة إرهابية تنشط بالخارج، جنحة تحرير وقائع غير صحيحة ماديا والإشادة بأفعال ارهابية، طبع ونشر وثائق تشيد بأعمال إرهابية،جنحة عدم الإبلاغ عن جناية، حمل سلاح محظور بدون امر من السلطات المختصة ومخالفة احكام التشريع والتنظيم. وجاء في محاضر مصالح الأمن أن الإرهابي المكنى "ابو مرام الجزائري" المتواجد في معاقل تنظيم "داعش" اتصل بكل من "ب.اسامة" و"ك .زهير" عبر الفايسبوك وأخطرهم بأنه أصبح ضابطا شرعيا للتنظيم، كما أرسل اليهما صورا للمتهمين في ساحات القتال من بينهم المتهم الفار "ح.حسين". وكشفت معاينة اجهزة الهواتف النقالة واللوحات الالكترونية وأجهزة الاعلام الالى المحجوزة لدى المتهمين أن "أبو مرام" كان يعمل على اقناعهم للالتحاق به في سوريا وكان يقدم لهم مساعدات مالية مقدّرة ب 500 اورو. وخلال التحقيق اعترف المتهم "ك.زهير" انه التقى "ابو مرام" خلال الحلقات التي كان ينظمها بمسجد الرحمة، وبقي يتواصل معه حتى بعد التحاقه بتنظيم "داعش"، كما قام بإرسال دعوات لكل من يعرفه عبر "الفايسبوك" للالتحاق به. هذا وضبط بحوزة المتهم "ك.زهير" صور وروايات ارهابيين وعلم تنظيم الدولة الاسلامية، اضافة إلى صور العمليات الإرهابية التي قام بها جزائريون يقاتلون ضمن التنظيم، ومبلغ مالي فضلا عن وصية لوالدته في حال وفاته، وأرقام هاتفية لدول اجنبية في قصاصة ورقية، وتبين للمحققين أن "ك.زهير" كان يلعب دور المنسّق بين باقي المتهمين والضابط الشرعي لتمكينهم من السفر الى تركيا ومن هناك الى معاقل التنظيم الإرهابي بسوريا. من جهته، اعترف المتهم "ب.أسامة" أنه يعرف جميع المتهمين الذين غادروا ارض الوطن باتجاه العراقوسوريا للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية حيث اقتنع بفكرة "الجهاد" خلال الحلقات التي كان يلقيها "ابو مرام" بمسجد الرحمة، كما قدّم نفس المتهم أسماء باقي المتهمين الذين كانوا يحضرون الحلقات. كما خلصت التحريات إلى أن المتهمين شكّلوا نواة تأسيس الجماعة الارهابية الدولية، كما اسّسوا مخيما صيفيا بمدينة بودواو ومعسكر للتدريب العسكري والتجنيد الفكري لصالح تنظيم "داعش" في سورياوالعراق تحت امرة المفتي "م.محمد". التصريحات التي ادلى بها المتهمون ساعدت مصالح الأمن على توقيف المتهمين قبل السفر الى تركيا ومن بينهم المتهمين "ش. أمين" عامل بشركة طباعة الذي اعترف بأنه التقى خلال شهر رمضان 2104 بالمتهم الفار "ش.محمد" وأكّد له أن صديقا حميما للإرهابيين ""ح.حسن" و"ح.قويدر" اللذين كانا ينشطان تحت إمرأة "عبد المالك قوري" امير ما كان يعرف ب"جند الخلافة"، والذي تم القضاء عليه من طرف مصالح الأمن سنة 2014. خلال تفتيش منزل المتهم "ش.أمين" عثر على فيديوهات وصور للأعمال الإرهابية التي ارتكبت بالجزائر، غير أنه قال أنها مستنسخة من شبكة الأنترنيت، ناكرا إعادة نشرها أو توزيعها على أشخاص آخرين، اضافة إلى حجز مناشير تحريضية مستخرجة من منبر "التوحيد والجهاد" للكاتب "محمد بن عبد الوهاب"، اضافة إلى هواتف نقالة تضمنت ذاكرتها صور إرهابيين يحملون أسلحة نارية وعبارات تمجد الأعمال الإرهابية. كما كشفت مجريات التحقيق أن أفراد الشبكة الإرهابية ارتكبت جرائم اقتصادية تتعلق بمخالفة أحكام التشريع والتنظيم الخاصين بالصرف وحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج وحيازة وحمل أسلحة نارية وذخيرة، على غرار المتهم "ر.محمد رضا" صاحب محل لخدمات الهاتف وبيع العملة الصعبة الذي ضبطت بحوزته قارورة مسيلة للدموع ومبالغ مالية قدرت ب 3265 أورو و900 دولار أمريكي ومبالغ مالية أخرى من العملات التركية والسعودية والقطرية، حيث اتضح أن المتهم كلف من قبل باقي المتهمين بتحويل العملة الوطنية إلى عملة أجنبية من أجل مساعدتهم على الالتحاق بالتنظيم الإرهابي "داعش".
المتهمون وخلال محاكمتهم أمس، أنكروا للوقائع المنسوبة اليهم وبرروا محاولة إلتحاقهم ب"داعش" بحضور جنازات بعض المتهمين الذين نفّذوا عمليات انتحارية بسورياوالعراق على أساس أنهم جيرانهم، كما أكدوا ان حضورهم حلقات ابو مرام الجزائري كان من باب الإطلاع أكثر على بلدين وان حيازتهم على نفس المبلغ المالي من العملة الصعبة وجوازات السفر وتأشيرات الى تركيا كان من باب الصدفة.