بعد أن فاجأت العالم اجمع بشجاعتها وصبرها وحكمتها في التعامل مع المصاب الجلل الذي حل بالعائلة، وبتونس بفقدها زوجها شكري بلعيد، واحد من المناضلين والمحامين والسياسيين المدافعين عن كرامة وحرية الشعب التونسي على اختلاف توجهاته وإيديولوجياته، بسمة الخلفاوي، زوجته ورفيقة دربه منذ أيام الجامعة تكشف "للشروق" تفاصيل وحقائق عن جريمة الاغتيال في هذا الحوار. . أولا نعزّيك باسم كل الجزائريين في فقيد تونس، والعالم العربي المناضل السياسي والمحامي شكري بلعيد. وصلتني معلومات وأخبار عن تفاعل الشعب الجزائري مع جريمة اغتيال شكري بلعيد، و تعاطفهم معنا من خلال الفايسبوك والإعلام، وأقولها من قلبي وبدون أي مجاملة تعلمت حب الجزائر من شكري الذي طالما كان يحكي عن شعبها، ويؤكد دائما كلما تحدثنا عنها أن الجزائريين إخوان التوانسة، ويقول "نحبهم برشة برشة"، أشكر كل الجزائريين الذين تعاطفوا معنا وساندونا، وهو ما كان منتظرا في الحقيقة من شعب شقيق وشجاع مثل الشعب الجزائري. . ما تعليقك على دعوة الجبالي لتأسيس حكومة تكنوقراط؟ وما رأيك في موقف راشد الغنوشي من الفكرة؟ وزير الحكومة لم يستقل مثلما أشيع بل أعلن عن فكرة حكومة تكنوقراط، ونحن كعائلة الفقيد وحزبه لا نرفض الفكرة بل نعتبرها مقترحا عقلانيا سيؤدي إلى إنهاء حالة الاحتقان، لان المواطن التونسي الذي خرج إلى الشارع بكل شجاعة هو الشرعية اليوم وليست حكومة فشلت في حفظ أمن مواطنيها.
"وصلتني معلومات عن جهاز موازٍ في الداخلية يحضّر لاغتيالات أخرى"
كما قلت .. الفكرة منطقية ومن شأنها إخراج تونس إلى بر الأمان ولكن للأسف راشد الغنوشي، يرفضها ضاربا عرض الحائط التخصصات وقرارات السلطة وصلاحيات رئيس الحكومة. . هل وجهت اتهامات مباشرة لحركة النهضة، فيما يتعلق باغتيال شكري بلعيد؟ وهل كنت على علم بالتهديدات التي وصلته قبل تنفيذ الجريمة؟ نحن لم نوجه أصابع الاتهام بالقتل لحركة النهضة وإنما حملناها كامل المسؤولية باعتبارها الحزب الحاكم الذي من المفروض أن يرعى ويحمي كل المواطنين، حزب النهضة كسلطة قائمة و وزارة الداخلية عجزا عن توقيف العنف، وأؤكد أن بعض المساجد دعت إلى قتل شكري بلعيد، منذ أسابيع وكفّرته وأباحت دمه ولم تتخذ الحكومة أي إجراءات لمنع وإيقاف موجة العنف، و الدعوات المتطرفة في هذه المساجد وليس كل المساجد لأنه والحمد لله لا زالت بيوت الله في تونس تدعو أيضا إلى التسامح وقيم الإسلام، هذه الدعوات مسجلة وموجودة وأكيد وزارة الداخلية بلغتها معلومات فلماذا لم تتحرك؟
"احمّل وزارة الداخلية مسؤولية أي أذى يلحقني وابنتايّ"
ونحمّل أكثر المسؤولية لراشد الغنوشي الشيخ المتشدد وصاحب الآراء العنيفة، فالكل لاحظ تصريحاته شديدة اللهجة والعنف الذي يتضمنها كلما تضررت مقرات النهضة أو غيرها من المواقف التي تخرجه للإدلاء بتصريحات، الغنوشي يمثل الشق المتشدد في حركة النهضة. . إذا لماذا رفضت العائلة حضور الحركة والترويكا بشكل عام للجنازة؟ فعلا لم ولا نقبل أن تعزّينا حكومة تبرر العنف، نرفض أن نعزى من حزب يحاول القيام بمسيرات ضد من خرج مساندا لشكري بلعيد مطالبا بالعدالة، أي شريعة أو أي قانون يبيح قتل إنسان بريء برصاصتين في الرأس ورصاصتين في الجسم؟ أي إنسان يقدم على تيتيم طفلتين وترميل زوجة، في رأيي لو قبلنا العزاء لكنا نقبل بطريقة غير مباشرة أن تتشفى فينا وكأنها تبسط وتنشر روح الحقد. . كيف تعاملت العائلة مع محاولة بعض الأشخاص نبش قبر شكري بلعيد؟ وزير الدفاع التونسي، مشكور لأنه تحرك مباشرة ودون أن ندري حتى لأخذ الاحتياطات و تأمين حراسة للقبر بمجرد وصول أنباء عن عزم مجموعة من المتطرفين نبش قبره، اشكره كثيرا على هذا الإجراء. . هل من جديد في التحقيق؟ والله لا معلومات لحد الآن وصلتني فقط أخبار تقول بأن التحقيقات تحقق تقدما، ولكن لا جديد ملموس. . هل وصلتك أي تهديدات بعد اغتيال زوجك دفعتك لطلب حماية من وزارة الداخلية على المباشر؟
"انتظروا كتابا وتسجيلات عما قاله شكري بلعيد في الإسلام"
لما بدأت التهديدات تصل زوجي لم تتحرك وزارة الداخلية للتحقيق فيها، والمفروض أن تفعل ذلك دون أن يطلب المواطن الأمر بنفسه، ولكن اليوم ابلغها بنفسي أنني وابنتاي قد نكون معرضات للخطر، واحمّلها أمام الرأي العام كامل المسؤولية في توفير الحماية والأمن اللازمين خاصة بعد ما بلغني من معلومات عن جهاز موازٍ في وزارة الداخلية، برمج عملية اغتيالات سياسية وقدّموا أدلة على خضوع هذا الجهاز للتدرب على السلاح، وبغض النظر عن صحة المعلومات أو لا، يبقى أن هذا الكلام خطير جد وانه يحيل إلى تجربة جزائرية جديدة، وعليه طلبت الحماية وطلبت من أصدقائنا أن يفعلوا نفس الشيء. . لطالما كنت ممن لا يحبون الأضواء.. هل تنوين فعلا خوض تجربة سياسية في تونس؟ نعم سأحمل مشعل شكري بلعيد، داخل الحزب وداخل الجبهة الشعبية وسأواصل الدرب على نهج شكري بلعيد وأفكاره الإنسانية والديمقراطية الراقية. . بماذا تردّين على ما يروج عبر "الفايس بوك" لأخبار من قبيل تبوّل شكري بلعيد على المصحف وإساءته للإسلام باعتباره معارضا يساريا؟
شكري بلعيد لم يسئ في حياته للإسلام ولا للأشخاص على اختلاف أفكارهم وقناعاتهم، كل ما روج عنه من انه أساء للمصحف الشريف أيام الجامعة وغيره من الإشاعات مجرد أكاذيب يروجها أعداؤه "الصغار جدا" في نظري، لأنهم غرباء على الدين وعلى تونس وعلى التوانسة. شكري بلعيد، كان يكتب مقالات عن الرسول وانجازاته، فلطالما اعتبر الإسلام أغنى وأثرى و أعمق تجربة في تاريخ الإنسانية، ومشروعي هو إصدار كل ما كتبه من مقالات عن الإسلام وما سجل من محاضرات ومداخلات له في نفس الموضوع، ليتعرف الناس أكثر على شخصية شكري بلعيد الذي يحترم الديمقراطية ويقدّس الحرية.